الوفاء بالعهد يعني كل ما عوهد عليه الله وجميع المواثيق بين عباده، أي أن العهد بمعنى الوصية، ويأتي العهد في اللغة أيضًا بمعنى ما يكتبه الوالي، كما يعرف بالأمان وهو يمين موثق، ويعني الذمة والوصية، وهو مصدر الفعل عهد، ويرتبط بشكل مباشر بالوفاء، فالوفاء في اللغة هو إتمام العهد وإكمال الشرط، ويقال أن الفرد أوفى عهده أي أنه أتمه ، وقد ذُكر في حديث عن الوفاء بالعهد عن الرسول صلّ الله عليه وسلم أنه قال ” من كان بينَه وبين قومٍ عهدٌ ، فلا يشدُّ عقدةً ولا يحلَّها ، حتَّى ينقضيَ أمدُها أو ينبذَ إليهم على سواءٍ “

انواع الوفاء بالعهد

يُعرف الوفاء بصفة عامة بأنه صفة راسخة في نفس الفرد تقوم على أساس طهارتها وعلو قدرها، وتصدر عنها المحافظة على العهد وإتمامه، فالوفاء بالعهود صفة أخلاقية وإنسانية لها شأن عظيم، حيث أنها تكشف صدق صاحبها واستقامته، ومن شأنها أيضًا تقوية الثقة المتبادلة بين الأفراد وزيادة التعاون في المجتمع مع تقوية الروابط فيه.

للوفاء بالعهد أربعة أنواع وهم :

الوفاء بالعهد مع الله سبحانه وتعالى.

ـ الوفاء مع رسول الله صلّ الله عليه وسلم.

ـ الوفاء مع النفس.

ـ الوفاء مع الناس في الأقوال والأفعال.

الوفاء بالعهد هو خلق نبوي وسلوك إسلامي، ذلك لأن من أساس سلوكيات الإسلام الإلتزام بالعهود واحترامها، فلا يكون هناك تعاون بين الأفراد وبعضهم البعض إلا بالوفاء بالعهود والإلتزام بها، فالعهد يؤدي إلى تنافر قلوب الناس، وعدم قدرتهم على التعايش والتعاون فيما بينهم، فوصف الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز من يفي بالعهد بأفضل الصفات فقال الله سبحانه وتعالى ” لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا  وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ).

ما المقصود بنقص العهد

وصف الله سبحانه وتعالى نقض العهد بصفات سيئة لأنه ينبع عنه سوء الأخلاق والعديد من العادات السيئة، فقال الله سبحانه وتعالى “فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىٰ خَائِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِّنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ).

طرق الوفاء بالعهد

تنقسم طرق الوفاء بالعهد إلى نوعين، وهما العهود بين الله عز وجل والإنسان، والعهود بين الناس، وتختلف طريقة الوفاء بهم، على النحو التالي :

ـ العهود بين الله وخلقه، تُعد من أعلى العهود مكانة وأعظمها شأنًا، فقد خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان وأنعم عليه بنعمه وأمره بعبادته وحده لا شريك له، وترك عبادة الشيطان، فقال الله سبحانه وتعالى ” وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَىٰ ذَٰلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ).

كما أمر الله بالإيمان الفطري بالله عز وجل في قوله تعالى “وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَىٰ شَهِدْنَا أَن تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَٰذَا غَافِلِينَ).

ويتم الوفاء لله سبحانه وتعالى أيضًا بإلتزام المسلمين بتعاليم دينهم وإتباع شرعه وسنة رسوله، ونشر العلم وتفصيله، والجهاد في سبيل الله.

ـ الوفاء بالعهود بين الناس، وهي تعني إلتزام الفرد بقوله أو كتابته واحترام عهوده التي يبرمها تجاه الآخرين، عدم نقض اليمين والحرص على الإلتزام به واحترامه، ويسير على أساس تربية الأبناء والاحسان إليهم وإعطائهم حقوقهم وعدم إهمالها، والحفاظ على حقوق الجار.