الأذان مشتق من أذن ، والأذان في اللغة الإعلام بالأمر، أو الإعلان عنه ، ويعرف الأذان شرعا على أنه النداء للصلاة ، أو الإعلام بوقت الصلاة بألفاظ معلومة مأثورة ، وجدير بالذكر أن الأذان شرع في عهد رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في المدينة المنورة، وكان ذلك بسبب رؤيا رآها أحد الصحابة، وهو عبد الله بن زيد بن عبد ربه رضي الله عنه، وكان ذلك بعد أن هم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بضرب الناقوس، وهو له كاره بسبب مشابهته للنصارى ، حيث رأى ذلك الصحابي وهو نائم رجلاً عليه ثوبان أخضران وفي يده ناقوس يحمله، فقال للرجل: (يا عبد الله أتبيع الناقوس؟)، قال: (وما تصنع به؟)، فقال الصحابي : (ندعو به إلى الصلاة)، قال: (أفلا أدلّك على خيرٍ من ذلك)، فقال: (بلى) ، قال: (تقول الله أكبر الله أكبر، إلى نهاية الأذان)، ثم أفاق عبد الله بن زيد -رضي الله عنه- من نومه، وفي الصباح ذهب إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأخبره بما رأى

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنَّها لرؤيا حقٍّ إن شاء اللهُ، فقُمْ مع بلالٍ فألْقِ عليه ما رأيتَ فليُؤذِّنْ به فإنَّه أندَى صوتاً منك)، فقام عبد الله بن زيد مع بلال يلقنه الأذان ، وبلال يؤذن به ، فسمعه عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وهو في بيته، فخرج مسرعاً يجر ردائه ويقول: (والذي بعثك بالحق لقد رأيت مثل الذي أُرِي)، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فلله الحمد

وهكذا كان إقرار النبي -عليه الصلاة والسلام- تشريعاً للأذان وكلماته التي رآها عبد الله بن زيد -رضي الله عنه- في منامه، ولا شكّ أن إقرار النبي -عليه الصلاة والسلام- للفعل يعد تشريعا له ، إذ إن العلماء قد عرفوا السنة بكل ما ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم، من قول  ، أو عمل، أو تقرير.

ينبغي الإشارة إلى أن الرؤية جزءاً من سبعين جزء من النبوة، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الرؤيا الصالحةُ جزءٌ من سبعينَ جزءاً مِنَ النبوةِ فمن رأى خيراً فليحمَدِ اللهَ عليه وليذكرْه ومَنْ رأى غيرَ ذلكَ فلْيستعذْ باللهِ من شرِّ رؤياه ولا يذكرْها فإنّها لا تضُرُّهُ)، ومما يؤكد أن الرؤية التي رآها الصحابي في منامه رؤية حق موافقتها لرؤية عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقد سبق له موافقة الوحي والتشريع الإلهي من قبل، بالإضافة إلى ما روته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: (إنَّه كان قد كان فيما مضى قبلَكم من الأممِ مُحدَّثونَ، وإنَّه إن كان في أمَّتي هذه منهم فإنَّه عمرُ بنُ الخطَّابِ)، وقد فسر ابن وهب قول النبي عليه الصلاة والسلام :(مُحدَّثونَ) بالملهمون.

شروط الأذان والمؤذن

هناك شروط يجب توفرها في الأذان والمؤذن ؛ حتى يكون الأذان صحيحاً، وهي :

– النية : ينبغي وجود النية قبل الشروع في الأذان ، فلا يصح أذان المجنون، أو السكران، أو الطفل غير المميز.

– العلم بدخول الوقت : إذ لا يصح الأذان قبل دخول الوقت، أو بعد خروجه.

– ذكورية المؤذن : فلا يجوز أن تؤذن امرأة ؛ لأن الأذان ليس من عملها، ولم تؤمر به لا في عهد النبي عليه الصلاة والسلام، ولا في عهد الخلفاء الراشدين، ولا يجزي أذانها عند جمهور الفقهاء.

– الترتيب في الأذان : لأن الإعلام عن الصلاة ؛ أي تحقيق القصد من الأذان، لا يتم إلا بالالتزام بترتيب الأذان.

– عدالة المؤذن وحسن أمانته : حيث يكره أذان الفاسق الذي لم يجاهر بفسقه، والأصل وجود مؤذن راتب مسؤول.

– الامتناع عن التمطيط والتطويل والتلحين :  فهذا كله لا أصل له في السنة.

– الموالاة : فقد اشترط لصحة الأذان موالاة أجزائه.

– أذان الشخص ذاته : فلا يصح الاستعاضة عن المؤذن بالمذياع، أو المسجل، أو ما شابه.

– عدم التغيير في الأذان :  وذلك بالامتناع عن النقص، والزيادة، وتغيير المعنى.

متى زيد الاذان الثاني لصلاة الجمعة

بدأ الأذان للجمعة مرتين في عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه والسبب كثرة الناس ، وقد صدر من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء فتوى في ذلك هذا نصها : ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين فتمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ… )) الحديث . والنداء يوم الجمعة كان أوله حين يجلس الإمام على المنبر في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما ، فلما كانت خلافة عثمان وكثر الناس أمر عثمان رضي الله عنه يوم الجمعة بالأذان الأول ، وليس ببدعة لما سبق من الأمر باتباع سنة الخلفاء الراشدين .

والأصل في ذلك ما رواه البخاري والنسائي والترمذي وابن ماجة وأبو داود واللفظ له: ((عن ابن شهاب أخبرني السائب بن يزيد أن الأذان كان أوله حين يجلس الإمام على المنبر يوم الجمعة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما فلما كان خلافة عثمان وكثر الناس أمر عثمان يوم الجمعة بالأذان الثالث فأذن به على الزوراء فثبت الأمر على ذلك) وقد علق القسطلاني في شرحه للبخاري على هذا الحديث بأن النداء الذي زاده عثمان هو عند دخول الوقت سماه ثالثا باعتبار كونه مزيدا على الأذان بين يدي الإمام والإقامة للصلاة وأطلق على الإقامة أذان تغليبا بجامع الإعلام فيهما ، وكان هذا الأذان لما كثر المسلمون فزاده عثمان رضي الله عنه اجتهادا منه،  ووافقه سائر الصحابة بالسكوت وعدم الإنكار فصار إجماعا سكوتيا .