المرء في هذه الدنيا محاط بالأخطار من كل جانب، وهو بطبعه ضعيفٌ، فتنهشه الأخطار من كل حدب وصوب، حتى يهلك بين أنيابها، ولولا لطف الله لهلك الجميع، ولكن المرء قوي بالله تعالى، وقد جعل الله له ما يحميه بل ويجعله أقوى من الشرور والأخطار.. إن طوارق الشر محدقة بالإنسان، وأن الجن والإنس يكيدون بالإنسان ويخططون للنيل منه، وأن الله قد جعل للمسلم ما يحميه منها.. وإن ذكر الله هو سلاحك الذي يحميك بإذن الله، خصوصًا أذكار الصباح والمساء فلا تغفل عنها، بل عليك أن تحفظها عن ظهر قلب، وأن تكررها..
الفرق بين الأذكار والتحصين
يرتبط التحصين بالأذكار ؛ حيث أنه عبارة عن أدعية وأذكار وأوراد تقوم بحفظ الإنسان من شرور الإنس والجن بإذن الله تعالى ، ولذلك فإن التحصين جزء من أهداف الأذكار التي يقولها الإنسان بهدف التقرب من الله تعالى ، وقد قال رسول الله صلّ الله عليه وسلم ” مَنْ قَالَ : بِسْمِ اللَّهِ الَّذِي لَا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ لَمْ تُصِبْهُ فَجْأَةُ بَلَاءٍ حَتَّى يُصْبِحَ ، وَمَنْ قَالَهَا حِينَ يُصْبِحُ ثَلَاثُ مَرَّاتٍ لَمْ تُصِبْهُ فَجْأَةُ بَلَاءٍ حَتَّى يُمْسِيَ”.
ومما ورد أيضًا عن الرسول صلّ الله عليه وسلم حينما جاءه رجل قائلًا ” يَا رَسُولَ اللهِ! مَا لَقِيتُ مِنْ عَقْرَبٍ لَدَغَتْنِي البَارِحَةَ” فقال له النبي “أَمَا لَوْ قُلْتَ حِينَ أَمْسَيْتَ : أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ لَمْ تَضُرَّكَ” ، وهو ما يؤكد أن الأذكار هي حصن لكل مسلم من الشرور التي قد تصيبه في يومه ، وورد أيضًا عن النبي عليه أفضل الصلاة والسلام في نفس المعنى “مَنْ قَالَ حِينَ يُمْسِي ثَلاَثَ مَرَّاتٍ : أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ ، لَمْ يَضُرَّهُ حُمَةٌ تِلْكَ اللَّيْلَةِ”.
وقد يقصد الإنسان أن يحصل على الأجر والثواب من الأذكار بجانب التحصين ، وبذلك يحصل الإنسان على أجر العمل الصالح كما تزداد حسناته إن قصد التعبد لله تعالى ؛ حيث أن الأعمال تكون بالنيات كما قال الرسول صلّ الله عليه وسلم “إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى” ، ويتضح من هذا الحديث الشريف أن الإنسان قد يعمل عملًا وينوي منه الكثير من الأمور ؛ فيحصل على الأجر من الله تعالى تبعًًا لنيته.
كيفية تحصين البيت بالأذكار
من الضروري أن ينتبه المسلم إلى عدة أمور من أجل تحصين بيته من الشياطين بذكر الله تعالى ، ومن هذه الأمور :
القيام بذكر الله عند دخول البيت ؛ حيث ورد عن الرسول صلّ الله عليه وسلم أنه قال “إِذَا وَلَجَ الرَّجُلُ بَيْتَهُ ، فَلْيَقُلْ : اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَ الْمَوْلَجِ ، وَخَيْرَ الْمَخْرَجِ ، بِسْمِ اللَّهِ وَلَجْنَا ، وَبِسْمِ اللَّهِ خَرَجْنَا ، وَعَلَى اللَّهِ رَبِّنَا تَوَكَّلْنَا ، ثُمَّ لِيُسَلِّمْ عَلَى أَهْلِهِ”
الإكثار من ذكر الله بقول بسم الله والأذكار المختلفة ، وذكر السلام على أهل البيت سواءًا كان هناك أحد أم لم يوجد ؛ حيث قال الله تعالى “فَإِذَا دَخَلْتُم بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً”
القيام بذكر الله عند الطعام والشراب ، وقد قال الرسول صلّ الله عليه وسلم “إذا دخلَ الرَّجُلُ بيتَه فذكرَ اللهَ عزَّ و جلَّ عندَ دُخولِه و عِندَ طعامِه ؛ قالَ الشَّيطانُ : لا مَبيتَ لكُم و لا عَشاءَ ، إذا دخلَ فلَم يذكرِ اللهَ عِندَ دخولِه ، قالَ الشَّيطانُ : أدرَكتُم المبيتَ ، و إنْ لَم يذكرِ اللهَ عندَ طعامِه ، قالَ الشَّيطانُ : أدرَكْتُم المبيتَ و العَشاءَ”
الإكثار من قراءة القرآن الكريم داخل البيت ، وقد قال الله تعالى “فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (98)إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ”.