قال الله تعالى في كتابه العزيز في سورة الغاشية: (أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ* وَإِلَى السَّمَاء كَيْفَ رُفِعَتْ* وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ* وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ* فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ* لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ).
في تلك الآيات الكريمة اختص الله سبحانه وتعالى الإبل دون غيرها من جميع المخلوقات الحية، وجعل النظر إلى طريقة خلقها يسبق التأمل في كيفية رفع الله للسماوات ونصبه للجبال وتسطيحه للأرض، كما أنه يدعونا إلى النظر والتأمل في تلك المخلوقات وجعلها مدخل للإيمان الخالص ببديع صنع الله وقدرة خلقه.
في تلك الآية الكريمة حضنا الله جل وعلى بأسرار الخلق بشكل جميل ورفيق على التأمل والتفكير وفي خلق الجمال أو الإبل كما قال الله سبحانه وتعالى، باعتبار ذلك دليل على عظمة خلق الله سبحانه وتعالى وحسن تدبيره وكمال قدرته، ولقد كشف لنا العلم الحديث عن العديد من الحقائق المبهرة في كيفية خلق الإبل كدليل على حصول القرآن الكريم على السبق في أن يشير إلى تلك المخلوق المعجزة الذي يوضح لنا عظمة الخالق سبحانه وتعالى.
الإعجاز العلمي في خلق الإبل
– أول الأشياء التي تقوم بلفت النظر إلى الإبل هو شكلها الخارجي الذي يعد تكوينه مليء بالآيات البيانية الآخذة بالألباب، فعند النظر إلى أذني الإبل نجد أنهما صغيرتان ذات بروز قليل، بالإضافة إلى أن الشعر يغطيهما من كل النواحي، حتى يحميها من الرمال التي تأتي مع الرياح، بالإضافة إلى قدرتها على أن تلتصق بالرأس في حالة هبوب عاصفة رملية أو تنثني إلى الخلف.
– أما عن منخار الأبل فنجد أنه يأخذ شكل شقان ضيقان يحوطهما الشعر وتكون حافتهما على شكل لحمية مما يتيح للجمل أن يقوم بإغلاقهما حفاظا على رئتيه مما تحمله الرياح من رمال.
– وكذلك عيون الإبل التي تتمتع برموش طويلة مكونة من طبقتين كالفخ، بحيث تتداخل ببعضهما مما يمكنها من حماية عينيها ومنع دخول الرمال بها، أما عن ذيل الإبل الذي يحاط من الجانبين بالشعر حتى يقوم بحماية الأجزاء الخلفية من حبيبات الرمل التي تثار بواسطة الرياح التي تشبه وابل طلقات من الرصاص.
– وعندما نأتي إلى قوائم الإبل فنجد أنها طويلة حتى تقوم برفع جسده عن الكثير مما يثار أسفله من الغبار، بالإضافة إلى أنها تقوم بمساعدته على خفة حركته واتساع خطوته، أما عن أقدامه فنجد أنها محصنة بواسطة خف مغلف بالجلد القوي الغليظ الذي يضم وسادة لينة عريضة تتسع عندما يخطو الجمل بعا على الأرض، وبالتالي يتمكن من السير على أي نوع من الرمال حتى أكثرها نعومة، وذلك من الصعب أن تقوم به إي دابة غيره مما يجعله أحق مخلوق بلقب سفينة الصحراء.
– فلا تزال الإبل حتى يومنا هذا في العديد من المناطق القاحلة وسيلة للسير في الصحاي، فقد تتمكن قوافل الإبل بما تحمله من متاع وزاد أن تقطع قرابة الخمسة وستين كيلو متر يوميا في حين أنه لم تتمكن السيارات عندما وضعت في مقارنة مع الإبل من أن ترتاد تلك المناطق الوعرة من الصحراء.
– وقد خلق الله سبحانه وتعالى عنق الإبل مرتفعة للتمكن من أن تأكل طعامها من النباتات التي تخرج من الأرض، بالإضافة إلى أنها يمكنها أن تقضم أوراق الشجر العالية عندما تقابلها، بالإضافة إلى أن تلك العنق الطويل يزيد من رأس الإبل إرتفاعا بعيدا عن الأقذاء وتساعد الجمال على أن تنهض محملة بالأثقال.
– في حالة برك الجمل للحصول على الراحة أو النخ للإعداد للرحيل فإن جثمه الثقيل يعتمد على وسائد من الجلد السميك القوي على مفاصل رجله، ويوقوم بالإرتكاز بمعظم وزنه على كلكله، حتى أنه لو جلس بجسده فوق إنسان أو حيوان طحنه طحنا.
– تمتلك معدة الإبل أربعة وجوه ويمتاز جهازه الهضمي بالقوة بحيث يتمكن من أن يهضم أي شيء بخلاف الغذاء مثل المطاط، ولا تقوم الإبل بالتنفس من خلال الفم أو عن طريق اللهث مهما اشتدت الحرارة أو زاد العطش وبذلك تتمكن من تجنب تبخر المياة.
تنظيم حرارة جسم الإبل
يتميز الإبل بأنه لا يقوم بفرز العرق إلا بالقدر القليل في حالة الضرورة وذلك لأن جسده يمتلك القدرة على أن يتكيف مع الحياة في ظروف الصحراء التي تتميز بتغير درجات الحرارة بنت النهار والليل، ونظرا لأن جسم الإبل يغطيه الشعر بشكل كثيف مما يجعله يتمكن من الإنعزال عن الحرارة ومنعها من الوصول إلى جلده.
إنتاج الإبل للمياه
تقوم الإبل بإنتاج المياه التي تساعدها على تحمل العطش والجوع من خلال الشحوم المحملة في سنامه بشكل كيماوي لا يستطيع الإنسان مضاداتها، فمن المتعارف عليه أن المواد الكربوهيدراتية والشحوم عندما تحترق في الجسم ينتج عنها الماء وثاني أكسيد الكربون.
حليب الإبل
يعد الحليب الناتج من الإبل إحدى الأعاجيب التي جعلها الله سبحانه وتعالى مقتصرة على الإبل، حيث أن الناقة تحلب في المتوسط لمدة عام بأكمله بمعدل مرتين في اليوم الواحد بتوسط إنتاج يومي قدره من 5: 10 كيلو جرام من الحليب، ويبلغ متوسط إنتاجها السنوي من 230: 260 كيلو جرام.