إدارة شؤون الدولة الاسلامية

بدأ أبو بكر إدارة شؤون الدولة بعد مبايعته بالخلافة، واتخذ من الصحابة أعواناً يساعدونه على ذلك، فأسند إلى أبي عبيدة بن الجراح شؤونَ بيت المال، وتولى عمر بن الخطاب القضاء، وباشر أبو بكر القضاءَ بنفسه أيضاً، وتولى زيد بن ثابت الكتابة (البريد)،وأحياناً يكتب له من يكون حاضراً من الصحابة كعلي بن أبي طالب أو عثمان بن عفان.

الولاية والولايات

استعمل أبو بكر الولاة في البلدان المختلفة، وكان ينظر إلى حسن اختيار النبي محمد للأمراء والولاة على البلدان فيقتدي به في هذا العمل، ولهذا فقد أقر جميع عمال الرسول الذين توفي الرسول وهم على ولايتهم، ولم يعزل أحداً منهم إلا ليعينه في مكان آخر أكثر أهمية من موقعه الأول ويرضاه، كما حدث لعمرو بن العاص.وكانت مسؤوليات الولاة في عهد أبي بكر بالدرجة الأولى امتداداً لصلاحياتهم في عهد النبي محمد، أما أهم مسؤولياتهم في عهد أبي بكر فهي: إقامة الصلاة وإمامة الناس، والجهاد، وإدارة شئون البلاد المفتوحة، وتعيين القضاة والعمال عليها، وأخذ البيعة للخليفة، وبعض الأمور المالية كالزكاة والجزية، وإقامة الحدود، وتأمين البلاد، وكان لهم دور في تعليم الناس أمور دينهم، وفي نشر الإسلام في البلاد التي يتولَّون عليها، وكان الكثير من هؤلاء الولاة يجلسون في المساجد يعلمون الناس القرآن والأحكام.

وقد قُسمت الدولة الإسلامية في عهد أبي بكر إلى عدة ولايات، وهذه أسماء الولايات والولاة:

  1. المدينة المنورة: عاصمة الدولة الإسلامية، وبها الخليفة أبو بكر.
  2. مكة المكرمة: وأميرها عتاب بن أسيد الأموي القرشي، ولاه الرسول محمد، واستمر مدة حكم أبي بكر.
  3. الطائف: وأميرها عثمان بن أبي العاص الثقفي، ولاه الرسول محمد، وأقره أبو بكر عليها.
  4. صنعاء: وأميرها المهاجر بن أبي أمية المخزومي القرشي، وهو الذي فتحها ووليها بعد انتهاء أمر الردة.
  5. حضرموت: وأميرها زياد بن لبيد الخزرجي.
  6. زبيد ورقع: وأميرها أبو موسى الأشعري.
  7. خولان: وأميرها يعلى بن أبي أمية.
  8. الجند: وأميرها معاذ بن جبل الخزرجي.
  9. نجران: وأميرها جرير بن عبد الله البجلي.
  10. جرش: وأميرها عبد الله بن ثور الغوثي.
  11. البحرين: وأميرها العلاء بن الحضرمي.
  12. العراق والشام: كان أمراء الجند هم ولاة الأمر فيها.
  13. سلطنة عمان: وأميرها حذيفة بن محصن القلعاني.
  14. اليمامة: وأميرها سليط بن قيس الخزرجي.

القضاء في عهد ابو بكر الصديق

يعد عهدُ أبي بكر بدايةَ العهد الراشدي القريب من العهد النبوي، فكان العهدُ الراشدي عامة والجانبُ القضائي خاصة امتداداً للقضاء في العهد النبوي، مع المحافظة الكاملة والتامة على جميع ما ثبت في العهد النبوي، وتطبيقه بحذافيره وتنفيذه بنصه ومعناه. وقد كان أبو بكر يقضي بنفسه إذا عرض له قضاء، ولم تُفصَل ولاية القضاء عن الولاية العامة في عهده، ولم يكن للقضاء ولايةٌ خاصة مستقلة، كما كان الأمر في عهد الرسول محمد، ففي المدينة عهِدَ أبو بكر إلى عمر بن الخطاب بالقضاء ليستعين به في بعض الأقضية، ولكن هذا لم يُعطِ لعمر صفة الاستقلال بالقضاء.وأقر أبو بكر معظم القضاة والولاة الذين عينهم الرسول محمد، واستمروا على ممارسة القضاء والولاية أو أحدهما في عهده.

وأصبحت الأحكام القضائية في عهد أبي بكر موئلاً للباحثين، ومحطاً لأنظار الفقهاء، وصارت الأحكام القضائية لتلك الفترة مصدراً للأحكام الشرعية والاجتهادات القضائية والآراء الفقهية في مختلف العصور.وقد ساهمت فترة خلافة أبي بكر في ظهور مصادر جديدةٍ للقضاء في العهد الراشدي، فقد صارت مصادرُ الأحكام القضائية هي: القرآن الكريم، والسنة النبوية، والإجماع، والقياس، والسوابق القضائية أو التقليد، والرأي الاجتهادي مع الشورى.