قال الإمام البخاري رحمه الله :
عن عبد الله رضي الله عنه قال رسول الله صل الله عليه وسلم : « إني لأعلم آخر أهل النار خروجًا منها وآخر أهل الجنة دخولًا رجل يخرج من النار حبوًا فيقول الله : اذهب فادخل الجنة فيأتيها فيخيل إليه أنها ملآى فيرجع فيقول : يا رب وجدتها ملآى فيقول : اذهب فادخل الجنة فيأتيها فيخيل إليه إنها ملآى فيرجع فيقول : يا رب وجدتها ملآى فيقول : اذهب فادخل الجنة فإن لك مثل الدنيا وعشرة أمثالها – أو إن لكل مثل عشرة أمثال الدنيا فيقول تسخر مني أو تضحك مني وأنت الملك »، فلقد رأيت رسول الله صل الله عليه ضحك حتى بدت نواجذه وكان يقال ذلك أدنى أهل الجنة منزلة ». [حديث صحيح ]
قال الإمام مسلم رحمه الله :
عن أنس بن مسعود أن رسول الله صل الله عليه وسلم قال : « آخر من يدخل الجنة رجل فهو يمشي مرة ويكبو مرة وتسفعه النار مرة فإذا ما جاوزها التفت إليها فقال : تبارك الذي نجاني منك لقد أعطاني الله شيئًا ما أعطاه أحدًا من الأولين والآخرين، فترفع له شجرة فيقول أي رب أدنني من هذه الشجرة فلأستظل بظلها وأشرب من مائها فيقول الله عز وجل : يا ابن آدم لعلي إن أعطيتكها سألتني غيرها فيقول : لا يا رب ويعاهده أن لا يسأله غيرها وربه يعذره لأنه يرى ما لا صبر له عليه فيدنيه منها فيستظل بظلها وبشرب من مائها ثم ترفع له شجرة هي أحسن من الأولى فيقول : أي رب أدنني من هذه لأشرب من مائها وأستظل بظلها لا أسألك غيرها فيقول : يا ابن آدم ألم تعاهدني أن لا تسألني غيرها، فيقول : لعلي إن أدنيتك منها تسألني غيرها فيعاهده أن لا يسأله غيرها وربه يعذره لأنه يرى ما لا صبر له عليه فيدنيه منها فيستظل بظلها وبشرب من مائها ثم ترفع له شجرة عند باب الجنة هي أحسن من الأوليين فيقول : أي رب أدنني من هذه لأشرب من مائها وأستظل بظلها لا أسألك غيرها وربه يعذره لأنه يرى ما لا صبر له عليه فيدنيه منها فإذا أدناه منها فيسمع أصوات أهل الجنة فيقول : أي رب أدخلنيها فيقول يا ابن آدم ما يَصْريني منك ؟ أيرضيك أن أعطيك الدنيا ومثلها معها ؟ قال : يا رب أتستهزئ مني وأنت رب العالمين » فضحك ابن مسعود فقال ألا تسألوني مم أضحك ؟ فقالوا مم تضحك ؟ قال : هكذا ضحك رسول الله صل الله عليه وسلم فقالوا : مم تضحك يا رسول الله قال : « من ضحك رب العالمين حين قال : أتستهزئ مني وأنت رب العالمين فيقول إني لا أستهزئ منك ولكني على ما أشاء قادر ». [حديث صحيح ].
معاني الكلمات التي وردت بالحديث :
– في اللسان النواجذ : أقصى الأضراس وهي أربعة، وقيل هي التي تلي الأنياب.
– يكبو : معناه يسقط على وجهه.
– تسفعه : تضرب وجهه وتسوده وتؤثر فيه أثرا.
– يصيرني : يقطع مسألتك مني.
في ضوء الحديث :
يبين لنا الحديث مدى اتساع رحمة الله عز وجل وحلمه على عباده، على الرغم من كونهم خطائين فهذا الرجل هو آخر رجل يخرج من النار وآخر من يدخل الجنة وعلى الرغم من ذلك يعامله رب العزة بصبر ولين ورفقة به، ويقدر كونه يرى ما لا صبر له عليه وذلك من أهوال النار وعذابها وأهوال يوم القيامة مما يجعل القلب والعقل في حالة تخبط وهو ما يعلمه رب العزة عن عبده لذلك يعامله بكل رفق ولين ويدني له من الشجر ما يطلب حتى يشرب وتطيب نفسه وفي النهاية يأسأله عنما يرضيه وهو خالق الكون جل جلاله حتى ان العبد ظن أن الله يستهزأ به، ولكن يخبره الله أنه على ما يشاء قادر تبارك وتعالى وتنزهت صفاته وأسمائه.