يعد باب الأيمان من أهم الأبواب الفقهية لأن بعض الأيمان تعد من الكبائر التي توقع صاحبها في الاثم ومنها اليمين الغموس التي تعد من كبائر الذنوب، فعن ‏عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال جاء أعرابي فقال يا رسول الله ما الكبائر فقال صلي الله عليه وسلم الإشراك بالله، وعقوق الوالدين ، قتل النفس ، واليمين الغموس. وانطلاقا من أهمية تلك اليمين هيا بنا نتعرف عن اليمين الغموس.

تعريف اليمين الغموس
هي أن يحلف شخصا على أمر ما حدث في الماضي كاذبا عالما بإثم ما يفعله وإن فعل ذلك فعليه التوبة عن ذنبه ولزوم الاستغفار، فهي يمين كاذبة استحقت حق أخيك في الاسلام دون وجه حق، فهي من أسباب دخول المسلم النار.

سبب تسمية اليمين الغموس بذلك الاسم
ذكر العلماء أنها سميت غموساً ‏لأنها تغمس صاحبها في النار أو في الإثم، وعبر العلماء مرة بالانغماس في النار، ومرة بالانغماس ‏في الإثم، فلا يوجد هناك منافاة ولا تعارض بين العبارتين، لأن الانغماس في الإثم سبب في الانغماس في ‏النار، قال صاحب لسان العرب إن اليمين الغموس هي التي تغمس صاحبها في الإثم، ثم في ‏النار.‏ وهناك رأى آخر بأنها تغمس صاحبها في الإثم في الدنيا وفي النار في الآخرة.

أدلة تحريم اليمين الغموس وصحة أنه من الكبائر
1- قول الله تعالي في كتابه العزيز ( إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا)
2-عن أبي أمامة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه، فقد أوجب الله له النار، وحرم عليه الجنة، فقال له رجل: وإن كان شيئا يسيرا يا رسول الله؟ قال: وإن قضيبا من أراك.

3- عن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (ما حلف على يمين يقتطع بها من مال امرئ مسلم، هو عليها فاجر، لقي الله وهو عليه غضبان)
4-عن ‏عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: جاء أعرابي فقال يا رسول الله ما الكبائر فقال صلي الله عليه وسلم الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، قتل النفس، واليمين الغموس.

حكم اليمين الغموس
ذهب جمهور العلماء بأنها تعد من ‏الكبائر، وهي أعظم إثماً من أن يستطيع أن تكفرها عنها بكفارة يمين، وقالوا: إنها يمين مكر وخديعة وكذب ‏وغير منعقدة، فلا كفارة فيها، وإنما الواجب فيها التوبة لله تعالى، ورد ما اقتطع بسببها من ‏حق للغير.

هل هناك كفارة في اليمين الغموس؟
1-ذهب الإمام الشافعي إلى وجوب الكفارة فيها، وفي رواية عن الإمام أحمد بن حنبل ‏وابن حزم.
2-الراجح في هذه المسألة هو رأى مذهب الجمهور؛ لأن اليمين الغموس أعظم من أن تكفرها كفارة اليمين ، وهذا الرأى هو المتفق مع قواعد الشرع حيث قال ابن القيم : وما كان من المعاصي محرم الجنس كالظلم والفواحش فإن الشارع لم يشرع له كفارة.

ولهذا لا كفارة في الزنا وشرب الخمر وقذف المحصنات والسرقة، و لا يوجد كفارة في قتل العمد ولا في اليمين الغموس، كما أن الأحاديث النبوية الشريفة لم يأتي فيها ذكر كفارة لها، حيث استدلوا على حكمهم بقول ابن مسعود أنهم كانوا يعدوا الذنب الذي لا كفارة له يمين غموس، قيل وما الغموس؟ قال اقتطاع الرجل مال أخيه بيمين كاذبة.

3-ولعل الجمع بين التوبة من هذه اليمين وبين تكفيرها عنها أسلم، ‏إعمالا لأدلة كل  الآراء التي أدلت بوجوب كفارتها من عدمه، وخروجاً من خلاف من أوجبها، ولأنها داخلة في عموم ‏اليمين.‏