للمربي الناجح صفات كلما ازداد منها زاد نجاحه في تربية ولده بعد توفيق الله، وقد يكون المربي أباً أو أماً أو أخاً أو أختاً أو عماً أو جداً أو خالاً، أو غير ذلك، وهذا لا يعني أن التربية تقع على عاتق واحد، بل كل من حول الطفل يسهم في تربيته وإن لم يقصد. فهناك مثاليات ومهارات للجودة الشاملة لكى تكون مربي مثالي، والمربى هو الأب والأم فهذه الصفات تنطبق على كليهما، حتى يتمتعوا بأداء رفيع لفنون التربية الصحيحة لأبنائهم، وهذه الصفات لا نهاية لها ومنها:
صفات المربي الناجح
المربي الناجح يجب ان يمتلك مجموعة من الصفات التي تساعده في مهمته ايًا كان هذا المربي فالتربية ليست عملية فردية فهي غالبًا تقع على عاتق اكثر من شخص لكن يمثل فيها الاب الام و المعلم العامل المهم غالبًا و لكن بشكل عام كل من يحيط بالطفل يعتبر من المربين له و من الصفات الواجب توافرها في المربي كي يكون ناجحًا : –
• العلم: يجب ان يمتلك المربي قدرًا كافيًا او مناسبًا من العلم الذي يواكب العصر الذي نعيشة و بخاصة فيما يخص العلوم التربوية و كذلك العلم الشرعي , و هو ما يخص الكتاب و السنة النبوية الشريفة فغالبًا المربي الجاهل بامور الشرع ينشأ ابناء مثله جهلاء بالعلوم الشرعية و لو قمنا بنظرة بها البعض من التعمق لعرفنا ان اغلب الاخطاء التي يقع بها الناس من الناحية العقدية و التعبدية غالبًا موروثة من الاهل الا اذا وجدوا في مسيرة حياتهم من يقوم باصلاح تلك الاخطاء كالعلماء و الرفقة الصالحة و الا فانهم يعيشون و يموتون على خطأهم , بشكل عام فان الكتاب و السنة يحتويان في طياتهم على اساليب التربية الاسلامية و يوفر كل ما يخص عالم الطفولة لكل مرحلة حسب الاستعداد النفسي لديها و الجسدي و التي تعين المربي عند تعلمها على كيفية زرع العقيدة و القيم و العمل على حماية الفطرة السليمة , و كما يجب ان يعرف المربي العلم الجيد لتعليمه للاطفال فانه يجب ان يعرف ما ينتشر في المجتمعات من افكار و تيارات هدامة منحرفة حتى يستطيع مواجهتها فانت لا تعرف كيف تواجه ما تجهله .
• الأمانة: يجب ان يتحلى المربي بصفة الامانة في افعاله و اقواله في ظاهرة و باطنه فيتحول الى قدوة للطفل الذي يسعى الى تقليده بكل ما يفعل , كما ان نشأت الطفل في جو تسوده الامانة تجعل منه طفل ذو فطرة سليمة و واحدة من مظاهر الامانة التي يجب ان يتحلى بها المربي , الحرص على آداء العبادات بشكلها الصحيح و الالتزام بالشرع في الخفى و العلن في الظاهر و الباطن .
• القوة: القوة هنا ليست قوة الجسد بشكل اساسي و انما هنا يقصد قوة العقل و الاخلاق , المربي في السنوات الاولى من عمر الطفل يسهل عليه ان يتمتع بتلك القوى و لكن مع تقدم عمر الطفل يمكن ن يفقد المربي تلك القوة امام الطفل , لذا يجبب على المربي ان يواكب تقدم الطفل و انه يقوى و يشتد حتى يحافظ المربي على مكانته امام الطفل , كما ان الام في حال الاب المربي عليها دور هام في المحافظة على صورة الاب قوي عن طريق عدم المخالفة لاوامر الاب و ان كان هناك اعتراض تتم المناقشة بعيدًا عن مسامع الابناء الى ان يتم التوصل الى اتفاق و يعطي الاب الامر هو حتى لا تهتز صورته امام الابناء و تحافظ ايضًا على عدم ذم الاب امام الابناء او محاولة تولي زمام الامور منه .
• العدل: علمنا النبي الكريم صلى الله عليه و سلم اهمية العدل بين الابناء حيث عاتب النبي رجلاً أخذ الصبي وقبَّله ووضعه على حجره ولما جاءت بنته أجلسها إلى جانبه، فقال له “ألا سوَّيت بينهما”، وفي رواية “فما عدلت بينهما” , لذا فالعدل امر مطلوب في كل شئ المعاملة , النفقة , العقوبة , الملاعبة , القبل حتى في الهبة و هناك حديث مشهور للنعمان اذا اراد ابوه ان يهبه و لا يهب اخوته فقال له النبي صلى الله عليه و سلم “أشهد غيري فإني لا أشهد على جور” , لكن هذا لا يمنع التمييز في بعض الحالات كأن يتم عقاب المخطئ بالحرمان من النفقة او العكس , كما ان الظروف قد تضطر الاهل الى التمييز كما في حالة الطفل المريض او المعاق و هنا يجب على الاهل توضيح الامور للابناء على ان لا يكون هذا التمييز بشكل ليس كبير .
• الحرص: يجب هنا فهم المعنى الحقيقي للحرص فالحرص لا يعني التدليل و تحقيق كل رغبات الطفل و جعله لا يعتمد على نفسه و انما هو مرعاة ان يربي المربي الطفل على تحمل المشاق او الالم و الاعتماد على النفس من خلال المتاعة و الملازمة , فالعملية التربوية عملية طويلة الامد فلا يكفي ان تقوم بتوجيه الطفل و تكتفي اذا يجب ان تتابعه و تلازمه و هو تصديقًا لقول الرسول الكريم صلى الله عليه و سلم ” الزمُوا أولادكم.. وأحسنوا آدابهم” .
• الحزم: فالحزم هو ما يضع الامور في نصابها فلا يجب ان يتساهل المربي مع الحالات التي تستوجب الشدة , و ضابط الحزم هنا هو ان يلزم المربي الطفل بما يساعده على حفظ دينه و عقله و بدنه و ماله و يمنعه عن ما يضره في دينه و دنياه و ان يلتزم بالتقاليد و الاعراف الاجتماعية على ان لا تكون تخالف الشرع فقد قال ابن الجوزي “فإنك إن رحمت بكاءه لم تقدر على فطامه، ولم يمكنك تأديبه، فيبلغْ جاهلاً فقيراً” و لا يعني الحزم ان لا يكون هناك تسامح احيانًا .
• الصلاح: وجود مربي صالح له اثر كبير في نشأة الاطفال على الخير و الصلاح فالرجل الصالح يحفظ في ذريته و لكن هذه القاعدة ليست عامة و لكنها مع الاغلب .
• الصدق: اي الالتزام بالحقيقة في القول و الفعل و قد حذر النبي صلى الله عليه و سلم المرأة المسملة التي نادت ولدها لتعطيه فسألها ” ماذا أردت أن تعطيه؟” قالت “أردت أن أعطيه تمراً”، فقال: “لو لم تعطيه شيئاً كُتبت عليكِ كذبة” .
• الحكمة: تعني ان يتم وضع كل شئ في موضعه او تحكيم العقل و ضبط الانفعالات و لتحقيق هذا الضبط يجب ان يكون هناك تعاون بين الاهل و الاتفاق على الاسلوب التربوي الذي يتم اتباعه مع الابناء .