الأسرة في اللغة هي اسم مفرد وجمعها أسرات وأسر ، وتعني الدرع الحصينة أو الجماعة التي يربطها أمر مشترك ، أما الأسرة اصطلاحا تعني المجموعة التي تبنى على أساس الارتباط بين رجل وامرأة ، وذلك عن طريق الزواج الشرعي بينهما ، وينتج عن ذلك الزواج ذرية وأولاد ، وتمتد الأسرة من ذلك ، وتتصل بها أقارب ، ويتمتع كل فرد من أفراد العائلة بحقوق ، وعلية واجبات في المقابل .

أهمية الأسرة في الإسلام

تعد الأسرة هي اللبنة الأساسية لبناء المجتمع ، فيتكون المجتمع من مجموع الأسر ، فإن صلحت صلح المجتمع ، وإن فسدت فسد المجتمع أيضا ، وتزداد قوة المجتمع بقوة الأسرة ، ويضعف بضعفها ، لذا نجد أن الإسلام قد اهتم كثيرا بالأسرة وجعل لها مكانة عظيمة وشأن جليل ، ويوضح هذا البحث أهمية الأسرة في الإسلام .

أسباب أهمية الاسرة في الإسلام

– تعتبر الأسرة الخلية والوحدة الاجتماعية الأولى التي يتكون منها المجتمع ، والتي تتكون من الأم والاب اللذان يرتبطان برباط شرعي .

– كما تعد الأسرة بوابة التكاثر البشري ، وسر البقاء الإنساني ، فإذا وجدت الأسر ، ضمن بقاء الأبناء والذرية .

– الأسرة هي الضابط والموجه للسلوك ، وهي المقيمة للمعيار الأخلاقي والتربوي للأبناء أيضا ، كما أنها الحافظة لهم من الانحرافات الأخلاقية والفكرية ، وذلك عن طريق الرقابة الدائمة والتعاهد المتواصل من الأب والأم اللذان يعدان ركنين أساسيين فيها .

– الأسرة هي الرباط الذي يحقق الأنس والاستقرار والسكينة لأفراده ، ويجلب لهم البركة والخير والثمرات الكثيرة في الدنيا والآخرة .

– كما أنها مؤسسة ممتدة الأثر والزمن، تستوعب الطموحات والآمال، وترسم لكل فرد من أفرادها دوره المكلف به، تجاه كل ما هو حوله، فإن فعلت الأسرة ذلك، فإنها ستنتج أسرة ناضجة ، وأفراداً أسوياء، ينفعون بيوتهم وأمتهم.

دور الأسرة في تربية الأبناء

تعتبر تربية الابناء من الأشياء التي تعطي الأسرة أهمية كبيرة في الإسلام ، والدليل على ذلك قول الله عز وجل : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ)، فتلعب الأسرة دور كبير في رعاية الأبناء ، الاهتمام ، فالأبناء نعمة وأمانة من الله عز وجل ، والآباء مسؤولون عنها ، سيحاسبون عليها .

أدوار الأسرة تجاه الأبناء تتمثل فيما يلي

– تربية الأبناء منذ الصغر، حيث تكون قلوبهم في السنوات الأولى طاهرة وخالية من كل نقش وصورة ، ولديهم القابلية للنقش عليها، فإن زُرع فيهم خيراً، نبت وظهر ونشأ الأبناء على ذلك، ونالوا السعادة في الدنيا والآخرة، وإن زُرع فيهم شر، فإنه سيظهر كذلك عليهم، وينشأ الأبناء عليه، ويشقّوا ويهلكوا، والوِزر في ذلك في رقبة والديهم، والولي عنهم.

يقول بعض أساتذة علم النفس: (أعطونا السنوات السبع الأولى للأبناء، نُعطيكم التشكيل الذي سيكون عليه الأبناء)، وفيما يأتي بيان بعض الأمور التي ينبغي تعويد الأبناء عليها منذ صغرهم:

1- توجيههم إلى الإيمان بالله وتوحيده ، واعتناق العقيدة الصحيحة، بحيث يكون ذلك بأسلوب سهل مبسطٍ، يكون متناسب مع عقولهم.

2- بث حب الله -تعالى- في قلوبهم، وزرع شعور مراقبته، والخوف منه، ويكون ذلك بطرق عديدة ، منها: تعليمهم أسماء الله الحسنى، وبيان أثرها على حياتهم وسلوكهم.

3- الحث الدائم لهم على إقامة الصلاة .

4- تعليمهم الآداب العامة.

–   تكوين الخلق الطيب، والسلوك السليم عند الأبناء، فكما قيل: (الرجال لا يُولدون، بل يُصنعون)، وقيل أيضاً: (إنّ وراء كلّ رجلٍ أبوين مربيين)، وكما قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله: (الصلاح من الله، والأدب من الآباء).

– المعاملة الحسنة مع الأبناء، وتقديم العطاء المعنوي والمادي لهم، والعدل بينهم في ذلك، دون تفرقة أو تمييز بين ذكر أو أنثى، ودليل ذلك قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: (خيرُكم خيرُكم لأهلِه وأنا خيرُكم لأهلي)

– الحرص الدائم على إيجاد بيئة آمنة ، ووسط مستقر ينشأ فيه الأبناء، بعيدة كل البعد عن المشاكل والضغوطات النفسية، والاجتماعية.

انواع التعامل مع الابناء

 –  التعامل المعتدل مع الأبناء، تقسم الأسر في معاملتها مع أبنائها إلى ثلاثة أنواع كالتالي :

التعامل القاسي

التعامل القاسي ؛ وهو الذي يتصف بالشدة، والضرب ، والإهانة للأبناء، والإهمال الكبير لهم، وهنا يحرم الآباء بسبب تلك المعاملة من حب أبنائهم وبرهم بهم ، كما يحرم الأبناء كذلك من أبوين متفهمين ، ومن أسرة سعيدة مستقرة.

التعامل اللين

 التعامل اللين؛ وهو الذي يتصف بالدلال، بل بالإفراط فيه، وتلبية كل طلبات الأبناء، مهما كانت أو كثرت، وهذا يؤدي إلى إيجاد أسرة فوضوية.

التعامل المعتدل

وهو  التعامل المعتدل ؛  الذي يتصف بالتوسط ، دون إفراط ولا تفريط ، بحيث يمتزج في ذلك التعامل العقل والعاطفة، فيصل الآباء إلى طريقة وسطية في التعامل مع أبنائهم، وبالتالي ينتج أفراداً لديهم شخصية سليمة وصحيحة ، وذلك هو النوع من المعاملة الذي ينبغي على الأسرة أن تسير عليه.

 يقول الدكتور أكرم ضياء العمري : (إن حب الطفل لا يعني بالطبع عدم تأديبه وتعليمه آداب السلوك الاجتماعي منذ الصغر؛ مثل تعويده على التعامل الحسن مع أصدقائه، وتعويده على احترام من هو أكبر سناً منه، وتعميق الرقابة الذاتية لديه، أي قدرته على تحديد الضوابط لسلوكه تجاه الآخرين؛ فإذاً لا بُدّ من التوازن بين التأديب للطفل والتعاطف معه، فكما أنّه لا يصلح الخضوع الدائم لطلبات الطفل، إنه لا يصلح استمرار الضغط عليه وكَبْتِهِ، فالتدليل الزائد لا يُعَوِّدُهُ على مواجهة صعوبات الحياة، والضغط الزائد يجعله منطوياً على نفسه مكبوتاً، يعاني من الحرمان).