يحمل القرآن الكريم رسائل إلهية من الله تعالى إلى كافة البشر ؛ حيث أن آياته لها بالغ الفضل في حياة الإنسان ، وتُعتبر اية الكرسي الموجودة في سورة البقرة هي أعظم آية في القرآن ؛ حيث ورد عن أُبي بن كعب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سأله قائلًا “يا أبا المُنذِرِ- وهيَ كُنيةُ أُبَيِّ بنِ كَعبٍ رَضيَ اللهُ عَنه- أتدْري أيَّ آيةٍ مِن كِتابِ اللهِ مَعكَ أعظَمَ؟ قالَ أُبيٌّ : قُلتُ : اللهُ ورَسولُه أعلَمُ ، قال: يا أبا المُنذِرِ ، أتدرِي أيَّ آيةٍ مِن كِتابِ اللهِ مَعكَ أعظَمَ؟ قالَ : قُلتُ : {اللَّهُ لَا إِلَهَ إلَّا هُوَ الحَيُّ القيُّومُ…} ، يَعني آيةَ الكُرسيِّ ؛ قالَ: فَضربَ في صَدري وَقالَ : واللهِ! لِيَهْنِكَ العِلمُ أبا المُنذرِ.

آية الكرسي

وردت آية الكرسي في سورة البقرة ، وهي الآية رقم 225 بالسورة ، ويقول الله تعالى في هذه الآية الكريمة “اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ۚ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ ۚ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ ۚ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ ۖ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ ۚ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ۖ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا ۚ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ “.

العبر المستفادة من آية الكرسي

هناك العديد من الدروس المستفادة من آية الكرسي العظيمة ، ومنها ما يلي :

يأتي الإيمان والتوحيد في المقام الأول ؛ حيث وردت صيغة توحيد الله تعالى في قوله “اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ” ، ومن ثَم فإن توحيد الله هو أول شروط الإيمان به عزّ وجل

لقد اشتملت الآية على العديد من الصفات الإلهية ، ولذلك فإنها بمثابة دراسة تطبيقية للقواعد الخاصة بالصفات والأسماء التي ينفرد بها الله سبحانه وتعالى

تمنح آية الكرسي درسًا عظيمًا في الإيمان بأقدار الله والإيمان بالغيب ؛ حيث أنها تؤكد أن كل شيء بيد الله ولا يستطيع أحد أن يتدخل في أي أمر إلا بإذنه تعالى

ترد هذه الآية العظيمة على أولئك الذين تحدثوا بالباطل عن وجود إله آخر ؛ حيث أنها تؤكد الصفات الإلهية للذات العليّة والتي لا يوجد مثيل لها لأي كائن أو مخلوق

تثبت الآية أن الله يملك كل شيء في السماوات والأرض ؛ فهو الخالق الذي لا ينافسه أحد ؛ حيث أنه مالك هذا الوجود بكل ما فيه

تؤكد الآية الكريمة على كمال سلطان الله ؛ حيث يتميز بقوة السلطان وهو معنى أكمل من عموم الملك ، وذلك في قوله “مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ”

تثبت الآية أن العلم لله وحده في كل زمان ومكان ؛ حيث تشمل العلم بالماضي والحاضر والمستقبل ؛ حيث يقول الله تعالى “يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ”

ترد هذه الآية على الخوارج والمعتزلة في إنكارهم لوجود الشفاعة العامة ؛ حيث يقول الله تعالى “مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ”

تؤكد أن العلم لله وحده ولا توجد إحاطة بعلمه سبحانه إلا بإرادته ومشيئته ؛ ويقول المولى عزّ وجل في ذلك “وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ”

تؤكد كذلك على عظمة الخالق وعظمة ما خلقه ، ويبدو ذلك من خلال قوله تعالى “وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ”

تثبت أيضًا علم الله وقدرته وقوته ، كما تؤكد صفة الكمال لله تعالى من خلال اجتماع العلو والعظمة معًا في قوله تعالى “وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا ۚ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ”.