تعد الحرب الإيطالية – العثمانية مسرحاً كبيراً شهدت خلاله العمليات العسكرية توظيفاً للتقدم التكنولوجي، وخاصة العمليات الجوية. في 23 أكتوبر 1911 حلق الطيار الإيطالي (كابتن كارلو ماريا بياتزا) فوق الخطوط الجوية التركية في مهمة استكشاف، وفي 1 نوفمبر قامت القوات الإيطالية بإسقاط قنبلة عبر قصف جوي على القوات التركية في ليبيا، مما أدي إلى مصرع عدد كبير من الأتراك، حيث اعتبرت تلك العملية أول استخدام للطائرات في قصف أهداف حربية أرضية.
الحرب الإيطالية العثمانية
– دارت هذه الحرب رغبة من كلا من الطرفين باحتلال ولاية طرابلس إحدى الولايات العثمانية ، تلك التي تعرف اليوم باسم ليبيا .
– و قد حاولت إيطاليا التوسع و السيطرة على هذه الولاية ، و قد كانت هذه الحرب خطوة أولى للحرب العالمية الأولى .
العمليات العسكرية في الحرب
اطلق علي تلك العمليات فيما بعد "حرب طرابلس الغرب" والتي بدأت في 29 سبتمبر/ايلول عام 1911 وانتهت في 18 أكتوبر/تشرين الأول عام 1912 بضم إيطاليا لولايتي طرابلس الغرب وشرق ليبيا، بالإضافة إلى جزيرة رودوس وارخبيل دوديكانس في آسيا الصغرى.
– لم يكن الوقت كافي في تلك المرحلة لتتمكن القوات العثمانية من الاستعداد ، و الذي بدأ في السادس من أكتوبر بقصف الميناء ، و بالفعل تمكنت القوات الإيطالية من التقدم ، مما كان سببا في رفع روحهم المعنوية ، و على الرغم من ذلك صممت القوات العثمانية استكمال الحرب.
وشهد العالم في هذه الحرب إمكانات جديدة للتقدم التقني حيث قامت طائرة إيطالية في 23 أكتوبر/تشرين الأول عام 1911 بالتحليق الاستطلاعي فوق المواقع التركية ونقلت المعلومات الاستطلاعية إلى قيادتها بواسطة جهاز لاسلكي. وكان هذا التحليق أول استخدام حربي للطائرات في تاريخ الحروب والفن الحربي. وإن كانت القوات الإيطالية في 23 أكتوبر قد تعرضت إلى مقاومة حقيقية من المجاهدين وذلك عندما أحاطت بهم مجموعة من الفرسان العرب في مدينة طرابلس وكانوا مدعمين ببعض الوحدات التركية. وقد تلى ذلك أول قصف جوي قامت به طائرة ومناطيد إيطالية للمنشآت العسكرية العثمانية الواقعة في ولاية طرابلس الغرب وذلك في 1 نوفمبر/تشرين الثاني عام 1911.
انتهت معركة طبرق 22 نوفمبر 1911 بانتصار الأتراك بقيادة مصطفى كمال. وصفت الصحف الإيطالية الهجوم بأنها مظاهرة إلا أنها قضت تقريبا على جانب كبير من الهيكل الإيطالي، نتيجة للأحداث الأخيرة قامت القوات الإيطالية بتوسيع عدد قواتها إلى 100 ألف لمواجهة 20 ألف ليبي و8 آلاف تركي غير مسلحين بأسلحة عصرية! ولقد تحولت المعركة إلى حرب جوية وحرب مواقع.
السلام بعد الحرب
– في الخامس من نوفمبر قامت إيطاليا بإعلان سيادتها الرسمية على منطقة ليبيا و على بعض الأقاليم البحرية الأخرى على مدينة طرابلس ، و كان من المخطط تنفيذ عدد من عمليات الإعدام ، و لكن هذا المخطط قد تم التوقف عنه .
– و في هذا الوقت كانت إيطاليا صاحبة السيادة البحرية على هذه المنطقة بالكامل ، و التي امتدت لمسافة تصل إلى 2000 كيلو متر ، و قد كان ذلك في عام 1912 .
– بعدها توصلت إيطاليا إلى الحصول على موافقة من كافة القوات الأوروبية ، و اعتمادا على ذلك قامت ببعض الهجمات ضد الولايات التركية المنتشرة عند بحر إيجة ، و لذلك استمرت هذه الحرب لفترة أكثر من المتوقع لها ، و من خلالها تمكنت إيطاليا من الاستيلاء على أرخبيل دوديكانيزو ، و التي ظلت تحت سيطرة إيطاليا حتى نهاية الحرب العالمية الثانية .
– في الثامن عشر و التاسع عشر من يوليو من عام 1912 ، قامت القوات الإيطالية بقصف مدينة اسطنبول ، و لكنها عادت دون أي خسائر بعد رد تركيا الشديد .
ايطاليا وخسائر فادحة
– بعد أن انتهت الحرب في ليبيا تعرضت إيطاليا لخسائر شديدة ، لدرجة أن تقديرات الخسائر المادية وصلت إلى حوالي 20 مليون ليرة في الشهر الواحد ، و على الرغم من أن الشعب الليبي كان يوالي الحكم العثماني ، إلا أن السلطان العثماني قام بالتنازل رسميا عن ليبيا لإيطاليا ، و كان ذلك بموجب معاهدة عرفت باسم معاهدة أوشي .
– استمر الاحتلال الإيطالي لليبيا لفترة قاربت 35 عام ، أي حتى بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية ، و قد حاولت المقاومة الليبية التصدي لها مرارا ، و كان من أشهر أبطال هذه المقاومة زعيم الثوار عمر المختار .
– أما بالنسبة للجانب الإيطالي ، فقد استمر في فتوحاته في منطقة جنوب غرب الأناضول ، و تم توقيع عدة معاهدات كان من بينها معاهدة لوزان و معاهدة سيفر ، و تمكنت إيطاليا من ضم عدة أماكن منها جزر دوديكانيسيا .