الإسلام دين الطهارة وحث على النظافة والتطهر في العديد من نصوص القرآن الكريم ، والسنة النبوية الشريفة ، أكد على ذلك من خلال بعض الأعمال التي يجب القيام بها لتحقيق شرط الطهارة ، وبتطبيق هذه الشروط يصبح المسلم طاهراً في بدنه ولباسه ، ومن الفرائض التي تتطلب طهارة المسلم الكاملة فريضة الصلاة ، فلا صلاة بدون وضوء .
وفرض الله _ عزو جل _ الصبلة خمس مرات في اليوم مما يعطي الفرصة لأن يكون المسلم طاهراً نظيفاً طوال اليوم ، كذلك فُرض على المسلم عدم الإتيان بالطاعات والعبادات إذا أحدث أو أجنب ، مما يجعل المسلم يهرع للتطهر من أي حدث أو جنابة للقيام بعباداته ، فضلاً عن ذلك دعوة الإسلام لتقليم الأظافر والإهتمام بالنظافة الشخصية للبدن من حلق العانة ونتف الإبط والتزين والتطهطيب للرجال عند الذهاب لبيوت الله ، وبهذا يضمن الإسلام نظافة الإنسان الداخلية ( البدن ) والخارجية ( اللبس والهندام ) .
ما هي الجنابة
معنى الجنابة في اللغة من حيث الإصطلاح البعد ، كقولك : جانبت الرجل ، وتعني باعدته وقاطعته ، وقول وَلَج فلَان فِي جناب أَهله إذا لَجّ فِي مباعدتهم، وَلذَلِك قَالُوا للغريب: جنب وللغربة: الْجَنَابَة. يُقال: رجل غرُوب جنب إذا كَانَ غَرِيباً، وَنعم الْقَوْم هم لِجَار الْجَنَابَة أَي: لِجَار الغربة .
الجنابة وصف للرجل والمرأة إذا حصل منهما جماع، أو نزول المني بشهوة ولو من غير جماع. والواجب عليهما بذلك: الغسل، كما قال الله: ” وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا ” الآية [المائدة: 6]، وقال تعالى في سورة النساء: ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلا جُنُبًا إِلا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا ” الآية [النساء: 43].
وقال النبي ﷺ: ” إذا جلس بين شعبها الأربع ثم جهدها فقد وجب الغسل، وإن لم ينزل ” متفق على صحته، واللفظ لمسلم. وسألت أم سليم الأنصارية رضي الله عنها فقالت: ” يا رسول الله، إن الله لا يستحي من الحق، فهل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت؟ قال: نعم، إذا هي رأت الماء ” متفق على صحته.
كيفية الاغتسال من الجنابة
رُوي عن السّيدة عائشة رضي الله عنها في ذكر غُسل رسول الله – عليه الصّلاة والسّلام – من الجنابة قولها: (كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ إذَا اغْتَسَلَ مِنَ الجَنَابَةِ يَبْدَأُ فَيَغْسِلُ يَدَيْهِ. ثُمَّ يُفْرِغُ بيَمِينِهِ علَى شِمَالِهِ فَيَغْسِلُ فَرْجَهُ. ثُمَّ يَتَوَضَّأُ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ. ثُمَّ يَأْخُذُ المَاءَ فيُدْخِلُ أصَابِعَهُ في أُصُولِ الشَّعْرِ، حتَّى إذَا رَأَى أنْ قَدِ اسْتَبْرَأَ حَفَنَ علَى رَأْسِهِ ثَلَاثَ حَفَنَاتٍ. ثُمَّ أفَاضَ علَى سَائِرِ جَسَدِهِ. ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ. وفي رواية: أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ اغْتَسَلَ مِنَ الجَنَابَةِ، فَبَدَأَ فَغَسَلَ كَفَّيْهِ ثَلَاثًا، ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَ حَديثِ أبِي مُعَاوِيَةَ ولَمْ يَذْكُرْ غَسْلَ الرِّجْلَيْنِ) .
صفة الأغتسال من الجنابة
فإن للغسل من الجنابة صفتين
أـ صفة للغسل الواجب الذي من أتى به أجزأه، وارتفع حدثه، وهو ما جمع شيئين: الأول: النية، وهي أن يغتسل بنية رفع الحدث، والثاني: تعميم الجسد بالماء.
ب ـ صفة الغسل الكامل وهو: ما جمع بين الواجب والمستحب، ووصفه كالآتي:
يغسل كفيه قبل إدخالهما في الإناء ثم يفرغ بيمينه على شماله فيغسل فرجه، ثم يتوضأ وضوءه للصلاة كاملاً أو يؤخر غسل الرجلين إلى آخر الغسل، ثم يفرق شعر رأسه فيفيض ثلاث حثيات من ماء، حتى يروى كله، ثم يفيض الماء على شقه الأيمن، ثم يفيض الماء على شقه الأيسر، هذا هو الغسل الأكمل والأفضل، ودليله ما في الصحيحين من حديث ابن عباس عن خالته ميمونة ـ رضي الله عنهما ـ قالت: أدنيت لرسول الله صلى الله عليه وسلم غسله من الجنابة، فغسل كفيه مرتين أو ثلاثاً، ثم أدخل يده في الإناء، ثم أفرغ به على فرجه وغسل بشماله، ثم ضرب بشماله الأرض فدلكها دلكاً شديداً، ثم توضأ وضوءه للصلاة، ثم أفرغ على رأسه ثلاث حفنات ملء كفه، ثم غسل سائر جسده، ثم تنحى عن مقامه ذلك فغسل رجليه، ثم أتيته بالمنديل فرده.
ومن اقتصر على الصفة الأولى: من النية وتعميم الجسد بالماء أجزأه ذلك ولو لم يتوضأ، لدخول الوضوء في الغسل، وهذا الغسل للرجل والمرأة، إلا أن المرأة لا يجب عليها أن تنقض ضفيرتها إن وصل الماء إلى أصل الشعر، وبأحد هذين الاغتسالين يكون الرجل أو المرأة قد تطهر من الجنابة .
ويمكن تفصيلها على النحو التالي :
_ غسل اليدين ثلاث مرات.
_ الاستنجاء لتفريغ ما تبقى من السائل المنوي للرجال.
_ غسل الفرج باليد اليسرى للنساء.
_ غسل اليد بالصابون و الماء، أو التيمم كبديل.
_ الوضوء و يعتبر الوضوء سنة مستحبة.
_ وضع الماء على الرأس 3 مرات حتى يصل إلى منابت الشعر. البدء بجهة الرأس اليمنى ثم الجهة اليسرى ثم رمي الماء على الجسد كله.
_ غسل الجهه اليمنى من الجسد ثم اليسرى. غسل القدمين.
موجبات الاغتسال من الجنابة
_ خروج المنى بشهوة .
_ التقاء الختانين ( الجماع ) .
_ إسلام الكافر .
_ انقطاع دم الحيض والنفاس .
_ الموت لغير الشهداء .
حكم صيام الجنب
أجمع جمهور العلماء على أنّه يجوز صيام الجنب؛ لأنّه ليس من شروط صحة الصيام الطهارة من الجنابة، فعن عائشة –رضي الله عنها-: (أنّ رجلاً قال: يا رسول الله تدركني الصلاة وأنا جنب فأصوم، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: وأنا تدركني الصلاة وأنا جنب فأصوم، فقال: لست مثلنا يا رسول الله قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، فقال: والله إني لأرجو أن أكون أخشاكم لله وأعلمكم بما أتّقي)
إذا جامع المسلم أهله بعد العشاء ولم يغتسل، ثمّ نام ولم يستيقظ إلا بعد طلوع الفجر فاغتسل؛ فلا حرج عليه.
فوائد الاغتسال من الجنابة
وهذا الغسل فيه كثير من الحكم والفوائد نبه عليها ابن القيم فى إعلام الموقعين حيث قال: فهذا من أعظم محاسن الشريعة وما اشتملت عليه من الرحمة والحكمة والمصلحة، فإن المني يخرج من جميع البدن، ولهذا سماه الله سبحانه وتعالى سلالة، لأنه يسيل من جميع البدن، وأما البول فإنما هو فضلة الطعام والشراب المستحيلة في المعدة والمثانة فتأثر البدن بخروج المني أعظم من تأثره بخروج البول، وأيضا فإن الاغتسال من خروج المني من أنفع شيء للبدن والقلب والروح، بل جميع الأرواح القائمة بالبدن، فإنها تقوى بالاغتسال، والغسل يخلف عليه ما تحلل منه بخروج المني وهذا أمر يعرف بالحس، وأيضا فإن الجنابة توجب ثقلا وكسلا. والغسل يحدث له نشاطا وخفة، ولهذا قال أبو ذر لما اغتسل من الجنابة: كأنما ألقيت عني حملا. وقد صرح أفاضل الأطباء بأن الاغتسال بعد الجماع يعيد إلى البدن قوته ويخلف عليه ما تحلل منه وإنه من أنفع شيء للبدن والروح وتركه مضر ويكفي شهادة العقل والفطرة بحسنه .