هرم الملك خوفو هذا الصرح العظيم الذي ظل صامداً منذ أكثر من أربعين ألف سنة، وظل قروناً يحير العلماء في كيفية بنائه و ما يوجد بداخله و علاقاته الفلكية والكثير من الأسرار التي يأبى هذا الهرم أن يخبر بها العالم، ليظل الهرم الأكبر واحداً من عجائب الدنيا السبع.
بناء الهرم الأكبر
في عام 2480 كانت هضبة الجيزة هي عبارة عن رمال، هنا وقف الملك خوفو وقرر أن يبدأ رحلة بناء الصرح الذي سيظل باقياً لآلاف السنين بعد موته، حيث كلف إبن عمه الأمير (حم إيونو) المهندس المعماري العبقري الذي أخذ على عاتقه تشييد هذا الصرح، بعد أن تعلم الهندسة عن أبيه المهندس (نفر ماعت) الذي بني أهرامات الملك (سنفرو) أبو الملك (خوفو) في دهشور، ولكن من الواضح أن الأبناء (خوفو) وأبن عمه (حم إيونو) تفوقوا على آباؤهم وأساتذتهم في البناء والعلم.
لقد أستغرق الهرم الأكبر ما يقارب العشرين عاماً لكي يشيد، عشر سنوات لبناء الأجزاء السفلية والممرات في الهرم والعشرة الأخرى لباقي الهرم وهذا حسب رواية المؤرخ اليوناني هيرودوت الذي زار مصر بعد أكثر من ألفين سنة من بناء الهرم في القرن الرابع الميلادي، ونقل هذه الروايات عن الرواة والكهنة.
الحجارة التي استخدمت في بناء الهرم
لقد قطعت الأحجار التى استخدامها المصريين في بناء الهرم الأكبر من مناطق عدة في مصر، فالأحجار التي تم استخدامها في بناء الهرم قطعت من المناطق التي حول الهرم، و الأحجار التي كسوا بها الهرم من منطقه جبل طره وأحجار الجرانيت التي تم استخدامها في الغرف الداخلية أتوا بها عن طريق النيل من أسوان والذي كان يصل إلي منطقة الأهرام في ذلك الوقت.
تم تقطيع الحجارة عن طريق عمل فتحات على مسافات محددة و متقاربة في قطعة الحجر التي يراد قطعها أو فصلها عن الأخرى وتم بعد ذلك دق أوتاد خشبية في هذه الفتحات للطرق عليها ووضع الماء على هذه الأوتاد الخشبية حتى تتشرب الماء مما يؤدي إلى الزيادة في حجمها ومع الطرق المستمر عليها وتزويدها بالماء تنفصل قطع الحجارة ويتم بعد ذلك صقلها بنوع أقوي منها من الحجارة مثل حجارة الديوريت أو الجرانيت ليجعلوها بالشكل الذي يريدونه.
طريقة بناء الهرم
قام المصريون القدماء ببناء طريق رملي توضع عليه الحجارة ويتم شدها بالحبال والثيران، فكانوا يضعون أسفل الحجارة جذوع نخل ليستخدموها كعجلات وكانوا يقومون برش الماء لتسهيل عملية الشد وكلما ارتفعوا في البناء يقومون بتمديد الطريق الرملي حتى وصلوا إلي قمة الهرم ومن ثم قاموا بكسائه بالحجر الجيري الأملس من أعلى الهرم إلى أسفله ثم قاموا بإزالة الرمال تدرجياً.
تعتبر هذه الطريق في البناء اعجازية في حد ذاتها وقد تفوق إعجاز بناء الهرم نفسه، فكل متر مربع ارتفاع لا يقل طوله عن عشر أمتار وهذا يعني أن الطريق الرملي قد وصل طوله إلي ما يقارب 1460 متر وهو بالطبع شيء في قمة الصعوبة حتى أنه تم اكتشاف هياكل عظمية مشوهة لبعض العمال في منطقة العمل التي تم اكتشافها بجوار الأهرامات وهذا يدل علي الأثقال التي كانوا يحملونها وعن العمل الشاق الذي قام به هؤلاء العمال، وقد تم استخدام هذه الطريقة في البناء في أحد الصروح الشاهقة في معبد الأقصر.
توجد للهرم أربع وجهات وتواجه كل جهة منه الجهات الأصلية، ونلاحظ أن عملية تثبيت الأحجار فوق بعضها البعض تمت عن طريق تفريغ الهواء الموجود بينهم من خلال ثَقب ثقوب متماثلة ومتوازية في الحجارة بحيث تكون فوق بعضها البعض ليتم وضع نفط بين الحجرين و الإشعال به ليتم تفريغ الهواء بينهم (فكرة كاسات الهواء).
معلومات عن عمال بناء الهرم
ذكرت بعض الروايات عن عدد العمال أنهم قرابة المائة ألف عامل، وكانوا مقسمين بين عمال دائمين وعمال موسميين، و هم في الأصل مزارعين ولكنهم يلتحقون للعمل في بناء الهرم في فترات فيضان النيل التي يقل فيها العمل في الزراعة، وقد تم العثور على جبانات ومساكن للعمال بجوار منطقة الأهرامات.
كان غذاء العمال الأساسي هو الخبز و مشروب الجعة وهو خبز مخبوز من الشعير يتم وضعه في الماء أو في اللبن أحياناً حتى يتخمر حيث يحتوي هذا الشراب على نسبة طبيعية من المضادات الحيوية.
وفي أبحاث ودراسات جديدة تم إثبات أن العمال كانوا عشرين ألف عامل تقريباً وكانوا يأكلون لحوم الأبقار التي كان يتم ذبحها كل يوم، حيث تشير الأدلة أنه تم الدفع بالعمال المهرة الذين قاموا ببناء الأهرامات وليس العبيد من قاموا ببنائه مثل ما تقوله بعض الشائعات.
مقاسات الهرم الأكبر
قديماً عند بناء الهرم كان يصل ارتفاعه إلى حوالي 481 قدم أي حوالي 146 متر، ولكن الآن في وقتنا الحالي وبعد عوامل التعرية وتآكل التربة قد أزيلت قطعة من علي أعلي قمة الهرم الأكبر ليصبح حوالي 455 قدم أي ما يقارب 138 متر، وتصل المساحة التي بين قاعدته حوالي 755 قدم أي حوالي 230 متر مربع ، وهو يزيد عن مساحة ملعبين لكرة القدم.
في النهاية نتمنى أن نكون قد أوصلنا لكم بعض المعلومات الشيقة عن أحد عجائب الزمن القديم وهو الهرم الأكبر.