الدين الإسلامي هو دين رباني شامل، لم يترك شيء في هذه الحياة إلا وأخبر أتباعه عنه، ولم يقتصر الدين الإسلامي على تعليم المسلمين أنواع العبادات وطرق تأديتها، بل أوضح لهم طرق المعاملات فيما بينهم، وعرف هذا الأمر فيما بعد بفقه المعاملات.
علم الفقه
علم الفقه هو أحد فروع العلم الشرعي الذي يعتني بمعرفة ألأحكام الشرعية الخاصة بأمر معينة، ويأخذ علم الفقه أحكامه الشرعية من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، ففي أيام الرسول صلّ الله عليه وسلم كان يرجع المسلمون أمر الشيء الذي لا يعرفون حكمه إلى رسول الله صل الله عليه وسلم فكان يفتيهم فيه، ثم جاء عصر الصحابة وهم مجتهدون من أخطأ منهم فله أجر ومن أصاب فله أجران.
ثم بعدها بدأ ظهور علم الفقه فكان أول من أنشئ مذهب فقهي هو الإمام أبو حنيفة النعمان، فكان يأخذ أحكام مذهبه من القران الكريم ثم السنة النبوية ثم صحابة رسول الله صل الله عليه وسلم فإن لم يجد اجتهد بنفسه في الأحكام، وجاء من بعده الإمام مالك إمام المدينة ثم الإمام الشافعي ثم الإمام أحمد بن حنبل إمام بغداد.
أقسام علم الفقه
ينقسم علم الفقه إلى ستة أقسام هم:
- فقه العبادات، الذي يتعلم فيه المسلم أحكام العبادات التي يقوم بها من طهارة وصلاة وصيام وحج وزكاة.
- فقه المعاملات، هو الفقه الذي يعلم المسلم أحكام معاملاته مع الآخرين من بيع وشراء ووكالة وهبة وغيرها من تلك الأمور
- فقه الأسرة، هو فرع الفقه الذي يحدد أحكام النكاح والطلاق والرضاع وباقي الأحكام التي تهم الأسرة المسلمة
- فقه الحدود والأحكام، هو الفرع الذي يعني بأحكام العقوبات التي تقع على المسلمين عند مخالفتهم لأمر معين من أمور دينهم كأحكام السرقة والزنا وشرب الخمر والحرابة.
- فقه الجهاد، هو فرع الفقه الذي يوضح أحكام الجهاد وأحكام الشهيد
- فقه المواريث، هو فرع الفقه الذي يعتني بمال المسلمين بعد وفاتهم وطريقة تقسيم تلك الأموال.
هناك من قام بتقسيم علم الفقه لفقه عبادات وفقه معاملات، وأدرج باقي الأقسام السابقة كأقسام فرعية تحت هذين القسمين.
فقه المعاملات
فقه المعاملات هو أحد فروع علم الفقه، حيث يضم هذا القسم الأحكام الشرعية للمعاملات اليومية في حياة المسلم من بيع وشراء وهبة وشراكة وغرها من هذه الأمور، والأصل في المعاملات كلها أنها حلال ما لم يوجد نص على تحريمها.
أقسام فقه المعاملات
ينقسم فقه المعاملات إلى عدة أقسام نذكر لكم بعض منها:
كتاب البيع والشراء وكتاب الخيار وكتاب السلم وكتاب الربا وكتاب القرض وكتاب الرهن وكتاب الكفالة وكتاب الوكالة وكتاب الإجارة وكتاب الوديعة وكتاب العارية وكتاب الشركة وكتاب المساقاة والمزارعة وكتاب الهبة إلى باقي الأقسام.
خصائص المعاملات في الشريعة الإسلامية
المعاملات في الشريعة الإسلامية معاملات ربانية المصدر، أي أن مصدر أخذ الأحكام في هذه المعاملات من الله سبحانه وتعالى عن طريق كتابه المنزل على نبيه صل الله عليه وسلم ومن السنة النبوية المطهرة، فنجد المعاملات الإسلامية مبنية على العدل الكامل فلا ترى فيه ظلم ولا جور، ولقد جعل الإسلام المعاملات جزء لا يتجزأ من عقيدة المسلم فبتطبيق أحكام المعاملات تنصاع لأوامر الله تعالى وتجتنب نواهيه.
المعاملات والدليل على مشروعيتها
إليكم بعض الأمثلة على المعاملات وأدلة مشروعيتها
أولا البيع والشراء
البيع شرعا هو مبادلة مال بمال على سبيل التملك المطلق
حكم البيع
البيع حلال ومباح بإجماع الآراء والدليل قوله تعالى ” الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا ۗ وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا ۚ فَمَن جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىٰ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ ۖ وَمَنْ عَادَ فَأُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ”، والدليل من السنة فقد ثبت أن النبي صل الله عليه وسلم باع واشترى وكذلك فعل أصحابه وأقرهم على ذلك ولم ينهم عنه
ثانيا الهبة
الهبة هي أن تعطي شخص شيئا ما دون مقابل.
حكم الهبة ودليله
الهبة حلال بإجماع الآراء والدليل من القران الكريم قوله تعالى ” وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا” والمراد بنحلة أي هبة وعطية، أما الدليل من السنة النبوية المطهرة فعن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله –صل الله عليه وسلم-: “تَهَادَوْا تَحَابُّوا”، و عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ:” لَوْ دُعِيتُ إِلَى كُرَاعٍ لَأَجَبْتُ، وَلَوْ أُهْدِيَ إِلَيَّ كُرَاعٌ لَقَبِلْتُ”
ثالثا الرهن
الرهن هو جعل عين لها ثمن معين مقابل دين، بحيث يمكن سداد الدين بثمن هذه العين.
حكم الرهن والدليل
الرهن حلال ومباح عند جميع المسلمين، ودليله من القران الكريم قوله تعالى ” وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ” ومن السنة النبوية أن النبي صل الله عليه وسلم لقي ربه ودرعه مرهونة لدى يهودي مقابل ثلاثين صاعًا من شعير.
رابعا الربا
الربا هي الزيادة في الشيء ويمكن تعريفها هي الزيادة دون حق مقابل مهلة زمنية معينة.
حكمها والدليل عليها
الربا حرام شرعا بإجماع الفقهاء ودليلهم على ذلك من القرآن الكريم قوله تعالى ” الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا ۗ وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا ۚ فَمَن جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىٰ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ ۖ وَمَنْ عَادَ فَأُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ”، ومن السنة النبوية ما رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “اجتَنبوا السَّبعَ الموبقاتِ . قالوا : يا رسولَ اللهِ : وما هنَّ ؟ قال : الشِّركُ باللهِ ، والسِّحرُ ، وقتلُ النَّفسِ الَّتي حرَّم اللهُ إلَّا بالحقِّ ، وأكلُ الرِّبا ، وأكلُ مالِ اليتيمِ ، والتَّولِّي يومَ الزَّحفِ ، وقذفُ المحصَناتِ المؤمناتِ الغافلاتِ”.