يعرف السحر لغة بأنه الاستمالة والفتنة والسلب والخِداع والغِشّ، ويعرف السحر اصطلاحاً كما جاء في كتاب الرازي بأنه هو المخادعة والتخييل أو عزائم ورقى وعقد تؤثر في الأبدان والقلوب، فيمرض، ويقتل، ويفرق بين المرء وزوجه، ويأخذ أحد الزوجين عن صاحبه، ويكون وفيه تحدٍ، ويُمكن تعلّمه وتعليمه.
حقيقة السحر :
وقد اختلف العلماء حول حقيقة السحر، وحقيقة ثبوته ووقوعه، فيرى فريق: أن أهل السنة والجماعة أجمعوا علي أن السحر حقيقة وثابت الوقوع، و استندوا إلى الآية القرآنية قال الله تعالى: (وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَي مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَـٰكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ).
بينما قال فريق أخر: منهم المعتزلة وابن حزم وأبو إسحاق من الشافعية، أن السحر لا حقيقة له، وإنما هو تمويه وتخييل ونوع من الخفة والشعوذة، ودليلهم قوله الله تعالى : (يُخَيَّلُ إِلَيهِ مِن سِحرِهِم أَنَّها تَسعى)، وأيضا قوله تعالى: (قالَ أَلقوا فَلَمّا أَلقَوا سَحَروا أَعيُنَ النّاسِ وَاستَرهَبوهُم).
علامات الشخص المسحور :
وذكر العلماء أن هناك علامات تدل على أن الشخص مسحور حسب رأي أهل السنة والجماعة، ومن هذه العلامات ما يلى: الإعراض عن كل العبادات، والنفور من ذكر الله تعالى، واستثقال الطاعات، وعدم الرغبة في سماع كل ما يخص الدين.
والفرق بين المسحور أو من به مس أو حسد، وبين الشخص السليم، أن المسحور يتعب من القرآن الكريم، وتتكرر له هذه الأعراض بصورة مزعجة وملحة ودائمة، بينما الشخص العادي لا يشعر بأي تعب تجاه القرآن الكريم، بل يرتاح نفسه لسماع آياته، وإن أعرض عنه فيكون سبب الإعراض نفسي نظير تعرضه لموقف أثر فيه أو لبعده عن ذكر الله.
والقرآن الكريم فيه شفاء ودواء للقلوب فبه تطمئن لأنه أعظم الذكر، وأخبرنا الله تعالى عن ذلك بقوله: ( وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين) وقال جل جلاله أيضًا: (الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب).
فإذا حدث للشخص عكس ذلك الوصف الذي ورد في الآيتين السابقتين، فهذا يعنى أنه ليس طبيعيًا، وأنه بحاجة للنظر في أمره، وفى هذه الحالة يتوقع احتمال أن يكون مصاباً بنوع من الاعتداء الجني، وإذا كان الجن المعتدى مسلماً عكر على الإنسان صفو مزاجه وكدر طيب خاطره، أما إذا كان كافرًا فإنه يحرص على إفساد العلاقة بين العبد المؤمن وبين ربه.
العلاقة بين السحر وصعوبة القرآن :
وتوجد علاقة قوية بين صعوبة قراءة القرآن بـ السحر و المس و غيرها، والمعنى هنا أن الشخص الذى يجد صعوبة في قراءة القرآن مصاباً بجنيًا مسلمًا عاصيًا لا يحب أن يسمع القرآن لأنه يؤذيه إيذاء شديدًا، والعلاج يكمن في الرقية الشرعية.
وثبت أن هناك آيات معينة لها تأثير على الجن، إذ ليست كل آيات القرآن تؤثر على الجن، فبعض الجن الغير مسلم قد يستريح لسماع بعض الآيات، ويعرف الرقاة أنه توجد آيات كثيرة لها تأثير قوي على الجن، وبها يمكن التخلص منه، سواء كان بإخراجه من جسد الشخص المسحور أو الممسوس، أو حتى قتله داخل الجسد.
استنادا إلى ما سبق يمكننا القول أن قراءة القرآن تضر الجن سواء كان مسلما أم كافرا، وهو ما يتسبب في حدوث هذه الحالة من الصعوبة في قراءة القرآن ، وينصح دائما في علاج هذه الحالة بالرقية الشرعية، والإكثار من قراءة الذكر الحكيم وتحمل صعوبة القراءة في المرات الأولى، لكن مع إصرار الشخص المصاب يمكنه العلاج من المس أو السحر.