العدل وهو الحكم بالحق وعدم الانحياز في الأمور وإنما تغليب الحق دائمًا والانحياز له، وكثيرًا ما ظهر مصطلح العدل في القرآن الكريم كمضاد للظلم والجور وأيضًا كمضاد للفسق والفجور، وكان الله دائمًا ما يحث الجميع على العدل ويأمرهم به، وقد فسر المفسرون معني العدل المأمور به من قبل الله بأنه عدل في حق الله وفي حق العباد حيث يجب على الناس الالتزام بأداء ما وجب عليهم سواء ماليًا أو بدنيًا.
مواقف من عدل عمر بن الخطاب
العدل في الإسلام ليس مجرد أمر عادي وإنما هو من الأمور الهامة التي يجب الالتزام بها وكان هناك إجماع على وجوب العدل وقد ذكر العدل تصريحًا ومتضمنًا في العديد من المواضع في القرآن ومنها قوله عز وجل ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ للهِ شُهَدَاءَ بِالقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ” ( المائدة، آية8)، ويعتبر عمر بن الخطاب رضي الله عنه من أشهر من طبق العدل في الإسلام وله من المواقف الدالة على ذلك وقد ساعده على ذلك مجموعة من العوامل أو الأسباب منها:
-استمرار حكم عمر بن الخطاب مدة ليست بالقليلة إذ حكم المسلمين حوالي عشر سنوات
-تمسك عمر الشديد بالحق وكان يطبقه على نفسه وأهله قبل أن يطبقه على غيره.
-دائمًا ما كان عمر يتصرف فقط طلبًا لمرضاة الله فلا يرى غيره في تنفيذ أعماله.
ملحوظة:- العدل غالبًا ما يأتي مرافقًا للمساواة فيجب المساواة حتى يتحقق العدل بشكل صحيح.
قصة الفقير الذمي في عهد عمر بن الخطاب
كانت أحداث ذلك الموقف في مصر وفي ولاية عمرو بن العاص على مصر عندما أرسل رجل من أهل مصر إلى عمر يلوذ به إذ قال بأنه دخل في سباق مع ابن عمرو بن العاص فتغلب عليه فضربه ابن عمرو بن العاص بالصوت وهو يذكره بأنه ابن الأكرمين، فأرسل عمر بن الخطاب إلى عمرو بن العاص وطلب منه أن يأتي ومعه ابنه، وعندما حضرا أعطى السوط للرجل المصري وأمره أن يضرب ابن عمرو بن العاص وقلا له اضرب ابن الأكرميين .
فضربه الرجل وظل يضربه حتى أن الحاضرين في المجلس تمنوا أن يكف عن الضرب من كثرة وشدة ضربه له، وبعدها أخبره أن يضع السوط على صلعة عمر فقال المصري ولده هو ضربني وقد أختي حقي منه، فقال عمر لعمر بن العاص (مذ كم تعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارًا) فرد عمرو بن العاص بأنه لم يأتيه خبر بما حدث.
قصة إقامة الحد على عبدالرحمن بن عمر بن الخطاب
كان عبدالرحمن بن عمر بن الخطاب قد شرب الخمر في إحدى الحوادث وكان في مصر وهنا وجب أن يقام عليه حد شارب الخمر ومن المعروف أن إقامة الحدود تتم في الساحة حتى يحدث الغرض منها وهو تقديم العظة والعبرة وتعليم الناس إلا أن عمرو بن العاص نظرًا لمكانة عبدالرحمن كونه ابن أمير المؤمنين أقام عليه الحد في الدار وعرف عمر بما كان فأرسل إلى ابن العاص (من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى عمرو بن العاص:
عجبت لك يا ابن العاص ولجرأتك عليّ، وخلاف عهدي. أما إني قد خالفت فيك أصحاب بدر عمن هو خير منك، واخترتك لجدالك عني وإنفاذ مهدي، فأراك تلوثت بما قد تلوثت، فما أراني إلا عازلك فمسيء عزلك، تضرب عبد الرحمن في بيتك، وقد عرفت أن هذا يخالفني؟ إنما عبد الرحمن رجل من رعيتك، تصنع به ما تصنع بغيره من المسلمين. ولكن قلت: هو ولد أمير المؤمنين وقد عرفت أن لا هوادة لأحد من الناس عندي في حق يجب لله عليه، فإذا جاءك كتابي هذا، فابعث به في عباءة على قتب حتى يعرف سوء ما صنع. وقد تم إحضاره إلى المدينة وضربه الحد جهرًا) وهنا عنف عمر بن الخطاب عمرو بن العاص كيف يعصي الأمر بأن تتم إقامة الحد جهرًا على عبد الرحمن كباقي الرعية تحت سلطة عمر بن العاص.
قصة عمر بن الخطاب مع اليهودي
كان عمر بن الخطاب قد قدم إلى الشام واتخذ مجلسه بينهم فتقدم منه رجلًا من أهل المكان وكان يبدو على الرجل أنه تعرض للضرب، إذ أن رأسه كانت مشجوبة فقال لعمر إن رجلًا من المؤمنين فعل ذلك بي وهو يقصد أحد رجال عمر بن الخطاب مما أصاب عمر بالغضب، فطلب من صهيب أن يعرف من هو الرجل ويأتي به، وبالفعل عرف صهيب أن من فعل ذلك هو عوف بن مالك الاشجعي فخاف عليه من غضب عمر وأبلغه أن يحضر ويحضر معه معاذ بن جبل حتى يهدئ من غضب عمر عليه ليسمعه .
وحضر معاذ مع عوف وبدأ هو بالكلام مع عمر حتى يهدأ ليسمع من عوف أولًا، فسمع عمر إذا قال عوف بأن اليهودي كان يقود حمار تركبه امرأة مسلمة فضربه حتى يسقطها فلم تسقط المرأة فقام هو بدفعها فسقطت واقترب منها، فطلب عمر المرأة للتحقق مما قيل فحضرت المرأة حتى ترد عن عوف الظلم رغم أن أبيها وزوجها طلبا أن يذهبا نيابة عنها وبالفعل أكدت ما قاله عوف، فقال عمر إن الصلح بينا لم يكن على هذا فأمر بصلبه.