عرف علماء اللغة والتفسير الغيبة بأنها ذكر المرء لأخيه بما يعيبه ويكرهه، وعرفها لنا رسول الله صلوات الله وسلامه عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « أتدرون ما الغيبة؟ »، قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: «ذكرك أخاك بما يكره » قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: « إن كان فيه ما تقول، فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته » فما هي كفارة الغيبة؟

الغيبة في القرآن والسنة

أولاً: القرآن الكريم

– شبه القرآن الكريم المغتاب بآكل لحم أخيه الميت فقال تبارك وتعالى: {وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ} [الحجرات:12].

– {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} [سورة الأحزاب: 58]

– {وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [سورة الحجرات: 11]

ثانيًا: السنة النبوية

عن عبد الله بن عمرو – رضي الله عنهما – قال: ذكرنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا، فقلنا: لا يأكل حتى يطعم، ولا يرحل حتى يرحل له، فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” اغتبتموه “، فقلنا: إنما حدثنا بما فيه، قال: ” حسبك إذا ذكرت أخاك بما فيه “

عن جابر بن عبد الله – رضي الله عنهما – قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم فارتفعت ريح جيفة منتنة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” أتدرون ما هذه الريح؟، هذه ريح الذين يغتابون المؤمنين “

– عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صل الله عليه وسلم: « إن من أكبر الكبائر استطالة المرء في عرض رجل مسلم بغير حق » [رواه أبو داوود] .

عقوبة الغيبة وجزاء ردها أو السكوت عنها

عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: من اغتيب عنده مؤمن فنصره، جزاه الله بها خيرًا في الدنيا والآخرة، ومن اغتيب عنده مؤمن فلم ينصره، جزاه الله بها في الدنيا والآخرة شرا، وما التقم أحد لقمة شرًا من اغتياب مؤمن، إن قال فيه ما يعلم فقد اغتابه، وإن قال فيه بما لا يعلم، فقد بهته».

كفارة الغيبة

وردت الآيات والأحاديث التي تدل على كفارة الغيبة فجاء القرآن { وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ} أي التوبة والعودة عن هذا الفعل والندم عليه وجاء الحديث ليأمرنا بالاستغفار للشخص المغتاب وذكره بما يحب تعويضًا له إذا كان لا يعلم بما صدر منك، أو طلب الصفح منه والاستحلال في حالة أنه عرف به.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من كانت له مظلمة لأخيه من عرضه أو شيء فليستحله منه اليوم قبل أن لا يكون دينار أو درهم إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه».

عن أنس قال : ” كانت العرب يخدم بعضهم بعضا في الأسفار، وكان مع أبي بكر، وعمر رجل يخدمهما، فنام، واستيقظا ولم يهيئ طعامًا، فقالا: إن هذا لنؤوم – أي كثير النوم – فأيقظاه فقالا: ائت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقل له: إن أبا بكر، وعمر يقرآنك السلام، وهما يستأدمانك – ما يؤكل مع الخبز – فأتاه، فقال صلى الله عليه وسلم: « أخبرهما أنهما قد ائتدما » ففزعا، فجاءا إلى النبي صلى الله عليه وسم، فقالا: يا رسول الله، بعثنا نستأدمك، فقلت: ائتدما، فبأي شيء ائتدمنا ؟ فقال: « بأكلكما لحم أخيكما، إني لأرى لحمه بين ثناياكما »، فقالا: يا رسول الله، فاستغفر لنا، قال: « هو، فليستغفر لكما » [صححه الألباني].