الحج أحد الفرائض التي فرضها الله سبحانه وتعالى على المسلمين، وهو ركنا أصيلا من أركان الإسلام الذي بني عليها، وواجب على كل مسلم استطاع إليه سبيلا ، وذلك مرة واحدة في العمر، وقد فرض الله الحج وحدد له أياما معدودة ومكانا معروفا ومعينا، وإذا أدي المسلم هذه الفريضة كما ينبغي وحافظ على شروطه، ولم يرتكب إثما فقد كان حجه مبرورا وذنبه مغفورا، ورجع إلى بيته كيوم ولدته أمّه، والحج من مواسم الخيرات، التي تُكَفَّر فيها الذنوب والسيئات، ويمتثل فيها الحاج إلى أوامر ربه ونواهيه.

 دروس وعبر من الحج

 يعتبر الحج الذي يلبي فيه المسلم أمر ربه بالحج لبيته الحرام، موسما عظيما للخير والثواب، الذي يكلل بالفوز بالجنة في الحياة الآخرة، وتتعدد دروس وعبر الحج إذ منها دروس وعبر عامة ومنها دروس وعبر في كل شعيرة من الشعائر ومنسك من المناسك، ومن هذه الدروس والعبر.

1 – الأخوة والوحدة بين جموع المسلمين

 تجمع هذه الفريضة أعدادا غفيرة من المسلمين الذين يلبون أمر ربهم، فيأتون من كل حدب وصوب، ليجتمعوا في وقت واحد ومكان واحد على تنفيذ شعائر ونسك واحدة، فيشعروا بوحدة القلوب وتآلفها ووحدة الصف والهدف والغاية.

2– الشعور بمراقبة الله عزّ وجل

 يستشعر المسلم وهو يؤدي هذه الفريضة العظيمة الشأن أن الله سبحانه يراقبه ويطلع عليه  في كل شؤون الحياة، فيحرص أن يؤدي تلك الفريضة بإتقان المناسك، كما يشعر المسلم وهو يؤدي يحج أنه واقف بين يدي الله فيستشعر المهابة من الله سبحانه وتعالي.

3- التحلّي بمكارم الأخلاق

 يتعلم المسلم ويؤكد خلال رحلة الحج على الأخلاق الإسلامية التي يتحلى بها، ففي الحج كما ذكر القرآن العظيم أنه لا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج، فيتعلّم المسلم تقوى الله وطاعته في تنفيذ أوامره والبعد عن نواهيه، كما يتعلم خلال المواقف التي يتعرض لها في أيام الحج قيم وأخلاق التسامح والصبر وكظم الغيظ و الكرم والعفو عن من أساء إليه، والحلم والرحمة، والجود والعطف وغيرها من أخلاق يدعو إليها الدين الإسلامي.

 4- المداومة على ذكر الله

يلهج الحاج لسانه طوال أيام الحج بالتضرع والدعاء إلى الله وذكره الدائم، وهذا الدعاء والذكر الدائمين يجعلان الحاج يشعر بلذّة وسعادة تملأ قلبه، ويعتاد بعد العودة من تلك الرحلة المقدسة التي أنس فيها بذكر ربه ونشوة الدعاء والابتهال إليه والبكاء على أعتابه طلبا لرحمته وغفرانه، يعتاد على الذكر المتواصل الذي يرطب لسانه ويطيب خاطره.

5- الاستعداد ليوم العرض والحساب

 توجد في رحلة الحج دلالات كثيرة يجب على الحاج أن يدركها حيث تذكّره بيوم الآخرة، وهي الفرصة التي لا يشعر بها من لم يحج، ففي لبس ثياب الإحرام تذكير بكفن الموت، ورحلة الحج نفسها تحمل الدلالة على رحلة يوم القيامة، كما أن الوقوف وسط الزحام ودرجة الحرارة الشديد فيه دلالة على الوقوف يوم العرض انتظارا للحساب، وهي دلالات تدفع المسلم الصادق  إلى الاستعداد والتجهيز والتزود ليوم القيامة.

وفي مناسك الحج الكثير من الدروس والعبر منها

1 – التشبه بالملائكة، يعتبر الطواف بالبيت الحرام صلاة كما أخبر الهادي البشير صلى الله عليه وسلم، كما أن فيه تشبه بالملائكة وهم يطوفون حول عرش الرحمن.

2- الصبر على الطلب، في شعيرة السعي بين الصفا والمروة، تذكر للسيدة هاجر ، وهي تلهث من السعي أشواطا داعية ومتضرعة إلى الله لطلب الماء لولدها ، الدلالة هنا أن على المسلم أن يصبر على طلبه من الله سبحانه وتعالى، مع الإلحاح في الدعاء إليه.

3- التشبه بني الله إبراهيم عليه السلام، عندما يرمي الحاج الجمار فإنه يفعل هذا تشبها بنبي الله إبراهيم عليه السلام، حينما هاجم الشيطان وحاربه لما ظهر له في موقع رمي الجمار، ليثنيه عن ذبح ولده الذي قرره تنفيذا وامتثالا لأمر ربه، وفي هذا التشبه وعدا من الحاج باتخاذ الشيطان عدوا ومحاربته.