الحصار، تتنوع مفهوم كلمة الحصار على حسب اللغة وما هو المصطلح الموضوع بها، كما ان الحصار يختلف كثيرا في مدته وقوت الحصار وأيضا نتائج الحصار، وقد اختلفت اهداف الحصار على مر العصور، حيث ان تلك الكلمة قد كانت تستخدم في كل شيء يتم تقييده، ولكن عادة ما تجد كلمة حصار في الأشياء والمصطلحات العسكرية، والهدف من الحصار هو عزل العدو عن أي امدادات قد تصل اليه من الخارج، وعزله وعدم اتصاله باي شيء خارجي من البر او حتى من البحر، او من الجو، وقد يكون الحصار على مكان معين او على مدينة وحتى على شعب كامل، فيمنع عنها كل سيء من طعام واتصال او حتى من السفر برا او بحرا او حتى جو.

الحصار

عادة ما يكون مفهوم الحصار عند كثير من الناس انه يقتصر على البر او على البحر او حتى على الجو، ولكن من الممكن ان يكون ذلك الحصار يجمع بينهم هم الثلاثة، لذا فان وجهات النظر عن الحصار تختلف من شخص الى اخر، وذلك يعتمد على مفهوم الحصار، فمثلا الحصار من المنظور السياسي يكون الهدف منه هو التغيير الجذري في بروتوكول التعامل الدولي بين البلاد، اما الحصار من وجهة النظر الاجتماعية، فهو احدى الطرق البشعة والتي من خلالها نقوم بقتل الناس جوع وإخضاع ارادتهم، وان نضغط عليهم بكل الوسائل.

ما هو أطول حصار في التاريخ

قد تم تسجيل اطول حصار في التاريخ على شواطئ البحر الأبيض المتوسط والذي كان يشهد العديد من الهجمات من العدو، وقد كانت تلك الهجمات شديدة جدا وذلك لأهمية تلك المواقع الاستراتيجية الرائعة، قد كان ذلك منذ أوائل القرن الخامس عشر، وحتى نهاية القرن السادس عشر، ولكن تعتبر من اهم تلك الحروب هي التي اندلعت بين الإمبراطورية العثمانية ونظيرتها في البندقية، وقد كانت بشكل مدد في مدينة كاندية التي تقع على شاطئ البحر الأبيض المتوسط.

قد كانت بداية تلك الحرب في عام 1644م، وذلك عندما هاجم فرسان الاسبارتيه، وهي تعد احدى الفرق العسكرية الصليبية، قاموا بالاعتداء على أحد السفن العثمانية، وقد قاموا بنهب كل شيء موجود بها من كنوز، كما انهم قاموا باسر كل حريم السلطان الذين كانوا على متن تلك السفينة، وقد اخذوهم معهم الى القسطنطينية، هذا السبب كان شعلة البداية التي جعلت الامبراطورية العثمانية تشن حربا كبيرة جدا عليهم، فبذات في مهاجمة جزيرة كريت وقد فرضت سيطرتها على مدينة خانيه ومدينة وريثيمنو، وخلال شهرين قد وقعت جزيرة كريت بكاملها تحت السيطرة العثمانية.

ولكن ظلت انظار الإمبراطورية العثمانية تتجه نحو مدينة كاندية، فقد كان شهر ابار في عام 1648م، قامت الإمبراطورية العثمانية بداية حملتها الواسعة على المدينة وقد قامت بحصار المدينة وطورا خطوط الحصار، وقد قاموا ببعض الاتفاقيات وذلك لقطع الامدادات كلها عن المدينة، وعلى الرغم من ان اهل البندقية طلبوا ارسال المساعدات وبعض الامدادات من الدول الأوروبية المجاورة الاخرى، الا انها لم تصل اي منها، وذلك لان الدول الاوروبية قد كانت منهكة من كثرة الحروب التي خاضتها، وقد كانت هولندا وانجلترا قد كانا اجريا بعض الاتفاقيات من الإمبراطورية العثمانية، لذا في عام 1649م قامت البندقية بقطع الامدادات عن الجيش العثماني، ولكن الجيش قد اهتم بالمعونات لاستعادة قوتهم واستكمال الحصار، وقد استمرت الهجمات المتكررة على المدينة حوالي 16 عام، وقد كانت هناك الكثير من التعزيزات التي تصل الى الجيش العثماني من حين الى اخر.

ومع بداية المرحلة الأخيرة من الحصار قد كان خسر الجيش العثماني حوالي 70 ألف جندي خلال عامين فقط اثناء محاولتهم اختراق الجدار والحصن، كما ان الخسائر المدفعية قد تم حصرها حوالي 29 ألف اثناء تصديها الى الهجمات المتكررة، وقد قدم العثمانيون معاهدة سلامك في عام 1668م وذلك من اجل التهدئة، وقد نصت الاتفاقية على ان اهل البندقية تحتفظ بنصف جزيرة كريت، ولكن تم رفض تلك الاتفاقية وقد كان أملهم هو خسارة العثمانيين وانسحابهم بشكل كامل، وخاصة بعد ان تم وصول الدفعة الأولى من فرنسا والتي كانت تضم حوالي 6 الاف جندي واكثر من 30 سفينة، والتي رست على مواني الجزيرة، وعلى حين غرة قامت الجنود الفرنسية بشن غارة على دفاع العثمانيين، والتي ادت الى هزيمة العثمانيين من الضربة الاولى، الا ان العثمانيين استعادوا قوتهم بشكل سريع واستطاعوا ان يغيروا مسار اللعبة الى صالحهم، ولكن قد كانت وصلت الدفعة الثانية من الجنود الفرنسيين، وقد قاموا بالهجوم على الخطوط الدفاعية للعثمانيين وقد استخدموا حوالي 15 الف قذيفة ولكن دون جدوى.

ومع طول فترة الحصار على الجزيرة وتع الجنود شكل كبير، ونقص الامدادات والامراض التي انتشرت وقلة المؤن والهزائم الكثيرة، قد قرر الفرنسيون ان يغادروا بسفنهم عن مدينة البندقية، وقد تخلوا عن هذه المعركة، والتي سمحت للجنود العثمانيين بشن هجوم بعد حوالي خمس ايام، ولكن استطاعت الجنود الفرنسيون التصدي له، ولكن قد كان قائد كاندية لا يملك سوى 3500 جدني فقط، فعرف ان تلك الإمكانيات محدودة ولن يستطيع التصدي لهم، وفي 27 أغسطس من عام 1669م، قرر المدافعون عن مدينة كاندية الاستسلام للقوات العثمانية، وذلك بعد حصار وقتال استمر بينهم حوالي 22 عام، لذا يعتبر ذلك الحصار هو من أطول الحصارات التي حدثت حتى اليوم.