هناك العديد من المحرمات التي نهى عنها الدين الإسلامي ، و من بين هذه المحرمات بعض الكبائر و منها الرياء ، ذلك الذنب الذي خصه الله بالذكر في العديد من المواضع بغرض التحذير من الوقوع فيه .
الرياء
الرياء يعتبر من أعظم كبائر الذنوب ، ذلك الداء الذي يتسرب إلى قلوب المسلمين ليسيطر عليها ، و يصبح من أهم أسباب الشقاء في الدنيا و الآخرة ، و ذلك لأن هذا الذنب يؤدي بصاحبه إلى شقاء الدنيا و عذاب الآخرة ، و ذلك لأنه تم تحريمه و اعتباره من كبائر الذنوب طبقا للعديد من المواضع في القرآن الكريم .
الدليل على كونه من كبائر الذنوب
– من أهم الأدلة التي تثبت أن الرياء من كبائر الذنوب ، أنه اقترن بالشرك بالله ، و ذلك اعتمادا على قوله جل وعلى ( فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ) ( سورة الكهف ) ، و قد فسر الطبري هذه الآيات الكريمة فقال أن اقتران الشرك بالله مع العمل الصالح في هذه الآية ، ليس له علاقة بعبادة أخرى لغير الله و إنما مقصده هنا عدم الإخلاص في العمل لوجه الله الكريم و التباهي بالعمل الصالحة و المراءاه للأشخاص الآخرين .
– كذلك هذا الأمر تم الاستناد فيه على قول رسولنا الكريم حينما تحدث عن الرياء ، فقال ” إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمُ الشِّرْكَ الأَصْغَرَ ” ، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَمَا الشِّرْكُ الأَصْغَرُ ؟ قَالَ : ” الرِّيَاءُ ، يَقُولُ اللَّهُ لَهُمْ يَوْمَ يُجَازِي الْعِبَادَ بِأَعْمَالِهِمُ : اذْهَبُوا عَلَى الَّذِينَ كُنْتُم تُرَاءُونَ فِي الدُّنْيَا ، فَانْظُرُوا هَلْ تَجِدُونَ عِنْدَهُمْ جَزَاءً ” .
عقاب المرائين
تحدث الله عن المرائين في الكثير من المواضع و عن عقابهم عند رب العالمين ، و من أشهر الآيات التي توعد فيها الله لهم بعذاب الويل ، قوله تعالى فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (5) الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ (6) وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ (7) ( سورة الماعون ) ، كذلك توعد الله لهم بهبوط أعمالهم في قوله تعالى وَقَدِمْنَا إِلَىٰ مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا (23) ( سورة الفرقان ) ، و لم تكن تلك الآية الوحيدة هي التي تحدثت عن حبوط أعمال المرائين مهما تعاظمت ، و ذلك ما ذكره رسولنا الكريم في قوله (( أنا أغْنى الشُّركاء عن الشِّركِ، مَنْ عَمِل عَمَلا أشرك فيه مَعي غيري تركتهُ وشِرْكَهُ )) [مسلم عن أبي هريرة ] .
الرياء صفة المنافقين
اقترن الرياء بالنفاق في العديد من الآيات الكريمات ، هؤلاء الأشخاص الذين وعدوا بكونهم سيتواجدوا في الدرك الأسفل من النار و لهم بئس المصير ، و ذلك اعتمادا على قوله جل وعلى إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَىٰ يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا (142) ( سورة النساء ) ، كذلك قيل أن ذلك الشخص المرائي موعود بأن يرائي الله به ، و ذلك اعتمادا على قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من سمع سمع الله به ومن يرائي يرائي الله به ) .
رأي المفسرين في الرياء
تحدث الكثيرين عن الرياء ، فكان من بينهم ابن القيم و الذهبي و القرطبي و ابن حجر و غيرهم ، فقالوا أنه من كبائر المهلكات و أنه الشرك الأصغر ، و أن صاحبه يعرض نفسه للمقت من الله و الطرد من رحمته ، و ذلك لأن المسلم عليه أن يبتغي وجه الله الكريم في كل عمل يقوم به ، و قد استندوا في هذا الأمر على العديد من الآيات الكريمة بالمقارنة مع الأحاديث النبوية الشريفة ، و كان من بينها قوله صلى الله عليه وسلم ” من تعلم علما مما يبتغى به وجه الله ، لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضا من الدنيا ; لم يجد عرف الجنة يوم القيامة ” رواه أحمد ، وأبو داود ، وابن ماجه .