بدأ هذا العصر من نهاية عام 64 وحتى عام 86 هـ ، وقد شهد العديد من المؤامرات والنزاعات ، وكان خلفاء هذا العصر هم معاوية حفيد معاوية بن أبي سفيان ، والخليفة مروان بن الحكم وتبعه بعد ذلك عبدالملك بن مروان.

مروان بن الحكم
هو مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن شمس بن عبد مناف القرشي الأموي، وهو أحد خلفاء بني أمية، ويعد من الصحابة عند طائفة كبيرة لأنه وُلِدَ في حياة النبي، وقد رأى الرسول في عام افتح عام 8هـ ، يراه البعض من التابعين لصغر سنه عند رؤية الرسول .

مكانة مروان بن الحكم
– كان مروان بن الحكم قارئاً لكتاب الله ، فقيهاً في الدين ، وقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثً في صلح الحديبية، والحديث في صحيح البخاري عن مروان والمسور بن مخرمة، كما روى مروان عن عمر وعثمان، وقد كان يعمل  كاتباً لعثمان بن عفان ، وقد روى عن علي وزيد بن ثابت، وروى عنه ابنه عبد الملك وسهل بن سعد، وسعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير، وعلي بن الحسين (زين العابدين) ومجاهد وغيرهم.

– كان مروان بن الحكم من سادات قريش ، فقد كان علي بن أبي طالب  يكثر من السؤال عنه حين انهزم الناس يوم الجمل، وكان يخشى عليه من القتل، فلما سُئل عن ذلك قال: (إنه يعطفني عليه رحم ماسة، وهو سيد من شباب قريش)، وكما قال الشافعي: إن الحسن والحسين كان يصليان خلف مروان ولا يعيدانها، ويعتدان بها.

– وكان مروان بن الحكم  ذو عقل حكيم، شديد في حدود الله وقد ولاه معاوية على المدينة، وكان عندما تقع مشكلة كبيرة في المدينة يجمع من عنده من الصحابة ويستشيرهم فيها، وعندما يجمعون على رأي فيأخذ به ، فينسب الرأي إليه.

مروان ببن الحكم والخلافة
– بعد وفاة معاوية بن يزيد اضطرب أمر بني أمية اضطرابًا شديدًا، وكادت دولتهم أن تذهب، بعد أن أعلن عبد الله بن الزبير تنصيب نفسه خليفة في مكة، وبدأت البيعة تأتيه من سائر الأقاليم حتى من بلاد الشام ، التي انقسم أهلها إلى فريقين، فريق مع عبد الله ابن الزبير، والفريق الآخر ظل على ولائه للأمويين .

– كان مروان وأهله  في المدينة عند وفاة يزيد بن معاوية فأخرجهم منها عبد الله بن الزبير، فرحلوا إلى الشام، فلما وصلوها وجدوا الأور مضطربة ، والانقسامات على أشدها، مما جعل مروان يفكر في العودة إلى الحجاز ومبايعة عبد الله ابن الزبير.

– بينما مروان يدير الفكرة في رأسه، وصل إلى الشام عدد من رجال بني أمية البارزين مثل( الحصين بن نمير السكوني،  وعبيد الله بن زياد) الذي كان يحاصرهم الزبير، وكان وصولهم إلى الشام نقطة تحول في تاريخ الدولة الأموية، فلو تأخر وصولهم لذهب مروان لمبايعة ابن الزبير، وكانت نهاية الدولة الأموية.

– قام هؤلاء الرجال بزيادة عزيمة الأمويين خاصة مروان، الذي تطلع إلى الخلافة، ولكن الأمر لم يكن سهلاً ، فقد كان القيسيون بالشام قد بايعوا بن الزبير، كما أن اليمنيين كانوا منقسمين إلى فريقي، فريق يميل إلى بيعة خالد بن يزيد، والفريق الآخر يميل إلى بيعة مروان.

– توحد موقف أنصار الأمويين بعد مناقشات ومداولات تغلب الفريق الثاني، الذي يؤيد مروان وكان حجتهم أن خالد بن يزيد لا يزال صغيراً، ولا يصلح أن يكون ندًا لابن الزبير، فاتفقوا أن تكون البيعة بالخلافة لمروان، ثم من بعده لخالد بن يزيد، واتفقوا على عقد مؤتمر في الجابية لبيعة مروان.

– حكموا الأمويين أمرهم وعقدوا المؤتمر في الجابية، وبايعوا بالخلافة لمروان  في الثالث من ذي القعدة سنة 64هـ، وقد حل ذلك مشكلة الخلافة بين بني أمية، ولم الأمر سهلاً فتعرضوا إلى عده صعوبات، فقد استعد مؤيدوا عبد الله بن الزبير لمواجهة الأمويين، وكان على مروان أن يثبت أنه أهل للمسئولية وحمل أعباء الخلافة.

– تحقق  النصر والنجاح لأنصار مروان باستلائهم على دمشق، ثم دارت المعركة الشهيرة التي حسمت الموقف في الشام لبني أمية ومروان، حيث هزم أنصار بن الزبير، وقتل زعيمهم الضحاك بن قيس، وعدد من أشرافهم واستمرت المعركة حوالي عشرين يومًا وكانت في نهاية سنة 64هـ.

– بعدما استقرت الأمور في الشام، توجه مروان إلى مصر ليستردها من عامل ابن الزبير وعبد الرحمن بن جحدم، الذي  بدأ يستعد للقتال، واشتعلت الحرب فترة ، ثم تصالحا حقنًا للدماء على أن  ولي مروان  حكم مصر لابن جحدم، وسرعان ما تحرر مروان من عهده فعزله ، وولى ابنه عبد العزيز على أرض مصر.

وفاة مروان بن الحكم:
توفي مروان بن الحكم بدمشق في شهر رمضان سنة 65هـ، عن سن 63 عاماً، وصلى عليه ابنه عبد الملك بن مروان ،  دفِن بين باب الجابية وباب الصغير.