أبو محجن الثقفي هو شاعر مخضرم، و هو أبو محجن بن حبيب بن عمرو بن عمير الثقفي واختلفوا في اسمه، حيث قيل إن اسمه عبدالله أو عمرو أو مالك، وانه أسلم بعد عام الوفود، ولد أبو محجن في الطائف بين أفراد قبيلته وتم ذكر أنه كان يعيش حياة اللهو واللعب والخمر، وكان أبوه من سادات بني ثقيف، وابو محجن قد أسلم بعدما أعلن وفد من بني ثقيف إسلامهم، وأمه فهي كنود بنت أمية ابن عبد شمس من قريش.
قصة أبي محجن الثقفي
حيث ان أبو محجن كان مبتلى بشرب الخمر، لكن ذلك لم يمنعه بأن يعمل على نصرة دينه، وكان واضح ذلك من خلال مشاركته في معركة القادسية التي كانت بقيادة سعد بن أبي وقاص، حيث انه اتوا به وهو يشرب الخمر الى سعد فحبسه سعد جراء ما فعل، إلا أن أبا محجن كان يسمع صوت سليل السيوف، وصهيل الخيول فقد آلمه ذلك ، فاستنجد بامرأة سعد بقوله دعيني أقاتل فإن نجوت، سوف أعود وأضع قدمي بين القيود، وإن قتلت استرحتم مني، فعطفت عليه وأطلقت سراحه، ثم أخذ الرمح ووثب على البلقاء وهي فرس سعد، وقاتل قتالاً باسلا يشهد له من في المعركة، وعندما انتهت الحرب عاد إلى السجن كما وعد امرأة سعد، وعندما رآه سعد قال له: (قم فوالله لا أجلدك في الخمر أبداً) ورد أبو محجن: وأنا والله لا أشربها أبداً.
رَأَيْتُ الخَمْرَ صَالِحَةً وَفِيهَا مَنَاقِبُ تُهْلِكُ الرَّجُلَ الحَلِيمَ
فَلَا وَاللهِ أَشْرَبُها حَيَاتِي وَلَا أَشَفِي بِهَا أَبَدًا سَقِيما
أبو محجن الثقفي والخمر
أبو محجن قبل إسلامه كان يجاهر بشربه للخمر، ويبين بما يضفيه الخمر عليه من فرح وسرور، وكان يقول بأن مجاهرته لشرب الخمر حرية شخصية ولا علاقة لأحد به، وانه كان يبرر ذلك بقوله: إن ما تسعد به النفس وتفرح لا عيب فيه ولا حرج.
حتى روي والله اعلم ان بعد إسلامه ظل مستمر في شرب الخمر وانه قد تعرض للنقد الشديد وعلى الرغم من الحد الذي كان يقام عليه، ومع هذا كله لم يتركه، وكان يبرر ذلك بأنه لا يؤذي أحد، فلا حق لأي أحد أن يمنعه عن ذلك.
ما قاله لا يتناسب مع الشريعة الإسلامية ابداً، لذلك فان هذا مردود ويقال ان ليس له اساس من الصحة.
وذكر ابْنُ الكَلْبِيِّ، عن عوانة قال؛ دخل عبيد بن أبي مِحْجن على عبد الملك بن مروان، فقال: أبوك الذي يقول
إِذَا مِتُّ فَادْفِنِّي إِلَى جَنْبِ كَرْمَةٍ تُرَوِّي عِظاَمِي بَعْدَ مَوْتِي عُرُوقُهَا
فذكر قصته. وأوردها ابْنُ الأَثِيرِ بلفظ: قيل إنَّ ابنًا لأبي محجن دخل على معاوية فقال له: أبوك الذي يقول… فذكر البيت، وبعده:
وَلَا تَدْفِنَنِّي بِالفَلَاةِ فَإِننّي أَخَافُ إِذَا مَا مِتُّ أَنْ لَا أَذُوقَهَا
قال: لو شئتُ لقلت أحسن مِنْ هذا من شعره. قال: وما ذاك؟ قال قوله:
لَا تَسْأَلِ النَّاسِ عَنْ مَالِي وَكَثْرَتِهِ وَسَائِلِ النَّاسَ عَنْ حَزْمِي وَعَنْ خُلُقِي
اليَومَ أَعْلَمُ أَنِّي مِنْ سرَاتِهِمُ إِذَا تَطِيشُ يَدُ الرِّعْدِيدَةِ الفَرَقِ
قَدْ أَرْكَبُ الهَوْلَ مَسْدُولًا عَسَاكِرُهُ وَأَكْتُمُ السِّرَّ فِيهِ ضَرْبَةُ العُنُقِ
أُعْطِي السِّنَانَ غَدَاةَ الرَّوْعِ حِصَّتَهُ وَعَامِلُ الرُّمْحِ أَرْويهِ مِنَ العَلَقِ
عَفُّ المَطَالِبِ عَمَّا لَسْتُ نَائِلَهُ وَإِنْ طُلِبْتُ شَدِيد الحِقْدِ وَالحَنَقِ
قَدْ يَعْسُرُ المَرْءُ حِينًا وَهُوَ ذُو كَرَمٍ وَقَدْ يَسُومُ سَوَامَ العَاجِزِ الحَمق
سَيَكْثُرُ المَالُ يَومًا بَعْدَ قِلَّتِهِ وَيَكْتَسِي العُودُ بَعْدَ اليُبْسِ بِالوَرَقِ
بطولة أبي محجن الثقفي رضي الله عنه يوم القادسية
عن إبراهيم بن محمد بن سعد، عن أبيه، قال: أُتي سعد بأبي محجن يوم القادسية وقد شرب الخمر، فأمر به إلى القيد، فلم يخرج يومئذ إلى الناس لان كانت بسعد جراحة ، قال: وصعدوا بابي محجن فوق العذيب حتى ينظر إلى الناس، واستعمل على الخيل خالد بن عرفطة، فلما التقى الناس، قال أبو محجن:
كفى حزَنًا أن تُطرَدَ الخيلُ بالقنا
وأُترَكَ مَشدودًا عليَّ وَثَاقِيَا
إِذَا قُمْتُ عَنَّانِي الْحَدِيدُ وَأُغْلِقَتْ
مَصَارِيعُ مِنْ دُونِي تَصُمُّ الْمُنَادِيَا
فلِلّه دَرِّي يومَ أُترَكُ مُوثَقا
وتَذهَلُ عنّي أُسْرَتي ورِجالِيا
حَبيساً عن الحَرْبِ العَوانِ وقد بدت
وإعمالُ غَيْري يوم ذَاكَ العَوَاليَا
وللهِ عَهْدٌ لا أخِيسُ بعَهْده
لئن فُرِجَت ألاّ أزُورَ الحوانِيَا
فقال لامرأة سعد وهي ابنة حفصة: أطلقيني ولك الله عليَّ إن سلمني الله أن أرجع حتى أضع رجلي في القيد، وإن قتلت استرحتم مني، قال: فحلته حين التقى الناس، فوثب على فرس لسعد يُقال لها: البلقاء، ثم أخذ رمحا، ثم خرج، فجعل لا يَحمل على ناحية من العدو إلا هزَمَهم، وجعل الناس يقولون: هذا مَلَك، لما يصنعه، وجعل سعد يقول: “الضبر ضبر البلقاء، والطعن طعن أبي مِحجَن، وأبو محجن في القيد!”، فلما هزم العدو، رجع أبو محجن حتى وضع رجله في القيد، وأخبرت ابنة خصفة سعد بما كان من أمره، فقال سعد: “لا والله، لا أضرب بعد اليوم رجلاً أبلى الله المسلمين على يديه ما أبلاهم”، فخلى سبيله
توبة ابو محجن من الخمر
فلما خلى سعد سبيله، فقال أبو محجن: قد كنت أشربها إذ يقام علي الحد وأُطَهر منها، فأما إذا بهرجتني، فلا والله لا أشربها أبدًا” وقال:
رَأَيْتُ الخَمْرَ صَالِحَةً وَفِيهَا مَنَاقِبُ تُهْلِكُ الرَّجُلَ الحَلِيمَا
فَلَا وَاللهِ أَشْرَبُها حَيَاتِي وَلَا أَشَفِي بِهَا أَبَدًا سَقِيما