الأصمعي هو عبد الملك الأصمعي وهو افضل الشعراء وواحد من مثقفي العرب الكبار وأحد علماء اللغة، ولد في مدينة البصرة في عام 121هـ ، وتوفي في 216هـ ، اشتهر بكثرة أسفاره وتنقله، وعرف عن الأصمعي  سعة علمه وثقافته، وقد تجمعت عوامل كثيرة ساهمت في نبوغ الأصمعي.

ومنها نشأته في أسرة كل أفرادها متعلمون، العيش في عصر اشتهر بتطور العلوم النقلية كالقراءات القرآنية، كما عاصر العديد من القرّاء الكبار، وعملية جمع الحديث النبوي، ومرحلة التأليف ووضع المصنفات الحديثة، ، وشارك في العديد من المناظرات ، وكان الأصمعي مقرباً من الخلفاء، ما ساعد في انتشار شهرته وذيوع صيته، خاصّةً في الوسط الثقافي  والعلمي.

مؤلّفات الأصمعي وشهرة إحدى قصائده

اشتهر عبد الملك الأصمعي بمؤلفاته الكثيرة والتي تنوعت ما بين الشعر والنقد الأدبي والكتابة في علم النحو وعلم اللغة، ومن هذه المؤلفات: فحولة الشعراء، الأبواب، الاختيار، المذكر والمؤنث، النحلة، والنوادر، النسب، الاشتقاق، الأصمعيات، الأضداد، الكلام الوحشي، اللغات، الدارات، السلاح، الأوقاف، جزيرة العرب، الخيل، غريب الحديث، ما اختلف لفظه واتفق معناه، المقصور والممدود، الميسر والقداح، الهمز، الوحوش، والعديد من المؤلفات الأخرى.

اشتهرت للأصمعي قصيدة بعنوان صوت صفير البلبل، والتي نظمها وكتبها تحدّياً للخليفة أبي جعفر المنصور، والذي كان شغوفا بالشعر ولديه قدرة علي حفظ أي قصيدة يسمعها من المرة الأولي، ولديه غلاما يحفظ بعد المرة الثانية، وجارية تحفظ بعد المرة الثالثة.

عرف عن أبي جعفر المنصور جزيل عطاءه للشعراء، وقد تحدي الشعراء في أن يكتبوا يقولوا قصيدة جديدة أمامه، مستغلا ملكته في الحفظ هو وغلامه وجاريته، فقد كان يدّعي أنه سمع القصيدة فيعاود قراءتها مرة أخرى، ثمّ يأتي غلامه الذي يحفظ القصيدة بعد أن يسمعها مرتين: الأولى من الشاعر والثانية من الخليفة، فيقرأها مؤكداً ما قاله الخليفة من أنها قديمة، ثم تأتي جاريته والتي كانت تحفظ القصيدة بعد أن تسمعها ثلاث مرات فتؤكد رواية الخليفة والغلام.

جاء الأصمعي وقرأ قصيدة صوت صفير البلبل، الصعبة الحفيظ بسرعة، ففشل الخليفة وغلامه وجاريته في حفظها، وانتصر الأصمعي في التحدي أمام الخليفة الذي منحه وزن القصيدة ذهباً، وزعه الأصمعي على الشعراء الذين فشلوا في تحدي الخليفة.

قصة الاصمعي والفتى العاشق

للأصمعي مجموعة من الحكايات والقصص، منها قصة الأصمعي والملك، والأصمعي والأمير، والأصمعي والشاعرات الثلاث، وغيرها من القصص والتي منها : قصة الاصمعي والفتى العاشق، والتي تحكي  عن فتي وقع في حب فتاة كانت تبادله أحاديث الحب والهوى، وفجأة انقطعت أخبارها، ولم يلتقي بها الفتي مرة أخرى.

ساء حال الفتي لانقطاع الوصل مع الحبيبة، ظل الشاب حائرا مدة من الزمن وفي أثناء تجواله في صحراء البادية، وجد حجرا فكتب عليه :
” ألا يا معشر العشاق بالله خبروا    إذا حل عشق بالفتي ما ذا يصنع”

كتب الفتي بيته الشعري مناشدا أهل الهوى والعشق يعطوه الخبرة والنصيحة، وذهب، ومر الأصمعي فوجد هذا الحجر وقرأ ما كتب عليه، وكتب عليه ردا يقول
” يداري هواه ويكتــم سره            ثم يصبر في الأمور ويخشع “.

جاء الفتي في اليوم الذي يليه وقرأ الرد على استفساره فكتب
” كيف يداري والهوى قاتل الفتي       وفي كل يوم قلبه يتقطع “.

جاء الأصمعي  فقرأ ما كتبه الفتي فرد عليه
” إذا لم يجد بد لكتمان سره فليس      له شيء سوى الموت أنفع “

جاء الفتي في اليوم الذي يليه فقرأ رد الأصمعي فكتب هو أيضا
” سمعنا وأطعنا فمتنا فبلغوا           سلامي إلي من كان للوصل يمنع “.

كتب الفتي هذين البيتين وقتل نفسه

فكتب الأصمعي هذا البيت
” نعيما لأرباب النعيم نعيمهم         وللعاشق المسكين ما يتجرع “