عانى رسول الله صل الله عليه وسلم منذ نزول الوحي مع قومه وشاهد منهم العديد من المواقف المحزنة وكان من أشد معارضيه هو عمه وهو ما أحزن رسول الله حزنًا شديدًا ، ومع اشتداد الكرب قرر رسول الله أن يهاجر من مكة بلده الحبيب إلى المدينة وذلك بعد أن عاونه أهلها وعرضوا عليه أن يعيش بينهم في سلام ونصروه وأيدوه ، فأطلق عليهم الأنصار وعلى أصحابه المهاجرين ، وفيما يلي سوف نتناول قصة هجرة الرسول وما شاهده من معاناة فيه نقدمها دروس وعبر بأسلوب مبسط للأطفال
أسباب هجرة الرسول
كان رسول الله يعيش في مكة المكرمة ، وكانت بداية نزول الوحي ودعوته إلى الإسلام من بلدته مكة ، وظل يدعو أهله وأقاربه وأصحابه ، قرابة الثلاث سنوات سرا ، وصدقه ودخل معه في الدين الإسلامي الكثير منهم ، وكان أول من أعتنق الإسلام وصدق به هو الصحابي الجليل أبو بكر الصديق ، وبعد هذه السنوات الثلاث أمره الله سبحانه وتعالى بنشر الدعوة وجعلها علنية بين أهل مكة جميعا ، وبين قبائلها ، ولكنه لاقى منهم الرفض للدعوة ، ولم يكتفوا بذلك بل قام كفار قريش بمحاربته واضطهاده ، وأذاقوه من ألوان العذاب الكثير ، هو ومن تبعه في الدخول للدين الإسلامي ، ومع اشتداد تعذيب الكفار ، وإيذائهم لهم فروا بدينهم إلى المدينة المنورة وكانت تسمى في ذلك الوقت( بيثرب) وكان الصحابي أبو بكر الصديق يعرض على رسول الله أن يتركوا مكة ، ويرحلوا لنشر الدعوة في يثرب ، ولكن رسول الله كان في انتظار أمر الله ونزول الوحي.
هجرة رسول الله
بعد أن لاقى رسول الله الكثير من اضطهاد الكفار ، نزل علية أمر الله بالهجرة حيث نزل عليه الوحي( سيدنا جبريل ) وكان ذلك في السنة الثالثة من البعثة النبوية ، وأخبره على مخطط الكفار لقتله ، وأمره بالرحيل متخفيا حتى لا يراه الكفار ، وأطاع رسول الله الأمر الذي أتاه من الله ، فخرج في الظهيرة متخفيا ، وجهز نفسه وجهز راحلتين مع رجل يعرف كل الطرق الصحراوية جيدا ، وأتفق معه على موعد يذهب إليه ومعه الراحلتين في غار ثور ،وأبلغ صاحبه أبو بكر بالرحيل معه ، وبكي صاحبه من شدة فرحه لاختيار الرسول له ، وبدأ يوم الرحيل في اليوم التي حددته قريش لقتله ، فطلب رسول الله من ابن عمه علي بن أبي طالب أن ينام مكانه في فراشه حتى يخدع الكفار أنه موجود ، ثم تخفى رسول الله وخرج مع الصحابي أبو بكر الصديق وساروا في طرق صحراوية وعرة وغير معروفة ، حتى لا يراهم أحد ، ثم توجها الاثنين إلى غار ثور واختبأ هناك لمدة ثلاثة أيام ، وكانت السيدة أسماء بنت أبي بكر تعد الطعام والشراب ، لهما وتذهب به إليهما.
رسول الله وصاحبه في غار ثور
بعد أن أكتشف كفار قريش عدم وجود رسول الله في مكانه ، وإن أبن عمه علي أبن أبي طالب ، هو من ينام مكانه ، ذهبوا يبحثون عنه في كل مكان ووصلوا إلى غار ثور ، ولكن الله سبحانه وتعالى سخر لهم حمامة وضعت بيضها أمام الغار وسخر عنكبوت نسجت خيوطها على باب الغار فشاهد هما الكفار ، فلم يتوقعا دخول النبي بالغار فذهبا ولم يروا رسول الله وصاحبه ، وقد قال أبو بكر لرسول الله أنهم لو نظروا تحت أقدامهم لوجدونا ، ورد عليه رسول الله بمقولته المشهورة( ما ظنك يا أبا بكر باثنين الله ثالثهما) اللهم صل وسلم وبارك عليك يا رسول الله.
أهل المدينة في استقبال النبي
و مرت الثلاثة أيام التي حددها رسول الله ، وذهب لهم الرجل ويعرف بعبد الله بن أريقط ومعه الراحلتين وسار مع رسول الله وصاحبه أبو بكر ليكون مرشدا لهم حتى وصلوا إلى قباء ، وقد خرج جموع المسلمين لمقابلة رسول الله ، وهم فرحين مهللين بالتكبير والمدح ، بقول طلع البدر علينا من ثنيات الوداع ، ومكثوا بقباء أربعة عشر يوما ، أسس فيهم رسول الله أول مسجد تم بناؤه في الإسلام ، وسماه بمسجد قباء ، وقد تجمع المسلمون من أقارب رسول الله وأخواله ، وأقارب أبو بكر ، ليكونوا في حماية رسول الله ، وساروا جميعا ودخلوا إلى المدينة المنورة ، وقد جاءت راحلة رسول الله ووقفت في مكان محدد أمرها الله سبحانه وتعالى به ، فكان موقع لبناء بيت رسول الله ، وتم بجواره بناء المسجد النبوي ، وظل رسول الله مع أهل المدينة المنورة ودعاهم إلى الدخول في الدين الإسلامي ، واستجاب له الكثير من الناس ، ودخلوا معه ، وأصبح أعداد المسلمين في ازدياد ، وأصبحوا في مأمن من كفار قريش وعذابهم ، ولكن كان رسول الله يحب بلدته التي ولد بها وعاش فيها وكانت رسالته منها وكان يقول ، إنها أحب بلاد الله إليه ،