أصحاب الرس هم قوم ذكروا في القرأن الكريم تحديداً في سورة الفرقان في الأيتين ” وَعَادًا وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا وَكُلًّا ضَرَبْنَا لَهُ الْأَمْثَالَ وَكُلًّا تَبَّرْنَا تَتْبِيرًا “، وكذلك في سورة ق في الأيات ” كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوَانُ لُوطٍ وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ”.

مَن هم أصحاب الرس

طبقاً لإبن عباس فإنهم أهل قرية مِن قرى ثمود والرس الذي نسبوا إليه هو بئر في أذربيجان وقد أطلق عليه هذا الإسم نسبة لكون أهل هذه القرية رسوا نبيهم فيه أي أغرقوه ودفنوه، والرس هم قوم نبي يُقال له حنظلة بن صفوان وقد كذبوه وقتلوه فأهلكهم الله عز وجل وقد كانوا يعبدون شجرة صنوبر غرسها يافث إبن نوح ويُطلق على هذه الشجرة إسم شاهدرخت.

مما قيل في كينونة أصحاب الرس

1- يُقال أنهم أهل أحد قرى ثمود وقد كانوا يتمركزون حول الرس ( البئر )، وقد أرسل الله عز وجل إلى هؤلاء القوم رسول كذبوه وقتلوه وحتى إنهم رموه في البئر الذي تُقام حوله قريتهم وأغلقوا فوقه فرسا فيه فأهلكهم الله بكفرهم هذا، ومِن الجدير بالذكر أن بعض الأقاويل تُفيد بأنهم رموه حياً .

2- يُقال أنهم مِن أهل مدين وقد بعث الله عز وجل لهم نبيه شعيب كما بعثه كذلك لأصحاب الأيكة فكذبوه كلاهما فعذبهم الله عز وجل كلاً منهما عذاب مختلف.

3- يُقال أنهم قوم كفره كانوا يعبدون الأصنام وقد طغوا في كفرهم إلى أقصى الحدود، وقد كانوا يبنون منازلهم حول بئر وبينما هم في منازلهم حول البئر إنهارت بهم منازلهم وخسف الله بهم فهلكوا جميعاً.

4- ويُقال أنهم أصحاب يس الذين قتلوا حبيب النجار مؤمن أل يس فأخذتهم الصيحة ” إِن كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ “.
5- ويقال كذلك بأنهم أصحاب الأخدود ولكن يجب العلم أن هذا القول هو الأكثر إستبعاداً على الإطلاق فأصحاب الأخدود أمنوا بالله عز وجل فقتلهم ملكهم وحتى إن الله قد أقسم بهم في القرأن الكريم ولهذا فهو أمر مستبعد فكيف يُقسم بهم الله عز وجل وكذلك يهلكهم فقد قال تعالى وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌِ ” والمقصود بالمؤمنون هنا أصحاب الأخدود.

أصحاب الرس وشجرة الصنوبر

1- كانت هذه القرية تتواجد على نهر الرس الذي سُمي بإسمهم وقد كان إجمالي القرى المتواجدة بالقرب مِن هذا النهر إثنتا عشر قرية.

2- أبداً ما كان يوماً هنالك نهراً أعذب وأغزر مِن هذا النهر وما مِن قرى أكثر إعماراً مِن القرى التي تُحيط به، وبالنسبة لشجرة الصنوبر العظيمة فقد نمت بعدما زرعوا حبة صنوبر في كل قرية.

3- كانوا يحرمون أنفسهم مِن الشرب مِن هذا النهر ويقتلون كل مَن يرغب في الشرب منه فقد كانوا يُسخرون مياه النهر لهذه الشجرة فقط.

4- وقد كانوا في كل شهرة مِن السنة يذبحون شاه أو بقرة في كل قرية كنوع مِن القربان لهذه الشجرة فقد كانوا يعبدونها ويقدسونها تقديساً.

5- وبعدما يذبحون الشاه كانوا يشعلون فيها النار وإذا ما سطع الدخان وغطى السماء مِن فوقهم خرجوا سجداً وبكياً كي ترضى عنهم الشجرة ( مِن مفهومهم وطريقة تفكيرهم ).

6- ثم يأتي الشيطان ويصيح صياح الصبي مِن ساق الشجرة ويقول يا عبادي إني رضيت عنكم فقروا عيناً وطيبوا نفساً فيشربون الخمر ثم ينصرفون.

7- وخلال عيد قريتهم العظمى كانوا دوماً يجتمعون عند شجرة الصنوبر مِن كبيرهم وحتى صغيرهم وكانوا جميعاً يُقدمون الذبائح أضعاف ما قدموا للشجر المتواجد في قراهم، وقد كان إبليس يأتي ويهز الشجرة هزاً شديداً ويتحدث بصوت جهوري ويمنيهم ويعدهم بالمزيد وما هو أكثر مِن ما وعدتهم به كافة الشياطين.

8- فيهزوا رؤوسهم مِن السجود ويظلون على هذا الحال لمدة إثنتى عشرة يوماً.

قصتهم مع النبي

بعث الله عز وجل لهم نبياً إسمه حنظلة وقد لبث النبي عندهم طويلاً وظل يدعوهم لعبادة الله وحده بلا شريك، ولكنهم قابلوه بالرفض فما إن رأى عنادهم وعدم إستجابتهم دعى الله عز وجل أن ييبس شجرهم كله وبالفعل إستجاب له الله عز وجل وأيبس كافة شجرهم فذعروا جميعاً مِن هذا الأمر وإتفقوا على قتل النبي، فقاموا عليه وحفروا بئراً ( بئر الرس ) وألقوه فيه حياً ( رسوه في البئر ) وظلوا يسمعوا أنينه حتى هلك، ويُقال أنهم قتلوه قبل أن يلقوا به في البئر.

في يوم عيدهم بعث الله لهم ريح عاصف شديد الحمرة فذعروا جميعاً وإشتد بهم الخوف وأظلتهم سحابة سوداء ألقت عليهم جمراً حتى ذابت أجسامهم.

يقول علي إبن أبي طالب رضى الله عنه : فلما رسوا نبيهم في البئر وهلك بسببهم، أرسل الله عليهم غمة كالظلة فإذا فيها عذاب شديد فأهلكتهم جميعا.