يقول الله تعالى في سورة القلم الآية الثالثة عشر: ” عُتُلٍّ بَعْدَ ذَٰلِكَ زَنِيمٍ “، و سوف نعرض تفسير العلامة السعدي و كذلك تفسير ابو جعفر الطبري لآية عتل بعد ذلك زنيم.
تفسير السعدي
يقول العلامة السعدي في كتابه تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، و الذي يفسر فيه كتاب الله بشكل مبسط، يقول في تفسير آية عتل بعد ذلك زنيم في سورة القلم، أن معنى عتل بعد ذلك هو الشخص الذي يكون غليظا و شرس الخلق، و قاسيا و غير منقاد للحق، و يفسر السعدي معنى كلمة زنيم أنها تعني دعي، أي ليس له أصل، فأخلاقه أقبح الأخلاق، و لا يرجى منه فلاح، و يقال في اللغة العربية له زنمة أي أن له علامة في الشر يعرف بها، و نستنتج من هذا في رأي السعدي أن الله تعالى نهى عن طاعة كل حلاف كذاب، خسيس النفس، سيئ الأخلاق، خصوصًا الأخلاق المتضمنة للإعجاب بالنفس، و التكبر على الحق و على الخلق و احتقار الناس و الغيبة و النميمة، و الطعن في الناس من وراء ظهورهم، و كثرة المعاصي.
تفسير الطبري
في كتابه المعروف باسم جامع البيان في تأويل القرآن الكريم للعلامة الإمام محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب، و الذي يشتهر باسم أبو جعفر الطبري، يفسر لنا قول الله عز و جل عتل بعد ذلك زنيم، فيقول الطبري أن العتل هو الرجل الجافي الكافر الشديد في كفره، و كان العرب يسمون الرجل القوي الشديد عتلا.
و في اقوال أخرى يقال أن العتلّ هو الرجل الأكول الشروب القويّ الشديد، و هو يوضع في الميزان فلا يزن شعيرة، و يروي معاوية بن صالح عن كثير بن الحارث عن القاسم مولى معاوية انه قال: سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن العُتُلّ الزنيم، فقال: “الفَاحِشُ اللَّئيمُ”، و في حديث آخر يوري ابن ثور عن معمر عن زيد بن أسلم أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : “تَبْكي السَّماءُ مِنْ عَبْدٍ أصَحَّ اللهُ جِسْمَهُ، و أرْحَبَ جَوْفَهُ، و أعْطاهُ مِنَ الدُّنْيا مِقْضَما فَكانَ للنَّاس ظَلُوما، فَذلكَ العُتلُّ الزَّنِيمُ”.
و عن معنى كلمة زنيم، و المقصد منها في هذه الآية، يقول الطبري ان الزنيم عند العرب هو الملصق بالقوم و ليس منهم، و يذكر لنا قول حسان بن ثابت صحابي رسول الله صلى الله عليه و سلم:
و أنْــتَ زَنِيـمٌ نِيـطَ فِـي آلِ هاشِـمٍ كمَـا نِيـطَ خَـلْفَ الرَّاكِب القَدَحُ الفَرْدُ
و يقال ان الزنيم هو الدعيّ، و يقال أيضا الزنيم هو رجل كانت به زنمة يُعرف بها، و يروي آخرون أن الزنيم هو الأخنس بن شَرِيق الثَّقَفِيّ حلِيف بني زُهْرة، كما زعم أناس من بني زهرة أن الزنيم هو رجل يدعى الأسود بن عبد يغوث الزُّهريّ، و قد قال سعيد بن جبير أن الزنيم هو الرجل الذي يعرف بالشرّ، كما تعرف الشاة بزنمتها، و يقال ان الزنيم هو الفاجر، و يقال انه الشخص الذي يعرفه الناس بلؤمه الشديد.
و يروى عن عكرمة عن ابن عباس أنه قال في تفسير بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ، أنه حين نزل على رسول الله قول الله: “وَ لا تُطِعْ كُلَّ حَلافٍ مَهِينٍ * هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ”، لم يعرفوا من هو الهماز المشاء حتى نـزل على النبي صلى الله عليه و سلم الآية التي تقول: “بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ”، فقال فعرفناه له زنمة كزنمة الشاة.