الاستغفار طلب المغفرة من الله جل جلاله بأجمل العبارات مع إقتران الطلب بإسم الله، وفيها توسل إلى الله، وإقرار بألوهية اللَّه تبارك وتعالى، وعزم على التوبة في الحال والمستقبل عن جميع الذنوب والمعاصي وكل مايغضب الله. ويتضمن الاستغفار إضافة إلى طلب التجاوز عن الذنوب طلب آخر وهو سترها وترك العقاب عليها من الرب جل جلاله.
فوائد الاستغفار في سورة نوح
لقد وردت بعض الآيات في سورة نوح ، والتي جاءت لتدعو إلى الاستغفار على لسان نبي الله نوح عليه السلام إلى قومه ؛ حيث يقول الله تعالى فيها “فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا (11) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا” ، ومن هذه الآيات تتجلى الفوائد العظيمة للاستغفار وهي :
تؤكد الآيات أن الله تعالى يغفر ذنوب عباده بالاستغفار ، ولذلك نصح نبي الله نوح عليه السلام قومه بالاستغفار ، لأنه من دواعي تكفير الذنوب والتوبة والإخلاص في العبادة ، وقد ورد ذلك في قوله ” فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا”
وجاءت الآية التي تلت الأمر الأول والفضل الأول للاستغفار ؛ لتوضح مدى ما يمكن أن يمنحه الاستغفار من خير بفضل الله تعالى ؛ حيث يقول الله تعالى في هذه الآية المباركة “يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا” ، وهي بمعنى أن الله يسقي عباده عند الاستغفار والإخلاص في العبادة ؛ حيث أنه عزّ وجل يقوم بإنزال الأمطار من السماء ، وقد روي عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه صعد المنبر ليستسقي ، فلم يزد على الاستغفار ، وقرأ الآيات في الاستغفار ومنها هذه الآية الكريمة ، ثم قال رضي الله عنه “لقد طلبت الغيث بمجاديح السماء التي ستنزل بها المطر”، ولذلك فإنه من المستحب قراءة سورة نوح في صلاة الاستسقاء
ومن الفضل العظيم للاستغفار والتوبة أن الله يمنح المستغفرين الأموال والبنين ؛ حيث يقول الله تعالى ” وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ” ، كما أن الله يرزق عباده بالبساتين والحدائق ويمنحهم الأنهار التي تروي هذه البساتين لتُنبت الثمار المختلفة والمتعددة ، وفي ذلك يقول الله تعالى “وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا “، وبذلك فإن سورة نوح توضح فضل الاستغفار في جلب الرزق الوفير من الماء والمال والأولاد والثمار.
فضل الاستغفار في السنة النبوية
لقد ورد في السُنة النبوية العديد من الأحاديث الشريفة التي تحث على الاستغفار ، لما يحمله من فضل عظيم للمسلم ، ومما ورد في ذلك قول الرسول صلّ الله عليه وسلم “مَن قال : أستغفر اللهَ العظيمَ الذي لا إله إلا هو الحيَّ القيوم وأتوب إليه ، غُفِر له وإن كان فَرَّ من الزَّحف” ، وحينما طلب أبو بكر الصديق رضي الله عنه من النبي أن يعلمه دعاء ليدعو به في الصلاة ؛ قال له صلّ الله عليه وسلم “(قل : اللهمَّ إنِّي ظلمتُ نفسي ظلمًا كثيرًا ، ولا يغفر الذنوبَ إلَّا أنت ، فاغفر لي مغفرةً من عندك وارحمني ، إنَّك أنت الغفور الرحيم)”.
وقد ورد أيضًا عن النبي صلّ الله عليه وسلم أنه قال “(سيِّدُ الاستغفار أن تقُول : اللهمَّ أنت ربي ، لا إله إلَّا أنت ، خلقتَني وأنا عبدُك ، وأنا على عهدِك ووعدك ما استطعتُ ، أعُوذُ بك من شرِّ ما صنعتُ ، أبُوءُ لك بنعمتك عليَّ وأبُوءُ لك بذنبي ، فاغفر لي ؛ فإنه لا يغفرُ الذُّنُوب إلَّا أنت) ، ثم قال عنها : (ومَن قالها من النَّهار موقِنًا بها ، فمات من يومه قبل أن يُمسي ، فهو من أهل الجنَّة ، ومَن قالها من اللَّيل وهو مُوقنٌ بها ، فمات قبل أن يُصبح ، فهو من أهل الجنَّة)”.