الشيخ عبد الرحمن بن محمد بن قاسم العاصمي من أشهر العلماء الذين قاموا بجمع التراث العلمي السني لشيخ الإسلام ” ابن تيمية “، والشيخ عبد الرحمن هو علامة ومحقق ومدقق من قبيلة قحطان الشهيرة .
الشيخ عبد الرحمن بن قاسم العاصمي
هو عبد الرحمن بن محمد بن قاسم العاصمي، ولد في بلدة البير عام 1312 هـ، وقد توفى والده عام 1324 هـ وكان الشيخ عبد الرحمن رحمه الله يبلغ حينها من العمر 12 عام، فقامت بتربيته والدته السيدة ” هيا بنت عباد العباد ” وجعلته يحفظ القرآن الكريم، ودفعته وشجعته لطلب العلم، وبعد أن أتم علومه الأولية فضل أن يذهب إلى الرياض التي كانت تبعد عن البير حوالي 120 كم، لكي يكمل طلب العلم باعتبار الرياض هي موطن العلماء .
وقد تلقى العلم على يد أهم العلماء والمشايخ منهم : الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ، وهو جد الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود لوالدته، وقد تلقى الشيخ عبد الرحمن على يده علم التوحيد والعقائد والتفسير والحديث والفقه، والشيخ عبد الله العنقري الذي قام الشيخ عبد الرحمن باتباعه وملازمته بصورة تامة فكان من طلابه وتلاميذه المميزين والمفضلين، والشيخ محمد بن محمود الذي تعلم على يده الفقه والفرائض، والشيخ سليمان بن سحمان صاحب التصانيف والردود على المخالفين والذي تعلم الشيخ عبد الرحمن منه التوحيد والحديث، وكذلك الشيخ محمد بن فارس الذي تعلم منه علوم اللغة العربية، وغيرهم الكثير من العلماء الكبار .
تفوقه في التعليم على كل أقرانه
تفوق الشيخ عبد الرحمن العاصمي على كل أقرانه في التعليم، وهذا بسبب اجتهاده وصبره، وقد قال عنه الشيخ الكبير عبد الله بن جبرين : ” فواصل دراسته وجد واجتهد في التعليم بعد أن ذاق حلاوة العلم، وأدرك من نفسه إقبالا كليا على القراءة والحفظ والاستفادة حتى فاق أقرانه، ولم يزل مكبا على الدراسة والحفظ والاستفادة حتى حصل على جانب كبير في أكثر العلوم، وتضلع في علم التوحيد والفقه والحديث ونحوها من العلوم الدينية ” .
أشهر مؤلفات الشيخ عبد الرحمن بن قاسم العاصمي
قام الشيخ عبد الرحمن بتأليف العديد من المؤلفات القيمة في العديد من الفروع، سواء في الفقه أو التوحيد أو الحديث أو النحو وغيرهم، ومن أشهر مؤلفاته : فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية المكونة من 37 مجلد، الدرر السنية في الأجوبة النجدية في 16 مجلد، حاشية الروض المربع ” في الفقه الحنبلي ” من 7 مجلدات ( وهذا المؤلف من أهم الكتب الدراسية في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في مادة الفقه ) .
وكذلك أصول الأحكام ” حديث “، شرح أصول الأحكام في 4 مجلدات، حشية كتاب التوحيد، حاشية ثلاثة أصول، حاشية الدرة المضيئة ” في العقيدة ” وهي عبارة عن شرح لمنظومة السفاريني الحنبلي، السيف المسلول على عابد الرسول ” وهو رد على أحد الغلاة في الرسول صلى الله عليه وسلم “، حاشية مقدمة التفسير في أصول التفسير، حاشية الرحبية في الفرائض، حاشية الأجرومية في النحو، تحريم حلق اللحى، وغيرهم .
مجهوداته في الدعوة إلى الله
لقد قام الشيخ عبد الرحمن العاصمي بتعليم التلاميذ وتدريسهم في المسجد في أوقات فراغه، حيث كان يعظهم ويوجههم ويأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر، كما أنه كتب العديد من المقالات في جريدة أم القرى التي كانت تصدر في مكة المكرمة، ومن أشهر مقالاته فيها : مقال اللهو الباطل – الغناء والمزامير، ومقال تجديد المجد الداثر، ومقال هل عُبد رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ وغيرهم .
صفاته وأخلاقه
كان الشيخ عبد الرحمن يتميز بالتواضع وحسن الخلق، والزهد والكرم، والدلالة على زهده هو أنه كان يسكن في بيت صغير من الطين داخل بستانه في قرية العمارية، وفي يوم زاره صاحب السمو الملكي الراحل الملك سعود في بيته هذا وقال له : ” نريد أن نبني لك بيتا غير هذا ” فقال الشيخ عبد الرحمن : ” قد بنيت لي دارا وأنتظر الرحيل إليها ( يعني بيتا في الدار الآخرة ) .
وفاته
توفى الشيخ عبد الرحمن العاصمي في الثامن من شعبان عام 1392 هـ، وذلك بعد معاناته من آلام في الرأس استمرت معه عدة سنوات، بعد حادث سيارة أصيب به، وقد رثاه العديد من الشعراء والأدباء، فكتب فيه الشيخ والأديب محمد بن عبد العزيز بن هليل قصيدة رثاء من ثلاثين بيتا يقول في مطلعها :
مصاب على الإسلام بين العوالم على العلم والدين القوي الدعائم
رحيل رجال العلم والمجد والتقى أولى الصدق والإخلاص من كل عالم
نجوم الهدى والرشد والحق والعلى رجوم العدا من كل غاو وآثم
فكم فاضل حبر جليل مهذب حكيم حليم ثابت الجأش حازم
تصرمت الأيام أيام عمره وبات بأطباق الثرى المترادم .