نبي الله سليمان هو أحد الملوك المؤمنين الذين حكموا بالعدل، وقد آتاه الله ملكا عظيم كما علمه منطق الطير، وسخر له الجن وسخر له الريح تجري بأمره، وعلمه لغى الحيوان والطير، وفيما يلى قصة سيدنا سليمان عليه السلام مع الهدهد.
سيدنا سليمان مع الهدهد
غياب الهدهد عن جيش سليمان
كان سيدنا سليمان مع بعض من جنوده بعدما أتوا علي وادي النمل وسمع ما قالته النملة واخذ يشكر الله على نعمة، ثم تفقد الطير ولكنه لم يرى الهدهد بينهم وتوعد أن يعذبه أو يذبحه إذا لم يكن هناك سبب لغيابه، وذلك كما قال تعالى في سورة النمل “وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ * لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ ” .
فلقد كان سيدنا سليمان قد أمره أن يبقى في موقع معيد ولم يلتزم بذلك، فقد أخذ يطير ويبتعد عن جيش سيدنا سليمان حتى شعر بالخوف والندم لأنه خرج دون أن يستأذن النبي سليمان في ذلك، ثم وصل إلى مدينة سبأ فوجد ملكة تجلس على عرش عظيم وكان الملكة هي من تحكم أهل المدينة، وتفاجأ الهدهد بهؤلاء القوم يسجدون للشمس ويعبدونها من غير الله فتعجب كيف للبشر الذين يمتلكون العقل يستطيعون التفكير أن يعبدون غير الله.
عودة الهدهد بخبر عظيم إلى سليمان
بينما الطيور تبحث عن الهدهد بقلق خوفا عليه من العذاب، عاد الهدهد إلى الجيش بهدوء وهو معه الخبر الذي سينجيه من العذاب بسبب الخطأ الذي ارتكبه، ثم ذهب الهدهد إلى مجلس سيدنا سليمان وارخى ذيله في تواضع لسيدنا سليمان الذي سأله عن سبب غيابه، وكان للهدهد حجة قوية حيث اخبر سليمان عما رأيه اثناء تحليقه في بلاد اليمن، حيث أنه رأي قوم يسجدون لغير الله ويعبدون الشمس وتحكم هؤلاء القوم سيدة لها عرش عظيم،
واستطاع الهدهد تقديم تقرير مفصل عن أرض سبأ وقوما، وذلك كما قال تعالى في سورة النمل “إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ * وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله وزين لهم الشيطان اعمالهم فصدهم عن السبيل فهم لا يهتدون * ألا يسجدوا لله الذى يخُرج الخبء في السموات والارض ويعلم ما تخفون وما تعلنون * الله لا اله الا هو رب العرش العظيم”
الهدهد يرسل رسالة سليمان إلى بلقيس
لم يصدق سيدنا سيمان قول الهدهد مباشرة ولكنه تعامل مع أخبار الهدهد بحكمة، وانتظر حتى تأكد من صدقه أولا، وعندما تأكد من صدق خبره، قرر سيدنا سليمان أن يدعوا هؤلاء القوم لعبادة الله الاحد، وفكر قبل أن يشن حرب عليهم قرر أن يرسل إليهم رسالة يدعوهم إلى الايمان بالله، فطلب من الهدهد أن يقوم بتسليم الرسالة الى الملكة بلقيس وقومها، وكان سليمان عليه السلام يطلب في رسالته انْ يُسلِموا ويستسلموا له.
عندما وصلت لبلقيس الرسالة لم تكن تعلم أن سيدنا سليمان هو نبي، فقررت أن تقدم له هديه لترى ماذا سيفعل، فرأي رسولها الذين ارسلتهم بالهدية مدى الخير الذي يمتلكه سيدنا سليمان، الذي قال لهم (انّ ما اتاه الله خير مما اتاهم)، ذهبت بلقيس إلى سيدنا سليمان الذي طلب من حاشيته انْ يأتوا له بعرش بلقيس العظيم حتى تراه عندا تأتي ، حيث قال تعالى “قَالَ عِفْريتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ” ثم عرض أحد أهل العلم أن يأتي بالعرق حيث قال تعالى ” قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ” .
بعدما حضرت بلقيس ودخلت قصر سيدنا سليمان ورأت العرش وقالت انه يشبهه واستسلمت وأمنت بسليمان وربه حيث قال تعالى “قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ”.