يعرف الجميع قصة سيدنا موسى عليه السلام و ما حل به في مصر ، و تنتهي القصة عند واقعة شق البحر ، و لا يعرف أحد ما قد حدث لليهود بعدها ، و هذا ما قد كان مجال بحث مفسري القرآن الكريم و باحثي التاريخ .
قوم موسى
لقى قوم موسى أو من عرفوا ببنو إسرائيل في مصر كافة أشكال الظلم و الاستهزاء ، حتى أنهم فروا من مصر من كل المضايقات التي وجهها لهم فرعون و قومه ، فانتهى بهم الأمر عند البحر لتحدث تلك المعجزة الشهيرة بشق البحر ، و التي كانت سببا في نجاة قوم موسى من الطاغية فرعون ، و التي ذكرها القرآن الكريم بكافة تفاصيلها ، و لكن الكثيرين لا يعرفون تفاصيل ما حدث بعد شق البحر .
فرعون بعد شق البحر
في هذا الوقت كان فرعون قد وصل إلى قمة تجبره ، و كان يتتبع المؤمنين حتى وصل للبحر ، و هنا غرق فرعون في البحر ليتحدث القرآن الكريم عن هذا فيقول ( فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً ) {سورة يونس} ، و كأن الله عز وجل قد ترك جسده فقط بعد إزهاق روحه ليكون علامة لمن اتبعوه و اعتبروه ربا .
بنو إسرائيل بعد شق البحر
– على صعيد آخر ننتقل إلى بني إسرائيل ، هؤلاء القوم المؤمنين الذين تجلت أمامهم قدرة الله و عظمته في العديد من الآيات ، و التي كانت آخرها نجاتهم من عدوهم بقدرة الله و عظمته ، عبروا البحر و رأوا بأعينهم هلاك الكافرين الذين تجبروا أمامهم ، و كان من الطبيعي أن يستمروا على عبادة الله و يتقوا الله ، و لكن هذا أبدا لم يكن حال بنو إسرائيل .
– فالجدير بالذكر أن بنو إسرائيل بعدما عبروا البحر أتوا على أقوام يعبدون الأصنام ، فبدلا من محاولة هدايتهم طلبوا من موسى أن يجعل لهم رب مثلهم ، و ذلك اعتمادا على قوله تعالى وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَىٰ قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَىٰ أَصْنَامٍ لَّهُمْ ۚ قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَل لَّنَا إِلَٰهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ ۚ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (138) سورة الأعراف .
– على صعيد آخر ذكر القرآن الكريم أنهم قد ورثوا مشارق الأرض و مغاربها بدلا من الاستضعاف الذي عاشوا فيه ، فصارت أراضي مصر و سوريا تحت سلطتهم، وذلك فيما بعد و لكنهم ظلوا على صغيانهم.
– أما عن الجموع التي خرجت من مصر فقد قاربت ثلاثة أرباع المليون ، و ذلك حسب ما روي في التاريخ ، هذه الجماعة الغفيرة التي خرجت من وطنها لتستقر في وطن آخر ، فأي أرض يمكنها استقبال هذا الجمع الغفير ، و أي مكان يسمح لهم بممارسة الشعائر الدينية بحرية ، فأوحى الله لموسى بدخول الأرض المقدسة ، و ما كان منهم لموسى إلا العناد ، حيث قالوا له إنا لن ندخلها ، و في هذا الوقت أمر سيدنا موسى بإرسال بعضهم إلى الأرض المقدسة و حينها رأوا العمالقة فعادوا مرعوبين ، فأمرهم موسى بعدم البوح بما رأوا لبني إسرائيل ، و لكنهم لم يتبعوا كلامه و زادوا في العناد ، و هنا تحدث القرآن الكريم قائلا عن لسانهم قَالُوا يَا مُوسَىٰ إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَدًا مَّا دَامُوا فِيهَا ۖ فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ (24) {سورة المائدة} ، و هنا تحدث موسى عليه السلام إلى ربه بضعف حيلته و حيرته قَالَ رَبِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي ۖ فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ (25) {سورة المائدة} .
– و في هذا الوقت كان بنو إسرائيل مجرد جمع في الصحراء ، لا يمكنهم العودة إلى مصر و لا يريدوا دخول الأرض المقدسة كما أمرهم الله جل و على ، و ذلك لتكبرهم و تجبرهم على أنبيائهم ، حتى انتهى بهم الأمر إلى التيه في الصحراء .