انتشرت ظاهرة العنف بصورة كبيرة في الآونة الأخيرة ، فتحارب الدول بعضها بعضاً ، ويحارب المواطنون ضد حكوماتهم ، وسادت ظاهرة التنمُّر في المدارس ، ليس هذا فقط بل تطرّق العنف ليكون بداخل الأفلام والمسلسلات التليفزيونية والألعاب الالكترونية ، وأصبحت الأغاني والكتب مشحونة بالكراهية والغضب. ولكن لماذا وصل العالم لهذا الوضع ؟ إذا سألنا أنفسنا هذا السؤال سنجد أن هناك العديد من الأسباب التي تقبع خلف وجود العنف في العالم ، وكل صراع سيكون له أسبابه المختلفة. ولكن يمكننا حصر الأسباب الشائعة التي ساعدت في بث هذا العنف في عشر نقاط وهي : عدم التسامح ، المخدرات ، التفكك الأسري ، الطمع ، الإعلام ، نقص التعليم ، العنصرية ، البطالة ، التعصب الديني ، و الفقر.
1- عدم التسامح :
أصبح أغلب الناس غير متسامحين أبداً وغير ودودين مع بعضهم البعض ويُعتبر ذلك أحد أكبر الأسباب المؤدّية لوجود العنف ، فقد اختفت أخلاقيات الصداقة والإحساس بالأخوة بل وعلى العكس صار هناك شعور بعدم الثقة والكراهية ، ويسئ الناس الظن في نوايا بعضهم البعض مما يدفعهم لعدم الإحساس بالأمان ، فدائماً ما يشعر كل شخص أن الآخرين يريدون إيذائه. وإذا أردنا أن نقلل من العنف فعلينا أولاً معرفة لماذا أصبحنا غير متسامحين.
2- المخدرات :
تُعتبر المخدرات إحدى الأسباب الرئيسية لوجود العنف في الكثير من الأماكن ، بل وإذا لاحظنا أكثر سنجد أن عصابات المخدرات نفسها ينتشر بداخلها العنف بصورة كبيرة ، فهم يقومون بقتل بعضهم البعض للحصول على السيادة والسلطة الأكبر ، ويلجأ البعض إلى العنف من أجل الحصول على المخدرات بينما البعض الآخر يصبح عنيفاً تحت تأثيرها.
3- التفكك الأسري :
زادت مؤخراً نسبة الطلاق لتصبح أكثر بكثير من نسبة الزواج ، و يساهم الطلاق – الذي يؤدي بدوره إلى التفكك الأسري والمشاكل الاسرية – في تكوين بيئة غير صالحة تماماً لتربية أطفال سليمين من الناحية النفسية ، وكنتيجة لهذا الاضطراب في الأسرة ، ينمو بداخل الأطفال طاقة سلبية كبيرة تجاه المجتمع من حولهم وتكبر معهم ، ليصبحوا بعد ذلك أفراداً مليئين بعدم الثقة و عدم التسامح ويصبح من السهل لجوئهم إلى العنف كوسيلة لتفريغ هذه الطاقة السلبية.
4- الطمع :
هناك العديد من الأسباب الظّاهرية التي تقال أنها السبب وراء الحروب ، ولكن دائماً ما سيظل السبب الحقيقي هو الطمع ، فالسلام والديمقراطية والأسلحة الكيميائية وما إلى ذلك كلها دعاية تستخدمها الحكومات والشركات الجشعة لتبرير الحرب ، فكل ما يريدونه حقاً هو الاستحواذ على النفط والأراضي وغيرها من الموارد الطبيعية للبلدان الأخرى بالإضافة إلى أن الحرب مربحة في حد ذاتها لمُصنّعي الأسلحة.
5- الإعلام :
أحد أسباب انتشار العنف في العالم يرجع إلي الإعلام ومبدأه بأن الأخبار السارّة لا تُعتبر أخباراً ، فدائماً ما نرى أن أخبارنا مليئة بالأحداث السيئة ، كما أن وسائل الإعلام تقوم بخداع الجماهير بصورة مستمرة ، فنحن نقرأ فقط عن عدد عمليات الاعتداء والقتل والسرقة التي وقعت في اليوم الماضي ولكننا لا نسمع عن الأشخاص الذين قاموا بأشياء جيدة ، فهذه النوعية من الأخبار تجعل العالم يبدو أكثر عنفاً و أسوء مما هو عليه ، ويزيد بدوره من العنف وانعدام الثقة بين الناس.
6- نقص التعليم :
يُعد الجهل وانعدام الوعي سبباً كبيراً لوجود العنف ، ويحدث ذلك عندما لا يتوفر التعليم المناسب للناس ، فالتعليم الصحيح لا يقتصر فقط على الدراسة ، بل إنه يشتمل أيضاً على تعليم الشباب و كيفية التعامل والتصرّف مع الآخرين مما يُنمّى ذكائهم و فكرهم ، وعلى الجانب الآخر فإن الجهل يجعل من الناس فريسة سهلة لمطامع البعض في التلاعب بهم وتوجيههم لإيذاء بعضهم البعض.
7- العنصرية :
هي سبب كبير لانتشار الكثير من أعمال العنف في العالم ، فالناس يحبون التواصل مع من يبدون مثلهم ولا يثقون بأي شخص يبدو أو يتصرف بشكل مختلف ، وعلى الرغم من عدم وجود نظام الفصل العنصري رسمياً ، إلا أن العنصرية مازالت موجودة في معظم البلدان ، وهذه العنصرية لا تشتمل فقط علي عنصرية اللون ، فعندما يكون الناس من مناطق مختلفة فإنهم لا يثقون في بعضهم البعض ، ويفكّرون بصورة نمطية.
8- البطالة :
غالباً ما تؤدي البطالة إلى الجريمة والعنف ، فعندما لا يكون للشباب وظيفة مشروعة يكسبون منها رزقهم ، فلا يكون أمامهم خيار سوى اللجوء إلى الطرق الغير مشروعة والجريمة لإطعام أنفسهم وأسرهم ، وقد شوهد في جميع أنحاء العالم – بما في ذلك البلدان المتقدمة – وجود علاقة مباشرة بين معدل البطالة ومعدل الجرائم والعنف.
9- التعصب الديني :
لقد عانى العالم لقرونٍ طويلة من الحروب التي يكون سببها هو التعصب الديني ، وعلى الرغم من أن الأديان تدعوا إلى نبذ العنف ونشر الرحمة والمودة ، إلا أن الكثير من الناس لا يقومون بتنفيذ هذا الأمر ، و دأب العديد من الزعماء الدينيون علي التلاعب بأديانهم وكتبهم المقدسة لإحكام سيطرتهم علي الشعب ، ونتيجة لذلك خاض العالم العديد من الحروب الدامية القائمة على التعصب الديني والتي قاست منها الشعوب ألواناً من العذاب والتدمير ولا زالت تقاسي حتى الآن.
10- الفقر :
إذا كان هناك سبباً أكبر من التعصب الديني في نشر العنف في المجتمعات فإنه بالتأكيد سيكون الفقر ، فالفقر هو مشكلة في حد ذاتها يتبعها العديد من الكوارث ، فهو يؤدي للجوع و نقص التعليم و إساءة استعمال المواد المخدرة ، ويُعتبر التوزيع الغير متكافئ للثروة أخطر وأكثر ضرراً من الفقر، فهو يخلق فجوة كبيرة بين الأغنياء والفقراء ويجعلهم يتصارعون فيما بينهم. في الواقع ، عندما يصبح شخصاً ما فاحش الثراء ، فيؤدى ذلك إلى زيادة طمعه ورغبته في أن يكون من ذوى السلطة والقوة.