هو العام في السنة العاشرة من الهجرة والذي توفت فيه السيدة خديجة رضي الله عنها والتي كانت تمثل الحماية الداخلية والرعاية لرسول الله، وكذلك موت عمه أبو طالب الذي كفله ورعاه وكان يمثل له الحماية الخارجية من الأعداء وما تلت ذلك من أحداث جعلت النبي يحزن حزنًا شديدًا فسمي بذلك عام الحزن

فقدان الحماية الخارجية “وفاة أبو طالب”:
وكان ذلك في السنة العاشرة من بعثة النبي وكانت تتمثل في الرعاية والحماية التي يوفرها أبوطالب عم النبي صل الله عليه وسلم، الذي اهتم لشأن النبي بعد وفاة جده عبدالمطلب، ورباه في بيته حتى بلغ واشتد أزره، ووقف مع رسول الله ضد أعدائه من الكفار والمشركين على الرغم من كونه غير مسلم إلا أن شدة حبه لابن أخيه كفلت له هذه الرعاية والحماية.

ويروى أنه حينما حضرت أبو طالب الوفاة دخل عليه النبي صل الله عليه وسلم، وكان عنده أبو جهل، فقال رسول الله: «أي عم، قل لا إله إلا الله كلمة أحاج لك بها عند الله»، فقال أبو جهل: يا أبا طالب ترغب عن ملة عبدالمطلب، فقال له النبي صل الله عليه وسلم: «لأستغفرن لك ما لم أنه عنك»، فأنزل الله: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} [القصص:56].

فقدان المعونة والرعاية الداخلية “وفاة السيدة خديجة”:
وفي نفس العام ماتت السيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها أم المؤمنين وزوج رسول الله صل الله عليه وسلم، وأم أولاده، ومعينه على مصاعب الحياة ومخففة آلامه، تقدم له الدعم الروحي والمعنوي للتغلب على الصراعات الدائمة مع الكفار والمشركين، وقد ظلت معه خمس وعشرون سنة وحينما ماتت قالت له خولة بنت حكيم رضي الله عنها: يا رسول الله كأني أراك قد دخلتك خَلّة، قال: «أجل كانت أم العيال، وربة البيت».

السبب وراء تسمية هذا العام بعام الحزن:
لم يتوقف حزن الرسول صل الله عليه وسلم عند وفاة عمه أبو طالب، وزوجه خديجة بل كان هناك من الأسباب ما تجعله اكثر حزنًا وضيقًا، فقد أعقب وفاة كل منهما من أحداث وصراعات أدت إلى انغلاق معظم أبواب الدعوة الإسلامية في وجهه، وذلك مما كانت تكفله له رعاية عمه أبو طالب من أعدائه من المشركين وحريته في توجيه تعاليم الإسلام لأتباعه، وجهره بالدعوة دون أي مضايقات من الكفار، الذين فرحو لموت أبو طالب وخلو الرسول من أي حماية له.

كما كان حزنه على عدم انتشار الدعوة وعدم إيمان الناس بالرسالة التي جاء بها، ولكن الله لم يشئ لعبده الحزن فأرسل الآيات واحدة تلو الأخرى تطمئنه وتسليه، وتذكره ان كل ما عليه هو التبليغ فقط، قال الله تعالى: {قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآَيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ} [الأنعام:33-34]