الصحابي الجليل ” حجر بن عدي الكندي” هو أحد صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم ، وأطلق عليه “حجر الخير” ، وكان قد أسلم وهو مازال في بداية شبابه ، حيث جاء إلى الرسول مع أخيه “هاني بن عدي” ، وكان أحد الصحابة الذين قاموا بدفن “أبي ذر الغفاري” صحابي الرسول ، والذي تم دفنه في الربذة ، بعدما أرسله إليها “عثمان بن عفان ” الخليفة الراشدي الثالث ، لأنه توجه إليه بالكثير من الإنتقادات على نظام حكمه ، وبشكل خاص بعد انتهاء النصف الثاني من حكم “عثمان” رضي الله عنه .
فتوحات بلاد الشام : كان هذا الصحابي الجليل قائدا من بين القادة الذين شاركوا في هذه الفتوحات ، فشارك “حجر بن عدي” في فتح القادسية ، كما شارك في فتح عدرا ، وقام عدي بمناصرة “على بن أبي طالب” وحزبه بعد استشهاد الخليفة الأموي “عثمان بن عفان ” رضي الله عنه ، حيث كان من أوائل الناس الذين بايعوه للخلافة ، وظل برفقته ، فشارك “حجر” مع “علي ” في صفين ، كما كان قائدا على كل من حضرموت ، قضاعة ، كندة ومهرة ، بالإضافة إلى ذلك كان قائد الميمنة مع الإمام “على بن أبي طالب” في معركة النهروان ، وصف الصحابي الجليل “حجر بن عدي” بأنه من أكثر الناس خلقا وأفضلهم ، وكان ورعا تقيا أفنى حياته في سبيل الله ، كما تم وصفه براهب الصحابة .
قصة مقتل الصحابي حجر بن عدي : تسلم الصحابي الجليل “حجر بن عدي” الحكم على العراق والكوفة التابعة لها ، بعد استشهاد الإمام “على بن طالب “رضي الله عنه ، ولكنه لم يرد هذا الحكم الذي وقع تحت براثنه ، وكان هذا الأمر مخالفا لمبادئه وفكره الذي كافح لأجلها مع حبيبه الإمام “على” ، وكان “حجر بن عدي على” خلاف كبير مع “المغيرة بن شعبة”، بسبب بعض المواضيع الشديدة الحساسية ، وكان دائم التصدي له ، وكان الأمر لا يخلو بينهما من المشاكل ، ولكن لم يقتله “المغيرة “، علما منه بمكانته ، كما أنه كان يخشى خسارة الآخرة إرضاء لمعاوية .
وبعد وفاة “مغيرة” في عام 50 من الهجرة ، تولى الحكم “زياد بن أبيه” ، واختلف مع “حجر بن عدي” أيضا على السلطة ، ولكن على غرار “مغيرة” المتسامح ، تربص “زياد” بحجر وقام بإعتقاله مع مجموعة من أصحابه ووضعهم في السجن ، وقام بعدها بحشد مجموعة من كبار المسؤولين ليشهدوا على حجر ويذهبوا به إلى التهلكة .
وبالفعل شهد “أبو بردة بن أبي موسى الأشعري” على حجر بأشياء تدينه وتضعه تحت حد السيف ، كما شهد معه أربعة رجال من كبار المسؤولين لدى “زياد بن أبيه” ، ولكن شهد سبعون رجلا على “زياد” ، وقام رجل يدعى ” شريح بن هاني ” بإرسال رسالة إلى “معاوية” سريعا عندما علم بما فعله “زياد” وأعوانه بحجر ، وفي هذه الرسالة تحدث “شريح” عن صفات “حجر” المشهود لها ، فكان يداوم على صلاته ، يؤدي الزكاه ويكثر من العمرة والحج ، يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ، وأكد أن قتله لا يجوز فدمه وماله حرام ، ثم ختم رسالته قائلا : إن أردت أن تقتله فاقتله وإن أردت أن تتركه فاتركه.
قام “زياد بن أبيه ” بإرسال حجر إلى الخليفة “معاوية بن أبي سفيان” ، وبرفقته الشهود الزور ، وبالفعل قرأ معاوية الشهادات ورسالة “شريح” ، وكان مترددا في قتله للرجل ، وأرسل إلى زياد يخبره بذلك ، فرد عليه “زياد” قائلا : “إن كانت لك هناك أية حاجة في الكوفة فلا ترجع حجراً ورفاقه إليها” ، وبعدها أرسله “معاوية” إلى سجن مرج العذراء ، وأخبر “حجر” رسول معاوية بأن أعداءه قد شهدوا عليه زورا وهو لا يزال على بيعته ، ولكنه صدق كلام “زياد” ،وأرسل إليه رسوله مجددا ينقل له هذه الرسالة ، وطلب منه التخلي عن معتقداته السابقة فرفض “حجر” ، وبعدها تم قتله على يد السياف ، ولكن قبل استشهاده طلب بقتل ابنه أولا حتى لا يضعف ويتراجع عن موقفه عندما يراه وهو يقتل ، وهذه اللحظات شهدت الكثير من المجد ، العزة والرفعة لهذا الصحابي الجليل .