هو الصحابي الجليل والقائد الكبير والبطل المجاهد خالد بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم بن يقظة بن كعب، سيف الله تعالى وفارس الإسلام أبو سليمان القرشي المخزومي المكي، المتوفى بحمص سنة إحدى وعشرين من الهجرة، وأحد من الذين أعز الله بهم الإسلام، الفاتك بالمسلمين يوم أحد والفاتك بأعداء الإسلام حتى مات، صافح الرسول مبايعا، فتغيرت حياته كلها.
إسلام سيف الله :
كانت البداية حين خلا سيف الإسلام خالد بن الوليد يوما إلى نفسه، ودعا الله أن يهديه، وقال بعد أن أزاحت بشائر اليقين من فؤاده بقايا الضلال ” والله لقد استقام المنسم، وإن الرجل لرسول.. فحتى متى..؟؟ أذهب والله، فأسلم”.
يقول رضي الله عنه في روايته عن رحلته من مكة الى المدينة لكي يأخذ مكانه في قافلة المؤمنين: ” وددت لو أجد من أصاحب، فلقيت عثمان بن طلحة، فذكرت له الذي أريد فأسرع الإجابة، وخرجنا جميعا فأدلجنا سحرا.. فلما كنا بالسهل إذا عمرو بن العاص، فقال مرحبا يا قوم قلنا: وبك.. قال: أين مسيركم؟ فأخبرناه، وأخبرنا أيضا أنه يريد النبي ليسلم.
فإصطحبنا عمرو بن العاص حتى قدمنا المدينة، وكان أول يوم من صفر سنة ثمان، ..فلما اطّلعت على رسول الله صلى الله عليه وسلم سلمت عليه بالنبوّة فردّ على السلام بوجه طلق، فأسلمت وشهدت شهادة الحق.
فقال الرسول: قد كنت أرى لك عقلا رجوت ألا يسلمك إلا إلى خير.. ويضيف رضى الله عنه، بايعت رسول الله وقلت: استغفر لي كل ما أوضَعت فيه من صدّ عن سبيل الله.
فقال: إن الإسلام يجبّ ما كان قبله، قلت: يا رسول الله على ذلك، فقال رسول الله : اللهم اغفر لخالد بن الوليد كل ما أوضع فيه من صدّ عن سبيلك، وتقدّم عمرو بن العاص، وعثمان بن طلحة، فأسلما وبايعا رسول الله”…
داهية الحرب :
لقد كانت حياة هذا البطل العبقري الداهية العسكري ما يستوقف المتأمل والباحث عن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فهذا البطل حديث العهد بالإسلام يقود جيش المسلمين في معركة مؤتة بعد استشهاد قادة الجيش الثلاثة زيد بن حارثة، وجعفر بن أبي طالب، وعبدالله بن رواحة..
فُيغير قواعد القتال ويحول انتصار جيش الروم إلى نصر غير مكتمل، و بعد أن كان مصير المعركة قد تحدد، فضحايا المسلمين كثيرون، وجيش الروم في كثرته الساحقة كاسح، ظافر، لقد أوقف الخسائر عن طريق عبقريته وأخرج بقية الجيش سالما، وهو ما سمي حديثا بـ ” الانسحاب الوقائي ” الذي يمنع سقوط الجيش كله على أرض المعركة.
ففتح في صفوف جيش الروم ثغرة واسعة، خرج منها جيش المسلمين كله سليما ناجيا من كارثة محققة.
يوم الفتح العظيم
نُكثت قريش عهدها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتحرك المسلمون تحت قيادته لفتح مكة، وولى الرسول الأعظم على الجناح الأيمن من الجيش، خالد بن الوليد.
ودخل مكة قائدا من قادة الجيش المسلم، بعد أن شهدته مكة واحدا من قادة جيش الكفر والشرك زمنا طويلا.
عاد إلى مكة المستضعفين الذين خرجوا منها ظلما، عادوا تحت راية الإسلام الخافقة، بتكبيرات تهز مكة هزًا وأية يرددها الزاحفون :(وعد الله.. لا يخلف الله وعده) ، ويتم الفتح العظيم.
ويظل خالد بن الوليد سيف الله وفارس الإسلام إلى جانب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي خدمة الدين الذي آمن به، مدافعا عنه بروحه، وينذر له كل حياته، وبعد أن لحق الرسول بالرفيق الأعلى، وحمل أبو بكر مسؤولية الخلافة، التي بدأت بحرب الردة، ويضع أبو بكر الصديق عينه على بطل الموقف ورجل الساعة، سيف الله، خالد بن الوليد.