تُعدّ مدينة القدس من المُدن الحضاريّة والمُقدسة المهمّة، أُسِّست معالمها الأولى على منطقة تلال الظهور التي تُطلّ على سلوان في الجهة الجنوبيّة الشرقيّة التابعة للمسجد الأقصى، أمّا امتدادها الجغرافيّ في الوقت الحالي فيبدأ من الجهة الجنوبيّة لجبال الخليل، والجهة الشماليّة لجبال نابلس، وتصل إلى الجهة الشرقيّة التابعة للبحر المتوسط، ويصل ارتفاعها فوق مستوى سطح البحر إلى ما يقارب 775م.
القدس في العصر الأموي
– كانت القدس في العصر الأموي محط لاهتمام الأمراء و الخلفاء بشكل كبير ، حيث تم إعادة بناء المسجد في العصر الأموي ، و كان ذلك في ام 644 م ، بعد الشكل الذي عرف به و كان من الأخشاب و جذوع النخيل ، و قتها كان المسجد يتسع لحوالي 1000 مصلي و كان من أكبر المساجد في ذاك الوقت .
– تم بناء المسجد في عهد الخليفة عبد الملك بن مروان ، و قد تم البناء بعد الانتهاء من قبة الصخرة ، و في هذا الوقت كان المسجد آية في فنون الطراز المعماري .
– وقتها عمل الخليفة على تمهيد الطرق المؤدية له من مكة المكرمة و مصر و الشام ، و بذلك فهذا المسجد كان أول مسجد يتم بنائه في الشام .
– و في ذاك الوقت كان المسجد يضم 16 رواق حجري ، و كان الوصول إليه يكون من خلال سلم حجري .
أهمية القدس في التاريخ الإسلامي
القبلة الأولى
– يذكر أن القدس كان فيه قبلة المسلمين في الصلاة ، و ذلك كان لفترة امتدت لما يزيد عن ستة عشر شهرا ، و قد كان ذلك بإمامة رسول الله صلى الله عليه و سلم ، و بعد ذلك تم نقل القبلة إلى بيت الله الحرام ، قَدْ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ ۖ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا ۚ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ۚ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ ۗ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ ۗ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ (سورة البقرة – 144) .
– هذا إلى جنب أن هذا المسجد يعتبر ثالث الحرمين الشريفين ، و قد أمرنا ألا نشد الرحال إلا له بعد المسجد الحرام و المسجد النبوي .
القدس عند المسلمين ، أنها هي المكان الذي أسري لرسول الله إليه من مكة المكرمة ، و منها اجتمع بروح الأنبياء و المرسلين ، و صلى إماما بهم جميعا ، و بعد ذلك عرج من هذه المنطقة المقدسة إلى السماوات العلى ، و ذلك اعتمادا على قوله تعالى سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (الإسراء – 1) .
الأرض المباركة
– تم ذكر القدس الشريف في العديد من المواضع في القرآن الكريم باسم الأرض المباركة ، و كان من بين هذه المواضع تلك التي قامت بوصف مدى قدسية و بركة هذا المكان الذي شهد بقدوم عدد كبير من الأنبياء ، و كان من بينهم أبينا إبراهيم و النبي لوط عليه السلام و ذلك اعتمدا على قوله تعالى (ونجيناه ولوطاً إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين) الأنبياء الآية 71 .
– و كذلك سيدنا عيسى الذي شهدت هذه الأرض مولده و حياته و ذلك في قوله تعالى (وجعلنا ابن مريم وأمه آية وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين) المؤمنون 50 ، و كذلك سيدنا سليمان و غيرهم الكثيرين ، و ذلك اعتمادا على قوله تعالى (ولسليمان الريح عاصفة تجري بأمره إلى الأرض التي باركنا فيها وكنا بكل شيء عالمين) الأنبياء الآية 81 .
– و كثرة تكرار اسم هذه المنطقة سواء عن طريق العلن بالأسم أو التورية بصفة من صفاته ، يبين بشكل واضح مدى قدسيتها ، و كان من بين الأوقات التي ذكر فيها اسم القدس بطريقة متوارية ، أنها قد ذكرت على شكل نوع من القسم ، و ذلك في قوله تعالى (والتين والزيتون وطور سينين وهذا البلد الأمين) التين، الآية 1 ، تلك الأية التي ذكرت قسم بثلاثة أماكن و هي الشام و في أرض التين ، و كذلك الزيتون و هي أرض فلسطين ، و طور سينين ، و هي المنطقة التي يوجد بها جبل الطور في سيناء .
ثاني مساجد الأرض
– من بين المواضع التي زادت من أهمية هذه المنطقة ، أن بها ثاني مسجد وجد على الأرض ، و هو المسجد الأقصى ، و قد قيل أن هذا المسجد العظيم قد بني على يد أدم عليه السلام ، و قيل أن من بناه هو سام بن نوح عليه السلام ، و قيل أنه يعقوب ، و لكن الأمر المؤكد أنه اقدم مسجد على الأرض بعد بيت الله الحرام .
– يذكر أن ابراهيم عليه السلام ، هو من من قام ببناء بيت الله الحرام ، فيما قام سيدنا سليمان ببناء المسجد الأقصى ، حسب ما قاله العسقلاني في كتابه .