أولو العزم من الرسل هم خمسة فقط، كما جاء في قوله تعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا﴾ [الأحزاب: 7]. وأولو العزم هو مصطلح قرآني يُطلق على أصحاب الشرائع والكتب من الرسل الذين بعثهم الله عز وجل إلى البشرية، وقد تم تسميتهم بهذا الاسم لأنهم كانوا أكثر الرسل معاناة واضطهاداً من قومهم، قال تعالى: ﴿ فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ﴾[الأحقاف: 35].

كم عدد أولو العزم من الرسل

اتفق أهل العلم أن أولو العزم من الرسل هم خمسة فقط، وهم: النبي نوح عليه السلام، والنبي إبراهيم خليل الله، والنبي موسي كليم الله، والنبي عيسي عليه السلام، وسيدنا محمد عليه الصلاة والسلام. وقد تم تسميتهم بهذا الاسم لأنهم كانوا أكثر الرسل معاناة واضطهاداً من قومهم. وقد ذكر الله تعالى أولو العزم من الرسل في قوله: ﴿ فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ﴾[الأحقاف: 35]، والمقصود بالعزم هنا القوة والشدة والتصميم في الدعوة إلى الله تعالى، وعدم التهاون في ذلك. كما جاء ذكر أولي العزم من الرسل تفصيلًا في قوله تعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا﴾ [الأحزاب: 7].

من هم أولو العزم من الرسل

سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم

هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف ينتهي نسبه إلى إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام، ولد في عام الفيل في يوم الاثنين الثاني عشر من ربيع الأول. توفي والده وهو لا يزال في بطن أمه، ثم توفيت والدته وهو طفل صغير؛ فتكفل جده عبدالمطلب بتربيته، وبعد وفاته تولى رعايته عمه أبو طالب.

عرف بين الناس باسم الصادق الأمين، أُنزل عليه الوحي وهو في سن الأربعين من عمره، فظل يدعوا أهله ورفاقه بمكة لمدة 13 عاماً، لقى منهم أشد أنواع العذاب والقسوة، كما قام كفار قريش بتعذيب أنصاره ومصادرة أموالهم وظلّوا على ذلك الحال حتى أمر الله نبيه أن يهاجر إلى المدينة.

استقبل أهل المدينة رسول الله والإسلام بصدر رحب وظل النبي الكريم ينشر الإسلام وهو في المدينة لمدة عشر سنوات، وقال المولى عز وجل فيه: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ في رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَن كَانَ يَرْجُوا اللَّهَ وَ الْيَوْمَ الْآخِرَ وَ ذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا).

سيدنا إبراهيم عليه السلام

هو إبراهيم بن آذر بن الناحور وهو من أبناء سام بن نوح عليه السلام، قيل أنه وُلِدَ في منطقة أور قرب بابل وقيل بالأهواز قبل ١٩٠٠ عام قبل الميلاد، وقد رُوِيَ أن رَجُلًا سأل النبي صلى الله عليه و سلم: كم بين نوح وإبراهيم؟ فقال: عشرة قرون، وقد عرف باسم أبو الأنبياء وكليم وخليل الرحمن.

لاقى إبراهيم عليه السلام أشد أنواع الاضطهاد من قومه لدرجة أنهم ألقوه في النار، إلا أن الله سبحانه وتعالى أمر النار أن تكون برداً وسلاماً على سيدنا إبراهيم لذلك لم تمسه بأذى، ومما زاد من عذاب سيدنا إبراهيم أن والده كان مناصراً لقومه وكان دائماً ما يهدده بالرجم. وعلى الرغم من كل ما لاقاه إبراهيم عليه السلام من عذاب، إلا أنه صبر وتحمل وفي النهاية نَجَّاهُ الله من قومه و اتَّخَذَهُ خَلِيلًا، قال الله سبحانه وتعالى عنه: (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَ لَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ).

سيدنا موسى عليه السلام

هو موسى بن عمران بن يصهر ويرجع نسبة إلى يعقوب بن إسحق بن إبراهيم، ويقال أنه وُلِدَ في مصر عام ١٥٢٦ قبل الميلاد، أي بعد ولادة سيدنا إبراهيم بأربعمائة وخمس وعشرين سنة. ولد في زمن كان فرعون يقتل فيه كل ذكر يولد، لأن السحرة أبلغوه بأنه سيولد ذكر يأخذ منه العرش، لذلك عزم على قتل كل الأطفال الذكور، وعند مولده ألهم الله والدته بأن ترضعه وتلقيه في اليم خوفًا عليه من بطش فرعون، وأرسلت أخته لتراقبه إلى أن وصل إلى يد امرأة فرعون وكانت سيدة عاقر فأخذته لتقوم بتربيته ووافق فرعون على ذلك، وتربى في قصر فرعون. قال تعالى: (وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ*فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ).

بعث الله إليه برسالته وكلمه من فوق جبل الطور حتى أطلق عليه لقب كليم الله، ولكن قومه كذبوه، وانكروا معجزاته واتهمه فرعون بالسحر، عندما انتصر على سحرته الذين جمعهم، والذين آمنوا بدعوة سيدنا موسى وبرسالة ربه فأمر فرعون بتقطيع أرجلهم وأيديهم، وازداد كفراً وتعذيباً لموسى وأنصاره فكان يتتبعهم بالحرق والقتل. ولكن موسى عليه السلام واجه كل ما لاقاه من تعذيب بقلب مؤمن واثق بأن الله عز وجل سوف ينصره على أعدائه إلى أن جاءه نصر الله، وأُغرق فرعون.

سيدنا عيسى عليه السلام

هو المسيح عيسى ابن مريم عليهما السلام، ولد في بيت لحم، بلا أَب، وكان مولده معجزة إلهية من رب العباد، و كان ذلك تكريمًا من الله لوالدته السيدة مريم التي حافظت على نفسها وأحصنت فَرْجَها في طاعة رَبِّها. دعا عيسى عليه السلام قومه من بَنِى إسرائِيل إلى توحيد الله وعبادته والامتثال لأحكام التوراة والإنجيل، وترك ما كان يعبده أباءهم، وأخذ يحادثهم بالحجة والمنطق ليبين لهم ضعف عقيدتهم .. فعاندوه وكَذَّبُوه و لم يؤمنوا به.

ولقد دعم الله عيسى ابن مريم بعدد من المعجزات التي لم يؤيد بها غيره من الأنبياء فكان يخلق من الطين على شكل طَيْرٍ ثم ينفخ فيه فيكون طيرًا، ويُبْرِئُ الأَكْمَهَ والأَبْرَصَ، ويحيي الموتى، ويحدث الناس بما يأكلون وما يَدَّخِرُونَ في بيوتهم كل ذلك بإذن الله، فزاد عداء واضطهاد اليهود له واتهموه بالسحر والجنون.

لم يؤمن بعيسى سوى 12 رجلاً من الحواريين، كما التف حوله الكثير من الضعفاء وأمنوا بدعوته، مما زاد من كراهية اليهود له ودبروا حيلة لقتله إلا أن الله نجاه من مكرهم ورفعه إليه، وجعل الرجل الذي وشى به إلى ملك الروم شبيهاً له فقتلوه وصلبوه معتقدين أنه عيسى ابن مريم. قال تعالى: (وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَٰكِن شُبِّهَ لَهُمْ ۚ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ ۚ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ ۚ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا) النساء (157).

سيدنا نوح عليه السلام

هو نوح بن لامك بن متوشلح أحد أولو العزم من الرسل ولد بعد وفاة آدم عليه السلام بمئة وست وعشرين سنة، نشأ في زمن كان قد انتشر فيه الفساد وعبادة الأوثان، إذ كان الناس يخلدون ذكرى عظمائهم بتمثيلهم بتماثيل حجرية ويقومون بعبادتها، ومنهم: ود وسواع ويغوث ويعوق ونسر.

فدعا نوح عليه السلام قومه إلى عبادة الله وحده وترك عبادة الأصنام، إلا أنهم رفضوه واصروا على عبادة آلهة أباءهم، واستكبروا ونشروا الفساد في الأرض، ولم يؤمن بدعوته إلا فئة قليلة جدًّا، ذُكر أنهم بلغوا حوالي أحد عشر رجلاً في فترة الدعوة التي وصلت إلى 950 عاماً.

ولقد دعا نوح ربه أن يهلك قومه من شدة ما لاقاه منهم من تعذيب، وكفر، واستهزاء، فاستجاب له ربه وأمره بأن يصنع سفينة ويأخذ فيها من كل نوع من الكائنات الحية زوجين فنفذ نوح أوامر ربه، وأرسل الله الطوفان وأغرق القوم الكافرين، ونجا نوح ومن معه على السفينة. قال تعالى: (وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا ۚ إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ) هود (37).