الكبت من الأمراض التي أصبحت تتواجد في مجتمعاتنا العربية بشكل كبير، وهو يعتبر من أخطر الأمراض لأنه قنبلة موقوتة، تأتي في لحظة وتنفجر، ولكنها تصيب المجتمع بالكثير من الأضرار، فلا تتوقف على الشخص وحده ولكن تأثيرها يأتي على كل من حوله، وفي هذا المقال نتناول أنواع الكبت وأشكاله بالتفصيل.
ما هو الكبت
الكبت عبارة عن كتمان شعور داخلي بداخل الشخص عندما لا يتمكن من التعبير عنه، ويكون هذا الشعور أفكار أو مشاعر، وينتج هذا الكبت نتيجة سلطة المجتمع أو سلطة الدين أو السيطرة من الأسرة أو نتيجة للسلطة السياسية الغاشمة، أو سلطة الفرد الديكتاتوري، فقد يكون نتيجة تحكم مدير العمل في موظفيه أو غيرها من الأمور.
أنواع الكبت
يمكن تقسيم أنواع الكبت إلى قسمين أساسيين هما:
الكبت المادي
وهو الذي يتعلّق بكل الأمور المادية كالمال والجنس والاحتياجات الشخصية.
الكبت المعنوي
وهو عبارة عن الأفكار والمشاعر التي لا يستطيع الفرد البوح بها لوجود سلطة ما، وينقسم الكبت المعنوي إلى عدة أفرع هي:
– لكبت السطحي: وهو الذي يتم فيه نقل الرغبات من الشعور إلى اللاشعور، حيث تنسى في لحظة ويتم تذكرها مرة أخرى بعد مضى الوقت مع بذل بعض الجهد.
– الكبت العميق: وهو يتم نقله من الشعور إلى اللاشعور، وهنا ينسى الشخص المواقف المحرجة تضايقه ولكنها تصبح مدفونة في مكان بعيد في الوعي والإدراك.
مظاهر الكبت
من أهم مظاهر الكبت في مجتمعاتنا التالي:
التوتر العصبي والقلق النفسي
وهو يحدث نتيجة تراكمات من الضغط النفسي، والتي شكلت عبئا على طاقة الفرد، وبالتالي أصبح التوتر والقلق هو المخرج له.
المشكلات الجسدية
وهو عبارة عن توتر عصبي تسبب به الكبت وعمل على إبرازها، فظهرت على هيئة أمراض مثل القولون العصبي، المشكلات الهضمية، الأرق، الآم الظهر، وضغط الدم، والذبحة الصدرية، والمشكلات الجلدية، واضطراب الذاكرة، والأزمة الربوية، وتساقط الشعر، واضطرابات الدورة الشهرية، والتهاب المفاصل.
الخجل والخوف
حيث يسبب الخجل والخوف لبعض الأشخاص في كبت مشاعرهم، فلا يستطيعون القيام بالممارسات التي يفضلونها خوفا من تعليقات غيرهم عليها، فيقومون بالانغلاق على أنفسهم ويلبسون ستائر تجعلهم محجبون عن الآخرين، فهم دائما ما يشعرون بعدم الثقة بالنفس ويخافون من ردود أفعال من حلوهم.
التمرد
قد يؤدي الكبت إلى شعور المرء بالتمرد فبعض الأشخاص حينما يتعرضون للقمع يقومون بالتمرد على كل ما حولهم من أفكار وظروف، وقد يبالغون في الأمر، ويتصرفون باستهتار ورغبة في تدمير الآخرين.
الخلافات الشخصية
دائما ما يلاحظ أن الأشخاص المصابون بالكبت لديهم الكثير من الخلافات والمشاحنات والمشاجرات بين الكثير ممن حولهم، فالكبت يجعلهم يصبون انفجاراتهم بركانية على كل المحيط المتواجد حولهم.
الانحرافات والجرائم الخلقية
نرى في المجتمع الكثير من السرقات والكذب ومظاهر الاستهتار منتشرة بين الشباب والتي نشأت بسبب وجود الكثير من الضغوطات عليهم نتيجة ارتفاع أسعار الحياة المعيشية والتي أدت إلى إصابتهم بالكبت وإخراج هذه المشاعر على هيئة تلك التصرفات الغير أخلاقية.
الفوضى الجنسية
نتيجة لتواجد المجتمعات المنغلقة والتي تظهر المرأة وكأنها كائنا غريبا عن المجتمع، ليس له حاجة إلا الاستمتاع به، على جعل الشباب في حالة اضطراب جنسي، فأصبح التعامل معها أمرا صعبا، ومع تأخير سن الزواج بسبب الظروف المعيشية، نتجت الفوضى الجنسية والكبت الجنسي في المجتمع.
الإرهاب
تواجد الأفكار الدينية المغلوطة من الأمور الخطيرة التي زرعت الكبت في نفوس الشباب، فزرعت بهم الانتحار من أجل الدين للفوز بالحور العين في الجنة، والتي كانت من أسباب قيام الإرهاب في مجتمعاتنا العربية، وساعد على ذلك وجود الظلم السياسي في المجتمع والذي أدى إلى انتشار القهر والشعور بالكبت والاستعباد بين الشباب، والذي أدى إلى استغلالهم لزرع تلك المفاهيم لديهم، واللعب على مشاعرهم، وعلى نقاط ضعفهم، وتجنديهم لفعل الأمور التي تجعلهم يخرجون مشاعر الكبت المتواجدة لديهم على هيئة عنف وإرهاب للناس، ليثأروا لكرامتهم التي انتزعت منهم من خلال عبودية سياسية قام بها بعض الحكام، ويعتبر الإرهاب هو أحد أخطر مظاهر الكبت التي تعمل على تدمير المجتمع بكافة أشكاله، فالتدمير الناتج عن الكبت لا يفرق بين دين وأخر، أو بين مثقف وجاهل، أو بين طفل وشاب، فهو يصل إلى الجميع.