العصر العباسي من أزهى العصور التي مرت علي الدولة الاسلامية والعربية فقد ازدهر كل شيء في هذا العصر لان الكل كان يعمل بصدق وارادة ، من أجل دولة قوية ومن أكثر الدلائل على ذلك مدى ما وصل اليه هذا العصر في الأدب والشعر ، فنحن نتحدث عن دولة العباسيين القوية التي اهتم امرائها وخلافائها بالأدب والشعر والتطوير المستمر والتطلع إلى ما يقدمه بلاد اليونان والفارسي وأيضا الهندي فقد خرج من هذا العصر الذهبي شعراء مازال الأدب يتحدث عنهم إلى الأن امثال أبو فراس الحمداني والمتنبي وابو العتاهية والامام الشافعي وغيرهم من أباطرة الشعر العربي على مر الزمان ولذلك سوف نسرد الآن أفضل هؤلاء الشعراء في هذا العصر الذهبي للأمه الاسلامية والعربية
أبو فراس الحمداني
إنه الشاعر الأمير والفارس النيل أبو فراس الحمداني كان الابن المدلل إلى سيف الدولة فهو ابن عمه، وكان يعيش في بلاط الدولة العباسية وصاحب عزيز لدى سيف الدولة بالفعل فقد كان صديقه وصاحبه في كل الفتوحات التي قام بها لدرجة أن هذا الشاعر العظيم ابو فراس الحمداني قد أسر في حرب القسطنطينية من الروم لعدة أعوام إلى أن استطاع سيف الدولة أن يفديه ويخلصه من أسره بأموال كثيرة إلى أن قتل غدرا من رجال خاله سعد الدولة ومن أشهر أقواله :
أرَاكَ عَصِيَّ الدّمعِ شِيمَتُكَ الصّبرُ
أما للهوى نهيٌّ عليكَ ولا أمرُ ؟
بلى أنا مشتاقٌ وعنديَ لوعة
ولكنَّ مثلي لا يذاعُ لهُ سرُّ !
إذا الليلُ أضواني بسطتُ يدَ الهوى
ابو الطيب المتنبي
أنه شاعر حكيم فهذا الشاعر المميز مازالت أمثاله وحكمه تتداول إلى الآن بيننا فقد كان نابغة عصره فهو أحد مفاخر الأدب العربي، وقد قال الشعر وهو ما يزال صبيا ، واستطاع أن يكون مكانته الشعرية بالتقرب إلى سيف الدولة الحمداني صاحب حلب حيث قدم الكثير من القصائد في مدحه، كما مدح كافور الاخشيدي في مصر وعندما طلب من كافور أن يوليه ورفض أخذ يهجوه بأشعاره أيضا، فكان شاعرا حكيما وكان يتصف بالغرور والتعالي بشعره، ومن أشهر أبيات شعره والذي اشتهر بالبيت الذي قتل صتاحبة
الخيل والليل والبيداء تعرفني والسيف والرمح والقرطاس والقلم
أبو العلاء المعري
وهو من أشعر شعراء وفلاسفة العصر العباسي وقد أصيب بالعمي وهو في سن الرابعة من عمره، ولن يعوقه من تلقي العلم والأدب، وقد بدأت موهبته الشعرية منذ صباه، استطاع أن يؤلف الكثير من الكتب التي كان يمليها على كاتبه علي بن عبد الله بن أبي هاشم، ومن أشهر هذه الكتب كتاب الأيك والغصون وكتاب تاج الحرة الذي استطاع فيه أن يمدح النساء وأخلاقهمن وعظاتهن، وكتاب عبث الوليد والذي شرح فيه نقد ديوان البحتري، ورسالة الملائكة ، ورسالة الغفران وهي من أشهر أعماله، أما دواويته فمعظمها كانت في الحكمة والفلسفة حتى أن معظم أشعاره قد ترجمت إلى لغات أخرى غير العربية ، ومن أشهر أبيات شعره
كُفّي دُموعَكِ، للتفرّقِ، واطلبي
دمعاً يُبارَكُ مثلَ دمعِ الزاهدِ
فبقطرَةٍ منهُ تَبوخُ جهنّمٌ
، فيما يُقالُ، حديثُ غيرِ مُشاهد
خافي إلهَكِ، واحذَري من أُمّةٍ،
لم يَلبَسوا، في الدّينِ، ثوبَ مجاهد
أكَلوا فأفنَوا ثمّ غَنَّوا وانتَشَوا
في رَقصِهِمْ، وتمتّعوا بالشّاهد
حالَتْ عُهودُ الخَلق، كم من مسلمٍ
، أمسى يَرُومُ شَفاعَةً بمُعاهِد
وهو الزمانُ قضى، بغير تناصفٍ،
بينَ الأنامِ، وضاعَ جُهدُ الجاهد
سَهِدَ الفتى لمَطالِبٍ ما نالها،
وأصابَها من باتَ ليسَ بساهِد
أبو نواس
هو الحسن بن هانئ بن عبد الأول بن صباح، وهو شاعر العراق فقد نشأ في البصرة ثم رحل إلى بداد واستطاع أن يكون رصيدا كبيرا من الأشعار والقصائد في مدح الخلفاء في العصر العباسي، ثم انتقل إلى دمشق ومنها إلى مصر، أما عن شعره فقد استطاع أن ينظم شعرا رائعا اتسمت لهجته بلهجة أبي نواس وهي اللهجة الحضرية والتي خرجت عن اللهجة البدوية، كما نظم الشعر بكل أنواعه ومن أشهر أعماله هي الخمريات، ومن أفضل قصائده هي ومن أبرز هذه الأشعار هي
شَجاني وَأَبلاني تَذَكُّرُ مَن أَهوى
وَأَلبَسَني ثَوباً مِنَ الضُرِّ وَالبَلوى
يَدُلُّ عَلى مافي الضَميرِ مِنَ الفَتى
تَقَلُّبُ عَينَيهِ إِلى شَخصِ مَن يَهوى
وَما كُلُّ مَن يَهوى هَوىً هُوَ صادِقٌ
أَخو الحُبِّ نِضوٌ لا يَموتُ وَلا يَحيا
خَطَبنا إِلى الدَهقانِ بَعضَ بَناتِهِ
فَزَوَّجَنا مِنهُنَّ في خِدرِهِ الكُبرى
وَمازالَ يُغلي مَهرَها وَيَزيدُهُ
إِلى أَن بَلَغنا مِنهُ غايَتَهُ القُصوى
رَحيقاً أَبوها الماءُ وَالكَرمُ أُمُّها
وَحاضِنُها حَرُّ الهَجيرِ إِذا يُحمى
لِساكِنِها دَنٌّ بِهِ القارُ مُشعَرٌ
إِذا بَرَزَت مِنهُ فَلَيسَ لَها مَثوى
يَهوديَّةُ الأَنسابِ مُسلِمَةُ القُرى
شَآمِيَّةُ المَغدى عِراقِيَّةُ المَنشا
مَجوسِيَّةٌ قَد فارَقَت أَهلَ دينِها
ابو تمام
هو حبيب بن أوس بن الحارث الطائي أحد شعراء العصر العباسي استطاع أن يجوب بين سوريا ومصر والعراق وكون مجموعة من القصائد الممتازة جدا في النظم، وله تصانيف كثيرة من أهمها فحول الشعراء وديوان الحماسة ومختار أشعار القبائل ونقائض جرير والأخطل، فكان شعره قويا جزلا ومن أبرز أشعاره :
السَّيْـفُ أَصْـدَقُ أَنْبَـاءً مِنَ الكُتُبِ
فِي حَدهِ الحَدُّ بَيْـنَ الجِـد واللَّعِـبِ
بيضُ الصَّفَائِحِ لاَ سُودُ الصَّحَائِفِ فِي
مُتُونِهـنَّ جـلاءُ الشَّـك والريَـبِ
والعِلْمُ فِي شُهُبِ الأَرْمَـاحِ لاَمِعَـةً
بَيْنَ الخَمِيسَيْنِ لافِي السَّبْعَةِ الشُّهُـبِ
أَيْنَ الروايَةُ بَلْ أَيْـنَ النُّجُـومُ وَمَـا
صَاغُوه مِنْ زُخْرُفٍ فيها ومنْ كَـذِبِ
تَـخَـرُّصَـاً وأَحَـادِيثـاً مُلَفَّقَـةً
أبو العتاهية
وهو من أشهر الشعراء على مر العصور فهو إسماعيل بن القاسم بن سويد العيني وهو شاعر مكثر مبدع وهو من طبقة أبو نواس، استطاع أن يكون رصيد كبير من القصائد في الزهد والمديح وغيرها من أنواع الشعر، كانت حياته بين الكوفة وبغداد ومع ذلك فقد استطاع أن يطبع انتقاله هنا وهناك في شعره، اتصل بالخلفاء والأمراء وكان له رصيد كبير من المدح ولكنه هجر الشعر لمدة وقد سجن بسبب ذلك بأمر من الخليفة العباسي المهدي حتى يعود إلى الشعر مرة أخرى وبالفعل عاد ونظم أجود أبيات الشعر، ومن أشهر قصائده :
إنّ السّلامَة َ أنْ نَرْضَى بمَا قُضِيَا
، لَيَسْلَمَنّ، بإذْنِ الله، مَن رَضِيَا
المَرْءُ يأمُلُ، وَالآمالُ كاذِبَة
ٌ، والمرءُ تصحبُهُ الآمالُ ما بَقيَا
يا رُبَّ باكٍ علَى ميتٍ وباكية
ٍ لمْ يلبَثَا بعدَ ذاكَ الميتِ أنْ بُكِيَا
ورُبَّ ناعٍ نَعَى حيناً أحبَّتهُ
ما زالَ ينعى إلى أن قيلَ قد نُعيَا
عِلْمي بأني أذوقُ الموتَ نغَّصَ لي
طِيبَ الحَياة ِ، فما تَصْفوا الحياة ُ لِيَا
الإمام الشافعي
هو الإمام الشافعي أحد أئمة الأربعة عند أهل السنة وهو محمد بن ادريس بن العباس بن عثمان بن شافع، ولد في غزة بفلسطين ثم انتقل إلى مكة وقصد مصر وتوفى فيها ودفن في القاهرة، وكان من أشعر الناس وقد عرفه بالفقه والقراءات وإلى جانب ذلك قد نظم الكثير جدا من الأشعار والتي كان معظمها في الحكمة حتى باتت كل قصائده من أهم القصلئد التي يفضلها الناس خاصة وأنها ممزوجه بنبره ايمانية صادقة ، ومن أبرز القصائد هي
رأيت القناعـة رأس الغـنى
فصرت بأذيالها متمسـك
فلا ذا يرانـي علـى بابـه
ولا ذا يراني به منهمـك
فصرت غنياً بـلا درهـمٍ
أمر على الناس شبه الملك
ابن الرومي
هو علي بن العباس بن جريج الرومي وهو أحد الشعراء الكبار في العصر العباسي وهو من طبقة بشار بن برد والمتنبي ، وهو رومي الأصل وقد مدح الكثير من الخلفاء والأمراء وله رصيد شعري كبير جدا، وقد قتل على يد وزير العتضد القاسم بن عبيد الله ويرجع ذلك إلى أن أبو نواس قد هجاه، وقد كان له الكثير من القصائد والدواوين التي أثقلت ميزان الشعر لدى ابن الرومي فلم يأتي مثله إلى الآن، ومن أبرز أبيات شعره
شبهي بوجنتك الملي
حة مُوجبٌ حقي عليكا
فبحرمتي لما استجب
تَ لجاعلي سبباً إليكا