في بداية الحديث حول بحث عن المعارك الإسلامية لا بدَّ من القول بأنَّ المعارك الإسلامية لم تبدأ في تاريخ الإسلام إلا بعد الهجرة وتحديدًا في السنة الثانية من هجرة النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة المنورة، وقد كانت في بداية الأمر دفاعًا عن النفس وردِّ الظلم والاضطهاد الذي لحق بالمسلمين، فقد كانوا مستضعفين في مكة المكرمة، وكان الله تعالى قد أمرهم بأن يدعوا الناس بالحسنى وأن لا يستخدموا القوة في ذلك، فلم تكُن شوكة المسلمين قد قويَت بعد ولم يكُن لهم كيانٌ يحميهم ويحفظُ لهم وجودهم، وهذا ما لم يتحقَّق إلا بعد أن تمكَّن المسلمون في المدينة المنورة وبدأت الدولة الإسلامية في ذلك الوقت بالنمو شيئًا فشيئًا.

معركة عمورية
– كانت المعارك بين المسلمين و البيزنطيين مستمرة لقرابة قرنين من الزمان ، و لكنها على شكل متقطع ، حتى تم عقد هدنة استمر العمل بها لمدة 20 سنة ، إلى أن حدثت الفتنة في عهد المأمون مما أدى لنشوب هذه الحرب .

– كان توفيل مختلف عن كافة من حكموا البيزنطيين ، فعلى الرغم من تمسكه بعقيدته النصرانية ، إلا أنه كان يؤمن بحظر الايقونات و يكره تجسيد الشخصيات النصرانية بالصور ، و قد حكم البيزنطيين بالقوة .

– أما بالنسبة لحال العباسيين وقت الحرب ، فقد كان هناك عدد من الأخطار التي تهددهم ، و من أهمها خطر بابك الخرمي ، و اللذين كانوا يعملون على تهديد الخلافة العباسية ، و قد حاول المأمون القضاء عليهم ، و لكنه لم يستطع و قد تم القضاء عليهم فعليا في عهد المعتصم بالله .

– بابك الخرمي كان هو السبب في إشعال الحرب بين البيزنطيين و المسلمين ، عن طريق تحريضه للبيزنطيين بمهاجمة المسلمين ، و قد استجاب فعليا ملك الروم لهم ، و قام بتجهيز جيش قوي و بدأ في مهاجمة المسلمين ، و أخذ يقتل و يأسر فيهم ، و قد بلغ عدد النساء اللاتي وقعن في أسره ألف إمرأة .

أهمية مدينة عمورية
عمورية هي أصغر المدن التابعة للأمبراطورية البيزنطية ، و قد قيل أنها كانت أقوى حصون الرومان ، و قد قيل أيضا أنها عندهم أشرف من القسطنطينية .

تفاصيل معركة عمورية
– جهز الخليفة المعتصم بالله جيش كبير و أرسله إلى سروج من أجل الإعداد للمعركة ، و قد قام بتقسيم الجيش إلى فرقتين و استطاعوا مقابلة البيزنطيين ، في عدد من المعارك منها آيزن و دزمون ، و استطاع الإنتصار عليهم و من ثم تمكن من التوجه إلى عمورية .

– واصل الجيش سيره إلى عمورية و في ذاك الوقت ، كانت قد وصلت بعض شائعات إلى القسطنطينية بمقتل توفيل ، مما أثار ثورة عارمة بالقسطنطينية ، و في ذاك الوقت لم يتمكن من مساعدة عمورية و إمدادها ، و أرسل للمعتصم يطلب منه ترك عمورية مقابل رد الأسرى و قد دام الحصار على عمورية لمدة 11 يوم ، حتى تم نشر القادة المسلمين على الأبراج المحيطة بها .

– و يذكر في هذا الوقت أنه كان هناك أحد الأسرى المسلمين ، الذي تنصر عند وقوعه في الأسر و تزوج منهم ، و فور رؤيته للجيش الإسلامي رجع للإسلام مرة أخرى ، و خرج للخليفة و أخبره بأن السور الذي يحيط بالمدينة به ثغرة ، يمكنه الدخول منها و من هذه الثغرة تمكن المعتصم من دخول المدينة .

– في ذاك الوقت قام نائب عمورية بإرسال العديد من الرسل ، لطلب النجدة من البيزنطيين و لكنهم وقعوا في أسر المسلمين .

– استطاع المعتصم دخول عمورية و أخذ المسلمون يكبرون و يهللون ، و عملوا على تفريق الروم ، و يذكر أن الروم قاموا بالإختباء في كنيسة كبيرة هناك من أجل الوقوع بالمسلمين ، و لكن المسلمين قد علموا الأمر و قضوا عليهم ، و قد تم القبض على حاكم المدينة و وضعه في الأسر .

– يذكر أيضا أن سقوط عمورية كان له وقع قوي ، على الروم حيث مات توفيل من شدة حزنه عليها ، و يعتبر هذا الوقت هو نهاية حكم الروم و قواتهم هذا ، فضلا عن أن فتح عمورية مكن المسلمين من التمدد و فتح العديد من البلدان .