خلق الله سبحانه وتعالى الملائكة من النور، وميزهم بخصائص وفضائل كثيرة، فهم الذين يستجيبون لأمر الله تعالى دون عصيان، وهم الخلق المسخرون للعبادة والتسبيح والتقديس، وهم الخلق العظيم المكرم الذي كان لكل واحدٍ منهم مهمته التي شرفه الله بها. وعلى رأس هؤلاء الملائكة برز جبريل عليه السلام الذي تميز عن باقي الملائكة بالمكانة العظيمة والتشريف، كما جاء ذكره في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة.

كم مرة رأى الرسول جبريل

جاء في سورة النجم أن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم قد رأى سيدنا جبريل مرتين، فكانت المرة الأولى في الأفق الأعلى أول نزول الوحي، ونزلت بعدها الآيات فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُحَدِّثُ عَنْ فَتْرَةِ – أي انقطاع – الْوَحْيِ فَقَالَ فِي حَدِيثِهِ : (فَبَيْنَا أَنَا أَمْشِي إِذْ سَمِعْتُ صَوْتًا مِنْ السَّمَاءِ ، فَرَفَعْتُ رَأْسِي ، فَإِذَا الْمَلَكُ الَّذِي جَاءَنِي بِحِرَاءٍ جَالِسٌ عَلَى كُرْسِيٍّ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ، فَجَئِثْتُ مِنْهُ رُعْبًا فَرَجَعْتُ ، فَقُلْتُ : زَمِّلُونِي ، زَمِّلُونِي ، فَدَثَّرُونِي.

فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى : (يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ – إلى – والرجز فَاهْجُر) رواه البخاري (4641) ومسلم (161)، والمرة الثانية في سدرة المنتهى، في السماء ليلة الإسراء والمعراج، قال ابن مسعود رضي الله عنه في تفسير هذه الآية : رأى جبريل له ستمائة جناح، رواه البخاري (3232) ومسلم (174) .

رؤية الرسول ﷺ لسيدنا جبريل

ثبت في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لم أره – يعني جبريل – على صورته التي خلق عليها إلا مرتين، كما بيَّن أحمد في حديث ابن مسعود أن الأولى كانت عند سؤاله إياه أن يريه صورته التي خلق عليها، والثانية عند المعراج.

وأوضح الترمذي عن عائشة رضي الله عنها قالت: لم ير محمد جبريل في صورته إلا مرتين: مرة عند سدرة المنتهى، ومرة في أجياد.

ورواية الترمذي هذه جاءت عن أبي الأسود عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان أول شأنه يرى في المنام، وكان أول ما رأى جبريل بأجياد صرخ جبريل: يا محمد، فنظر يميناً وشمالاً فلم ير شيئاً، فرفع بصره فإذا هو على أفق السماء فقال يا محمد: جبريل، فهرب فدخل في الناس فلم ير شيئًا، ثم خرج عنهم فناداه فهرب، ثم استعلن له جبريل من قبل حراء، فذكر قصة إقرأ، وعلى الرغم من أن تلك الرواية ضعيفة إلا أن رواية الترمذي الأخرى تقوي تلك الرواية، وتشير إلا هناك مرة غير المرتين المذكورتين ولم يضمنها إليهما لاحتمال أن لا يكون رآه على تمام صورته.

مهمة جبريل عليه السلام

كلف الله سبحانه وتعالى إلى جبريل عليه السلام مهمة عظيمة وهي مهم تلقي الوحي من رب العزة وإنزاله إلى رسل الله تعالى وأنبيائه، أي أنه الوسيط الأمين بين رب العز وأنبيائه ورسله، ونزل بالقرآن الكريم على صدر النبي محمد صلى الله عليه وسلم، والتوراة على موسى عليه السلام، والزبور على داود عليه السلام، والإنجيل على عيسى عليه السلام.