يذخر علم النفس بمئات المفاهيم والمصطلحات الغامضة التي تم استخدامها على مدار عصور طويلة في التأثير على الأشخاص وتوجيههم لاتباع أساليب ومقومات وآليات وتصرفات ومواقف معينة، واعتناق مبادئ محددة تخدم جهة ما، وهذا ما يمكن أن نطلق عليه غسيل المخ أو غسيل الدماغ الذي تم استخدامه في الحروب بشكل كبير للغاية، وهو ما سنوضحه تفصيلا فيما يلي :
المقصود بغسيل الدماغ
مصطلح غسيل الدماغ أو بالإنجليزية (Brainwashing) هو ما يتم غطلاقه على محاولات تحويل تفكير الفرد عن اتجاهاته وقيمه وأنماطه السلوكية وقناعاته، وإجباره فكريا على تبني قيم ومبادئ وقناعات أخرى بحسب ما تريد جهات معينة، وتم استخدام هذا المصطلح كثيرا أوقات الحروب تحت اكثر من مسمى مثل : إعادة التقويم، وبناء الأفكار، والتحويل والتحرير المذهبي الفكري، والإقناع الخفي، والتلقين المذهبي، وتغيير الاتجاهات.
الأساليب الشائعة لغسيل الدماغ
1- العزل التام: ان في الحروب عندما يتم القبض على الشخص يقومون بعزله عن العالم الخارجي عزلا تاما، ثم يبدأ الحراس في تلقينه معلومات معينة وفق ما يريدون له معرفتها عن الوضع القائم وأسرته وأصدقائه وبلده وجيشه وما إلى ذلك، وبعد مرور الوقت يرى السجين انه أصبح وحيدا عن العالم اجمع ويكون قد وصل إلى حالة من اليأس والضعف، نتيجة القلق والتوتر وما يصاحبه من ضغوط نفسية عديدة تجعل عقله مؤهلا لأن يسهل توجيهه وإقناعه بأفكار وقناعات أخرى.
2- الضغط الجسمي: وهذا النوع من الأساليب يتم خلاله الضغط على السجين جسمانيا إما بتعذيبه أو حرمانه من النوم أو تناول الطعام والشراب، كما يتم وضع القيود بشكل دائم في يديه وقدميه، بالإضافة لاستخدام العقاقير المخدرة، والالقاء بالسجين في أماكن باردة تماما حتى يصاب بالإعياء والإنهيار النفسي، وحينها يفقد القدرة في السيطرة على عقله، ويصبح أكثر استعدادا للتنازل عن أفكاره ومبادءه ومعقتداته وقيمه، ويبدأ في الاستجابة للإيحاءات والتوجيهات المفروضة عليه.
3- التهديد والترويع: يتم استخدام هذا الأسلوب للضغط على عقل ومشاعر السجين الذي يخاف من ان يتعرض للتعذيب مرة أخرى بعدما مر بمرحلة تعذيب بدني وحرمان من النوم والطعام والشراب، ويتم ترويع السجين بإطلاعه على أصوات سجناء يتعذبون في زنزانات مجاورة له وصراخ وعويل وخوف وفزع وهلع، وكذا تهديده بأنه من الممكن أن يتعرض لذلك إن لم يستجب للأوامر ويتخلى عن معتقداته الخاطئة من وجهة نظرهم.
4- الإذلال والمهانة: من سبل السيطرة على العقل وتعريضه للغسيل أنه قد يتعمد الحراس أن يهينوا المسجون ويخضعونه لشتى أنواع الذل والمهانة، وقد تتم هذه الطرق في مختلف أنشطة السجين سواء عند تناوله للطعام أو لجوءه للنوم أو الاغتسال، وفي كثير من الأحيان يتم منع الأسير من القيام بأي عمل دون الحصول على إذن من الحارس، كما يتم إجباره على اتباع أساليب معينة كأن يحني رأسه ويبقي عينيه موجهة إلى الأرض إذا أراد التحدث إلى الحراس، وبتلك الضغوط النفسيه يبدأ عقله في الاستجابة لمطالبهم.
5- الجلسات الجماعية: في هذه الجلسات تقوم إدارة السجن بتكليف عدد من الشخصيات بأن يجتمعوا مع السجين ويناقشونه، ويكون ذلك بالتوازي مع عمل الحراس وسوء التغذية وغير ذلك من أمور تتجمع مع بعضها بالتوازي لتضغط على تفكير الشخص، كما أن إدارة السجن في كثير من الأحيان ما تسجن معه مساجين آخرين لكنهم موظفين أو ضباط في الشؤون المعنوية تكون كل وظيفتهم إقناعه بشكل غير مباشر بمبادئ وتوجهات مخالفة لما يعتقدها هو كما تريد إدارة السجن.
كل تلك المراحل إذا اجتمعت وتم تطبيقها حرفيا على أرض الواقع بكل دقة وبواسطة متخصصين نفسيين، يمكنها ان توتي ثمارها وتغير مفاهيم ومصطلحات ومعاني ومعتقدات كثيرة لدى المسجونين.