قصة إياس بن معاذ إحدى القصص التي تروى عن الصدق الحقيقي ونقاء القلب الذي كان يتميز به المسلمون الأوائل فقد كانوا بمجرد سماعهم لبضع كلمات من الرسول تأثر قلبهم وتخلبهم عقلهم ويجدون في هذا الدين ضالتهم المنشودة التي يقدمون أرواحهم فداءً لها. وإياس بن معاذ أحد السابقون الذين أثبت بفعله وليس قوله فقط إيمانه بهذا الدين.
قصة معاذ بن إياس:
عن محمود بن لبيد قال: لما قدم أبو الحيسر أنس بن رافع مكة ومعه فتية من بني عبد الأشهل فيهم إياس بن معاذ يلتمسون الحلف من قريش على قومهم من الخزرج سمع بهم رسول الله صل الله عليه وسلم فأتاهم فجلس إليهم فقال لهم: «هل لكم في خير مما جئتم له؟» فقالوا له وما ذاك؟ قال: «أنا رسول الله بعثني إلى العباد أدعوهم إلى أن يعبدوا الله، ولا يشركوا به سيئًا وانزل على الكتاب».
قال: ثم ذكر لهم الإسلام وتلا عليهم القرآن، قال: فقال إياس بن معاذ: وكان غلامًا حدثا، أي قوم وهذا والله خير مما جئتم له، قال: فيأخذ أبو الحيسر أنس بن رافع حفنة من تراب البطحاء فضرب بها وجه إياس بن معاذ، وقال: دعنا منك فلعمري لقد جئنا لغير هذا قال: فصمت إياس وقام رسول الله صل الله عليه وسلم عنهم، وانصرفوا إلى المدينة وكانت وقعة بعاث بين الأوس والخزرج.
قال: ثم لم يلبث إياس بن معاذ أن هلك، قال محمود بن لبيد: فأخبرني من حضر من قومه عند موته، أنهم لم يزالوا يسمعونه يهلل الله تعالى ويكبره ويحمده ويسبحه حتى مات، فما كانوا يشكون أنه قد مات مسلمًا، لقد كان استشعر الإسلام في ذلك المجلس حين سمع من رسول الله صل الله عليه وسلم ما سمع.
شرح القصة:
كان هناك قبيلتان يعيشون في المدينة هما الأوس والخزرج وكان بين هاتين القبيلتين عداء وقتال استمر لسنوات طويلة ولم يستطع أحد إخماد نار الفتنة بينهم إلا الإسلام فعندما دخل الإسلام قلوبهم تيقنوا أنهم أخوة في الدين وانتهى بينهم العداء، ولكن قصة إياس بن معاذ قبل هجرة الرسول وإسلام أهل يثرب.
وفيها أن إياس بن معاذ جاء في مجموعة من قومه وهم الأوس يطلبون يد العون من قريش لتقف بجانبهم في حربهم ضد الخزرج ولما علم رسول الله صل الله عليه وسلم من أمرهم تنبهت بداخله روح الداعية وأصر على تبليغ الدعوة التي قد تخمد نار الفتنة فدخل عليهم وجلس ينهم وأخبرهم انه يمتلك عنده ما هو أهم وأفضل من أمرهم الذي جاءوا فيه وبدأ يعرض دعوته في كلمات بليغة مختصرة توصل المعنى بإيجاز فقال لهم: «أنا رسول الله بعثني إلى العباد أدعوهم إلى أن يعبدوا الله، ولا يشركوا به سيئًا وانزل على الكتاب» وقد وقعت هذه الكلمات في قلب إياس وأثرت به دون قومه فقال لهم انتبهوا لأن هذا الأمر خير لنا مما جئنا إليه فقام أحدهم وهو أبو الحيسر أنس بن رافع وأخذ حفنة من التراب فضرب بها وجه إياس بن معاذ، وهو ما يعني أنه ينهاه عن حديثه واخبره أن مهمتهم في قريش لها الأولوية ونظرًا لصغر سن إياس استجاب لقومه وسكت وانصر رسول الله وعدها قوم إياس.
وكانت بعدها حرب بعاث التي مات فيها الكثير من الفريقين وكان أحد القتلى هو إياس بمن معاذ الذي أكد قومه على إسلامه لما رأوه منه أثناء الحرب من تهليل وذكر وتسبيح باسم الله.
المستفاد من قصة إياس:
العمل ليس بكثرته ولكن بصدق النوايا فيه فصدق لحظة مع الله أفضل من عمل سنة بدون قلب حاضر.