من طرائف المعروف التي تروى بين العرب أن أحد حكام مصر قديمًا استدعى يومًا الشعراء فصادفهم شاعر فريق في يده جره فارغة وكان ذاهب إلى النهر حتى يملأها ماء فرافقهم الشاعر الفقير إلى أن وصلوا إلى دار الأمير فبالغ الأمير حينها في إكرامهم ولما رأي الشاعر الفقير بينهم والجرة على كتفه رث الثياب فقال له حينها من أنت وما هي حاجتك فأنشد الرجل قوله : ” ولما رأيت القوم شدوا رحالهم إلى بحرك الطامي أتيت بجرتي “.
فقال الأمير لحراسه املئوا له الجرة ذهبًا وفضة فحسدوه بعض الناس وقالوا : ” هذا فقير مجنون لا يعرف قيمة هذا المال وربما أتلفه وضيعه فرد عليهم الأمير وقال لهم هو ماله يفعل به ما يشاء وعندما خرج الرجل من دار الأمير فرق المال على جميع الفقراء .
فبلغ الأمير فعل هذا الرجل فطلب الحراس أن يستدعوه ثم سأله عن سبب ما فعل فقال له الشاعر الفقير ” يجود علينا الخيرون بمالهم ونحو بمال الخيرين نجود ” وحينها أعجب الأمير بالجواب وأمر بأن تملأ جرته عشر مرات ذهبًا وفضة وقال الأمير إن الحسنة بعشر أمثالها وحينها أنشد الفقير التي تنسب للإمام الشافعي :
الناس لناس ما دام الوفاء بهم .. والعسر واليسر أوقات وساعات
وأكرم الناس ما بين الورى .. رجل تقضى على يده للناس حاجات
لا تقطعن يد المعروف عن أحد .. ما دمت تقدر والأيام تارات
واذكر فضيلة صنع الله التي … جعلت إليك لا لك عند الناس حاجات
قد مات قوم وما ماتت فضائلهم .. وعاش قوم وهم في الناس أموات