الشفاعة عموما هي أن يقوم شخص ما بالتوسط بين طرفين من أجل المنفعة التي تعود لأحد الطرفين من الطرف الآخر، ومنها شفاعة النبي صل الله عليه وسلم لأهل المحشر من أجل أن يبدأ الله جل وعلا حسابهم وتسمى الشفاعة الكبرى.
أصل الشفاعة
الشفاعة في الأصل هي لله سبحانه وتعالى وحده قال تعالى في كتابه العزيز ” قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ” سورة الزمر الآية 44، والله سبحانه وتعالى يمنح الشفاعة لمن يشاء من عباده ويجعله يتشفع لمن يشاء قال تعالى في كتابه العزيز ” وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى ” سورة النجم الآية 26، لذالك هناك عدة شروط لقبول الشفاعة.
شروط الشفاعة
لكي يأذن الله لشخص ما أن يشفع لآخر يجب أن تتوفر في الشخصين شروط من أهما:
أولا أن يكون الله راضي عن من يقوم بالشفاعة والدليل قوله تعالى ” وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى ” سورة النجم الآية 26
ثانيا رضي الله عن المشفوع عنه والدليل قوله تعالى ” يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ ” سورة الأنبياء الآية 28
ثالثا رضي الله عن الشفاعة نفسها والسماح بها والدليل قوله تعالي ” لهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ ” سورة البقرة الآية 255
أنواع الشفاعة
هناك عدة أنواع للشفاعة نذكرها بالدليل :
-الشفاعة الكبرى للنبي صل الله عليه وسلم يوم القيامة لكي يبدأ الله حساب العبادة بعد وقوفهم طويلا في أرض المحشر، ودليلها عن ابن عمر رضي الله عنهما: “إن الناس يصيرون يوم القيامة جُثاً، كل أمة تتبع نبيها، يقولون: يا فلان اشفع، حتى تنتهي الشفاعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فذلك يوم يبعثه الله المقام المحمود”..
-شفاعة النبي صل الله عليه وسلم لأصحاب الكبائر من أمته.
-شفاعة النبي صل الله عليه وسلم لمن يكثرون من الصلاة والسلام عليه
-شفاعة النبي صل الله عليه وسلم ليدخل أهل الجنة إليها، ودليلها عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:” آتي باب الجنة يوم القيامة فأستفتح فيقول الخازن: من أنت؟ فأقول: محمد، فيقول: بك أمرت لا أفتح لأحد قبلك ” رواه مسلم
-شفاعة النبي صل الله عليه وسلم لعمه أبو طالب لكي يخفف الله من عذابه، والدليل عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلّ الله عليه وسلم ذكر عنده عمه أبو طالب فقال: “لعله تنفعه شفاعتي يوم القيامة، فيجعل في ضحضاح من نار يبلغ كعبيه يغلي منه دماغه” رواه البخاري
– شفاعة النبي صل الله عليه وسلم لبعض من أمته لكي يدخلوا الجنة بغير حساب ولا سابقة عذاب ، والدليل ما ورد في حديث لأبي هريرة رضي الله عنه ” ثُمَّ يُقَالُ يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ سَلْ تُعْطَهْ وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ فَأَرْفَعُ رَأْسِي فَأَقُولُ أُمَّتِي يَا رَبِّ أُمَّتِي يَا رَبِّ أُمَّتِي يَا رَبِّ فَيُقَالُ يَا مُحَمَّدُ أَدْخِلْ مِنْ أُمَّتِكَ مَنْ لا حِسَابَ عَلَيْهِمْ مِنْ الْبَابِ الْأَيْمَنِ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ وَهُمْ شُرَكَاءُ النَّاسِ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ الْأَبْوَابِ “
-وهناك نوع آخر من الشفاعة وهي أن يشفع كل نبي لبعض من قومه، ويشفع الملائكة حين يأذن الله لهم للمؤمنين، وشفاعة الصالحين لغيرهم ودليلها عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه مرفوعا: ” فو الذي نفسي بيده ما منكم من أحد بأشد مناشدة لله في استقصاء الحق من المؤمنين لله يوم القيامة لإخوانهم الذين في النار، يقولون: ربنا كانوا يصومون معنا ويصلون ويحجون. فيقال لهم: أخرجوا من عرفتم، فتحرم صورهم على النار فيخرجون خلقا كثيرا… فيقول الله عز وجل: شفعت الملائكة وشفع النبيون وشفع المؤمنون ولم يبق إلا أرحم الراحمين، فيقبض قبضة من النار فيخرج منها قوما لم يعملوا خيرا قط “
– الشفاعة لرفع درجة المؤمنين في الجنة، ودليلها ما رواه مسلم رحمه الله عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه دعــا لأبي سلمة فقال: ” اللّهمّ اغفر لأبي سلمة وارفع درجته في المهديّين، واخلفه في عقبه في الغابرين واغفر لنا وله يا ربّ العالمين، وأفسح له في قبره، ونوّر له فيه”
الآيات القرآنية التي ذكرت الشفاعة
إليكم بعض الآيات القرآنية التي وردة فيها الشفاعة :
قال تعالى ” يَوْمَئِذٍ لَّا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَٰنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا ” سورة
قال تعالى “اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ۚ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ ۚ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ ۚ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ ۖ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ ۚ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ۖ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا ۚ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ” سورة البقرة الآية 255
قال تعالى ” يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَىٰ وَهُم مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ”
قال تعالى ” كُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ * حَتَّىٰ أَتَانَا الْيَقِينُ * فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ ” سورة المدثر الآية 46-48
قال تعالى ” وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَىٰ أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا” سورة الإسراء الآية 79 ، ويقصد بالمقام المحمود هنا الشفاعة الكبرى.