نزل القرآن الكريم على الرسول صلّ الله عليه وسلم ليُخرج الناس من الظلمات إلى النور ؛ حيث ورد في 114 سورة قرآنية ، ولكل سورة اسم وهدف ، وكانت سورة التوبة من أواخر ما نزل من القران الكريم ، وهي السورة الوحيدة التي لا تبدأ بالبسملة أي لا يقال في أولها “بسم الله الرحمن الرحيم” ؛ بل يكتفي القارئ بالاستعاذة من الشيطان الرجيم ، وقد تحدثت هذه السورة عن أحوال المنافقين المتخلفين عن القتال مع الرسول صلى الله عليه وسلم ، وهناك العديد من الدروس المستفادة من هذه السورة الكريمة.

سورة التوبة

عُرفت سورة التوبة بعدة أسماء منها سورة براءة و سورة العذاب ، وهي من السور المدنية ، وقد جاء وحيها في العام التاسع من الهجرة ، وتُعتبر من أواخر السور التي نزلت على الرسول صلى الله عليه وسلم ، وقد جاءت وقت خروجه لقتال الروم ؛ فكشف الله تعالى من خلالها أحوال الذين تخلفوا عن القتال في غزوة تبوك وكيف تابوا إلى الله ؛ ولذلك سُميت هذه السورة باسم التوبة ، كما ذكر فيها الله تعالى مكائد المنافقين وأحوالهم.

وهناك عدة تفسيرات تحدثت عن سبب عدم ذكر البسملة في بداية سورة التوبة ، ومن أبرزها ما ورد عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله : سألتُ عليَّ بنَ أبي طالبٍ لِمَ لَمْ تُكْتَبْ في بَراءةَ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ  ، فقال : لأنَّ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ أمانٌ ، وبراءةُ أُنزِلَت بالسَّيفِ ، ليسَ فيها أمانٌ” ، حيث أن العرب اعتادوا إرسال الرسائل الخالية من البسملة إذا كانت لإنهاء هدنة معينة مع أحد القبائل ، وقد جاءت سورة التوبة من أجل نقض المعاهدة بين الرسول صلى الله عليه وسلم والمشركين ؛ حيث نزلت بالدعوة إلى الجهاد ، وقد أرسلها النبي صلى الله عليه وسلم إلى المشركين مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، فقرأها عليهم دون بسملة ليؤكد أن العهد بينهم قد انتهى.

الدروس المستفادة من سورة التوبة

تحتوي سورة التوبة على العديد من المواعظ والدروس المستفادة ، ومنها :

جاءت سورة التوبة بهدفين رئيسيين وهما بيان القانون الإسلامي في التعامل مع المشركين ؛ وإظهار نفوسهم على حقيقتها حينما استنفرهم الرسول صلى الله عليه وسلم للقتال ، وقد أوضحت السورة الصفات البذيئة للمشركين ؛ حيث أنهم نقضوا عهدهم مع المسلمين وتآمروا مع اليهود من أجل محاربتهم ، لذلك جاءت السورة لترد عليهم وتنقض العهد في قوله تعالى ” بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ “.

لقد كشف الله القناع عن المنافقين وخفايا نفوسهم التي تنطوي على الخبث والغدر والمكر ، لذلك أمر الله بقتالهم حيث ذكرت السورة آخر غزوات الرسول وهي غزوة تبوك ، وقد أعطت صورة تحليلية للمجتمع الذي بدأ بالنصر وانتهى بالتمكين

تحث السورة على التوبة والرجوع إلى الله لأن رحمته وسعت كل شيء ، وذلك حينما ذكر الله تعالى قصة الثلاثة الذين تخلفوا عن القتال مع المسلمين وكيف تاب الله عليهم ، وذلك في قوله تعالى “وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّىٰ إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَن لَّا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ” ، وتؤكد السورة في العديد من المواضع على التوبة وأهميتها

لقد جاءت سورة التوبة بدروس عظيمة للمؤمنين توضح لهم كيفية التعامل مع هؤلاء المشركين والمنافقين ، ووجوب الامتثال لأوامر الله تعالى وعدم التخلف عن قتالهم ، كما أكدت على معنى التوبة والرجوع إلى الله بقلب سليم دون تردد.