الحديث الموضوع أو المكذوب في علم الحديث، هو المختلق المصنوع ، الذي ينسب إلى رسول الله محمد كذبًا وليس له صلة حقيقية بالنبي وليس من حديثه، لكنهم سموه حديثا بالنظر إلى زعم راويه.
وقد دخلت العديد من الأحاديث الموضوعة إلى الأحاديث النبوية فكان على العلماء المسلمين تمحيصها والرد عليها، واشتهر الإمام مسلم والإمام البخاري بجهودهما من أجل جمع الأحاديث وفرز الصحيح منها بغير الصحيح.
أصناف الوضاعين
أولا - الزنادقة الذين يريدون إفساد عقيدة المسلمين، وتشويه الإسلام، وتغيير أحكامه مثل: محمد بن سعيد المصلوب الذي قتله أبو جعفر المنصور، وضع حديثا عن أنس مرفوعا: "أنا خاتم النبيين لا نبي بعدي إلا أن يشاء الله".
ومثل عبد الكريم بن أبي العوجاء الذي قتله أحد الأمراء العباسيين في البصرة، وقال حين قدم للقتل: لقد وضعت فيكم أربعة آلاف حديث، أحرم فيها الحلال، وأحلل فيها الحرام.
وقد قيل: إن الزنادقة وضعوا على رسول الله - - أربعة عشر ألف حديث.
ثانيا - المتزلفون إلى الخلفاء والأمراء: مثل غياث بن إبراهيم دخل على المهدي، وهو يلعب بالحمام فقيل له: حدث أمير المؤمنين! فساق سندا وضع به حديثا على النبي - - أنه قال: (لا سبق إلا في خف أو نصل أو حافر أو جناح) فقال المهدي: أنا حملته على ذلك! ثم ترك الحمام، وأمر بذبحها.
ثالثا - المتزلفون إلى العامة بذكر الغرائب ترغيبا، أو ترهيبا، أو التماسا لمال، أو جاه مثل: القصاص الذين يتكلمون في المساجد والمجتمعات بما يثير الدهشة من غرائب.
وأعظمهم ضررا قوم من المنسوبين إلى الزهد، وضعوا الحديث احتسابا فيما زعموا، فتقبل الناس موضوعاتهم ثقة منهم بهم وركونا إليهم. ثم نهضت جهابذة الحديث بكشف عوارها ومحو عارها، والحمد لله. وفيما رويناه عن الإمام أبي بكر السمعاني: أن بعض الكرامية ذهب إلى جواز وضع الحديث في باب الترغيب والترهيب.
حكم الحديث الموضوع
وهو المردود، ولا يجوز ذكره إلا مقرونا ببيان وضعه؛ للتحذير منه؛ لقول الرسول عليه الصلاة والسلام: (من حدث عني بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين).
واعلم أن الحديث الموضوع شر الأحاديث الضعيفة، ولا تحل روايته لأحد علم حاله في أي معنى كان، إلا مقرونا ببيان وضعه. بخلاف غيره من الأحاديث الضعيفة التي يحتمل صدقها في الباطن، حيث جاز روايتها في الترغيب والترهيب.
وإنما يعرف كون الحديث بإقرار واضعه، أو ما يتنزل منزلة إقراره. وقد يفهمون الوضع من قرينة حال الراوي أو المروي، فقد وضعت أحاديث طويلة يشهد بوضعها ركاكة ألفاظها.
ولقد أكثر الذي جمع في هذا العصر الموضوعات في نحو مجلدين، فأودع فيها كثيرا مما لا دليل على وضعه، وإنما حقه أن يذكر في مطلق الأحاديث الضعيفة.
أمثلة حديث الموضوع
مثال: روينا عن أبي عصمة - وهو نوح بن أبي مريم - أنه قيل له: من أين لك عن عكرمة، عن أبي عباس في فضائل القرآن سورة سورة؟ فقال: إني رأيت الناس قد أعرضوا عن القرآن، واشتغلوا بفقه أبي حنيفة ومغازي محمد بن اسحاق، فوضعت هذه الأحاديث حسبة.
وهكذا حال الحديث الطويل الذي يروى عن أبي كعب، عن النبي محمد في فضل القرآن سورة فسورة. بحث باحث عن مخرجه، حتى انتهى إلى من اعترف بأنه وجماعة وضعوه، وإن أثر الوضع ليس عليه، وإنما له !! ولقد أخطأ الواحدي المفسر، ومن ذكره من المفسرين، في إيداعه تفاسيرهم، والله أعلم.
أسماء الوضاعين
- إسحاق بن نجيح الملطي
- مأمون بن أحمد الهروي
- محمد بن السائب الكلبي
- المغيرة بن سعيد الكوفي
- مقاتل بن سليمان
- الواقدي بن أبي يحيى
أمور كلية يُعرف بها كون الحديث موضوعًا
- اشتماله على أمثال هذه المجازفات التي لا يقول مثلها رسول الله وهي كثيرة جدًا. كقوله في الحديث المكذوب: (من قال لا إله إلا الله: خلق الله من تلك الكلمة طائرًا له سبعون ألف لسان، لكل لسان سبعون ألف لغة يستغفرون الله له. ومن فعل كذا وكذا أعطى في الجنة سبعين ألف مدينة، في كل مدينة سبعون ألف قصر، في كل قصر سبعون ألف حوراء).
- تكذيب الحس له، كحديث: (الباذنجان لما أكل له) و(الباذنجان شفاء من كل داء).
- سماجة الحديث، وكونه مما يسخر منه، كحديث: (لو كان الأرز رجلا لكان حليمًا، ما أكله جائع إلا أشبعه).
- مناقضة الحديث لما جاءت به السنة الصريحة مناقضة بينة فكل حديث يشتمل على فساد أو ظلم، أو عبث، أو مدح باطل، أو ذم حق، أو نحو ذلك. كأحاديث مدح من اسمه محمد أو أحمد، وأن كل من يسمى بهذه الأسماء لا يدخل النار.
- أن يدعي على النبي أنه فعل أمرًا ظاهرًا بمحضر من الصحابة كلهم، وأنهم اتفقوا على كتمانه، ولم ينقلوه. كحديث: (أنه أخذ بيد علي بن أبي طالب رضي الله عنه بمحضر من الصحابة كلهم، وهم راجعون من حجة الوداع، فأقامه بينهم حتى عرفه الجميع، ثم قال: "هذا وصيي وأخي، والخليفة من بعدي، فاسمعوا له وأطيعوا") ثم اتفق الكل على كتمان ذلك وتغييره ومخالفته.
- أن يكون الحديث باطلًا في نفسه، فيدل بطلانه على أنه ليس من كلام الرسول . كحديث: (المجرة التي في السماء من عرق الأفعى التي تحت العرش).
- أن يكون كلامه لا يشبه كلام الأنبياء، فضلا عن كلام رسول الله ، الذي هو وحي يوحى. كحديث: (ثلاثة تزيد في البصر: النظرة إلى الخضرة والماء الجاري، والوجه الحسن).
- أن يكون الحديث مما تقوم الشواهد الصحيحة على بطلانه.
- مخالفة الحديث صريح القرآن. كحديث مقدار الدنيا: (وأنها سبعة آلاف سنة ونحن في الألف السابعة).
- ركاكة ألفاظ الحديث وسماجتها بحيث يمجها السمع، ويدفعها الطبع، ويسمج معناها للفطن. كحديث: (أربع لا تشبع من أربع: أنثى من ذكر، وأرض من مطر، وعين من نظر، وأذن من خبر).
- أحاديث ذم الحبشة والسودان، كلها كذب.
- أحاديث ذم الترك، وأحاديث ذم الخصيان، وأحاديث ذم المماليك.
المراجع
- صحيح مسلم - كتاب المقدمة - باب وجوب الرواية عن الثقات وترك الكذابين
- المنار المنيف في الصحيح والضعيف