إن الأجرام السماوية هي جزء من عظمة الله وآياته البديعة في الكون ، لقد خلق الله سبحانه وتعالى تلك الأجسام المادية في الغلاف الجوي ، وأورد ذكرها في القرآن الكريم في مجموعة من السور والآيات الكريمة ، ومن السور التي حملت أسماء تلك المعجزات سورة الشمس وسورة القمر وسورة النجم ، وهناك من الآيات المباركات ما أقسم الله فيها بتلك الأجسام ، وذلك ليؤكد سبحانه وتعالى عظمة القسم والمقسوم عليه ، ومما ورد في ذلك القسم بالسماء والطارق والنجم الثاقب في سورة الطارق.
ما هو النجم الثاقب
تفسيرات بعض العلماء عن معنى النجم الثاقب
يقول المولى عزّ وجل في بداية سورة الطارق “وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ (2) النَّجْمُ الثَّاقِبُ (3)” ، وقد بدأ الله عزّ وجل السورة بقسمه المعظم بالسماء والطارق ، والسماء واضحة لجميع البشر ، بينما جاء الله سبحانه وتعالى بتعظيم الطارق في الآية الثانية ، ثم جاءت الآية الثالثة لتعريف ماهية هذا الطارق ، والذي قال عنه الله سبحانه وتعالى بأنه النجم الثاقب ، وقد حدث اختلاف في تفسير معنى النجم الثاقب ، وورد معنى هذا النجم في كتب التفسير بمعنى أنه نجم يمتلك ضوء قوي ساطع والذي يمكنه من ثقب أو اختراق السماء بنوره ؛ حتى يرى هذا النور من يعيش على سطح الأرض.
وقد تحدث العلماء عن النجم الثاقب موضحين أنه اسم جنس يشير إلى جميع النجوم المضيئة المتلألئة في السماء ؛ حيث أنهم يرون بأنه ليس اسم يختص بنجم واحد على وجه التحديد ، وقد ورد في تفسير القسم بالنجم الثاقب للدلالة على عظمة الخالق سبحانه وتعالى الذي خلق السماء والنجوم ؛ حيث أن هذه النجوم لطالما أبهرت الناس ، وهو ما جعل البعض يعبدها من دون الله تعالى ، ولذلك جاء القسم بها ليوضح مدى قدرة الله تعالى على خلق تلك النجوم العظيمة وغيرها.
تفسيرات العلم الحديث والإعجاز العلمي في النجم الثاقب
والباحثون من علماء العصر الحديث قد تحدثوا عن الأوجه الموجودة في الإعجاز العلمي في القرآن الكريم فيما يختص بالنجوم ؛ حيث أوضحوا بأن النجم النيتروني أو النباض أو تلك النجوم المعروفة في علم الفلك ؛ إنما هي نجوم تقوم بالدوران حول محورها بسرعة فائقة للغاية ، كما تقوم بإصدار موجات راديو والتي تتحول إلى موجات صوتية مسموعة ، وتكون تلك الموجات شبيهة بصوت المطارق ، ولذلك يرى هؤلاء العلماء أن المقصود بالنجم الطارق هي هذه النجوم ؛ حيث أن من صفات هذه النجوم أيضًا إصدار إشعاع ضوئي يكون ثاقبًا للسماوات ، وهو ما يتماشى مع وصفه النجم الطارق بالثاقب.
لقد اجتهد العلماء في التأكيد على وجود الأصوات الصادرة من النجوم التي تدور حول محورها ؛ حيث أنهم قاموا بتسجيل تلك الأصوات وتم عرضها على المواقع العلمية ، ويطلق العلماء عليها اسم النجوم النابضة ، ولكنهم اكتشفوا أن هذه التسمية لا تبدو دقيقة ، وأطلقوا عليها اسم المطارق أو المطرقة ؛ حيث عُرفت باسم المطارق العملاقة ؛ حيث أن الصوت الصادر يشبه صوت المطرقة تمامًا ، ويؤكد العلماء كذلك أن هذه النجوم تقوم ببث إشعاعات تُعتبر الألمع من نوعها ؛ حيث أنها تقوم بإصدار أشعة تبهر الأنظار ، ولذلك وصفه الله تعالى بأنه نجم “ثاقب”.
وأوضح العلماء أن المعنى المقصود بالنجم الثاقب هو ثقب واختراق أي شيء يصادفه ، لدرجة اختراق الكرة الأرضية بالكامل من قِبل الموجات الصادرة عن هذه النجوم النيوترونية أو المعروفة باسم المطارق الكونية ، ومن هنا يتجلى الإعجاز العلمي الصادر في قوله تعالى ” النَّجْمُ الثَّاقِبُ” ؛ حيث تبين بأنه أدق وصف يمكن أن يصف هذه النجوم التي تصدر الطرقات والموجات بدقة شديدة ، ولذلك اقسم بها الله تعالى ليؤكد مدى قدرته سبحانه على خلق مثل هذه المعجزات الكونية وقدرته على خلق الغيبيات ايضًا.