قال الله تعالى في سورة الفرقان في الآية رقم واحد وستون (تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُّنِيرًا)، وفيما يلي تفسير الآية الكريمة.
تفسير قول الله تعالى ” تبارك الذي جعل في السماء بروجا ” :
– تفسر الطبري : فسر الطبري قوله تعالى ” تبارك الذي جعل في السماء بروجا “، حيث قيل عن عطية بن سعد في قوله تعالى : ( تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا ) قال: (قصورا في السماء، فيها الحرس)، قيل عن يحيى بن رافع في قوله : ( تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا ) قال: (قصورا في السماء)، وقيل عن إبراهيم في قوله تعالى ( جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا ) قال : (قصورًا في السماء)، وقيل عن أبي صالح في قوله تعالى (تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا) قال : (قصورا في السماء فيها الحرس).
وقد قال آخرون عن هذه الآية أنها تعنى النجوم الكبار، وقد ذكر عن ذلك حيث قال أبي صالح في قوله تعالى (تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا) قال : النجوم الكبار، وقيل عن مجاهد : (الكواكب)، وقيل عن قتادة في قوله تعالى : ( بُرُوجًا ) قال: (البروج : النجوم)، وقال أبو جعفر : وأولى القولين في ذلك بالصواب قول من قال: هي قصور في السماء لأن ذلك في كلام العرب وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ وقول الأخطل :
كَأَنَّهَــا بُــرْجُ رُومــيّ يُشَــيِّدُهُ
بــانٍ بِجِــصّ وآجُــر وأحْجـارِ
– تفسير السعدي : فسر السعدي قوله تعالى (تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا )، وقد تم تكرر كلمة تبارك في هذه السورة الكريمة ثلاث مرات لأن تدل على عظمة الباري وكثرة أوصافه، وكثرة خيراته وإحسانه، وتستدل من خلال هذه السورة على عظمة ووسعة سلطان الله تعالى ونفوذ مشيئته، وقد قال الحسن في تكرار هذا الوصف في قوله تعالى (تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا) : (وهي النجوم عمومها أو منازل الشمس والقمر التي تنزل منزلة وهي بمنزلة البروج والقلاع للمدن في حفظها، كذلك النجوم بمنزلة البروج المجهولة للحراسة فإنها رجوم للشياطين).
وقد فسر السعدي قوله تعالى (وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا ) أنها تعني النور والحرارة : والشمس، وفسر قوله تعالى (وَقَمَرًا مُنِيرًا) : (فيه النور لا الحرارة وهذا من أدلة عظمته، وكثرة إحسانه، فإن ما فيها من الخلق الباهر والتدبير المنتظم والجمال العظيم دال على عظمة خالقها في أوصافه كلها، وما فيها من المصالح للخلق والمنافع دليل على كثرة خيراته).
تفسير الوسيط لطنطاوي : فسر قوله تعالى (َبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُّنِيرًا)، حيث رد الله تعالى على التطاول والجهل بما يدل على عظيم قدرته عز وجل فقال تعالى: تَبارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّماءِ بُرُوجاً وَجعل فِيها سِراجاً وَقَمَراً مُنِيراً، والبروج هي جمع برج، وتعني القصور العالية، ويؤكد ذلك قوله تعالى (أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ)، ولكنها تعني في الآية الكريمة الكواكب السيارة ومداراتها الفلكية وعددها اثنا عشر منزلا، وسميت بالبروج لأنها كالمنازل لساكنيها.
وقوله تعالى (السراج) : الشمس، وذلك على حسب قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً، وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِراجاً)، وأن الله تعالي هو الذي جعل في السماء بروجا وجعل فيها في السماء سراجا وهي تعني الشمس، وقوله تعالى (وجعل فيها قمرا منيرا) أي : قمرا يسطع نوره على الأرض المظلمة، فيبعث فيها النور الهادي اللطيف.
تفسير بن كثير : فسرتفسير الايات