امرؤ القيس ، عرف امرؤ القيس بأنه من أشهر شعراء الجاهلية واسمه امرؤ القيس بن حجر بن الحارث بن عمرو بن حجر بن عمرو بن معاوية بن الحارث الأكبر، وهو من قبيلة يمنية تسمى كندة، نشأ في بيت عز وجاه، وتميز امرؤ القيس منذ صغره بذكائه وسعة خياله، وعندما أصبح شابا بدأ في إنشاد الشعر للتعبير عن عواطفه وأحلامه، وأصبح مهتما بالنساء ويقدم أشعار ماجنة، فطرده أبوه، وكان يتجول في أحياء العرب، وبعد فترة جاءه نعي أبيه فقال مقولته الشهيرة ” ضيعني أبي صغيرا، وحمّلني دمه كبيرا”.

وذهب للسعي وراء أخذ ثأر أبيه من قبيلة بني أسد التي قتلته ، ظل امرؤ القيس يتنقل بين القبائل سعيا لأخذ ثأر أبيه، ووقع في حب ابنة قيصر القسطنطينية، وعندما وصل الخبر إلى القيصر أرسلة له حلّة مسمومة اصابته بقروح عديدة سمي بعدها بذي القروح، توفي امرؤ القيس بعدها.

اجمل ابيات امرؤ القيس

قدم امرؤ القيس العديد من الأشعار التي تعتبر نتاجا عظيما توارثته الأجيال، فظل عالقا منذ القدم في عقول الناس وسيظل عالقا على مدار الأعوام القادمة، عرف عنه أنه لم يكن في بداية حياته مهتماً بالسلطة والحكم، بل كان شديد الاهتمام بالشعر يصور به عواطفه وأحلامه وزاد حبه للشعر بتعلقه بالنساء، جمع امرؤ القيس بين رقة الحب والغزل وبين خشونة الثأر والدم والقتل، وصنفه النقّاد في الطبة الأولى من فحول شعراء الجاهلية، وقالوا عنه أنه أول من وقف على الأطلال وبكى واستبكى.

كان امرؤ القيس من أشهر شعراء الجاهلية وأهمهم، نظرا لكثرة المعلقات الهامة التي كتبها والتي أحدثت صيتا واسعا في تلك الفترة، وله العديد من الأبيات الرائعة التي اشتهر بها والتي من بينها :

قِفا نَبكِ مِن ذِكرى حَبيبٍ وَمَنزِلِ           بِسِقطِ اللِوى بَينَ الدَخولِ فَحَومَلِ
فَتوضِحَ فَالمِقراةِ لَم يَعفُ رَسمُها          لِما نَسَجَتها مِن جَنوبٍ وَشَمأَلِ
تَرى بَعَرَ الآرامِ في عَرَصاتِها                وَقيعانِها كَأَنَّهُ حَبُّ فُلفُلِ
كَأَنّي غَداةَ البَينِ يَومَ تَحَمَّلوا              لَدى سَمُراتِ الحَيِّ ناقِفُ حَنظَلِ
وُقوفاً بِها صَحبي عَلَيَّ مَطِيّهُم            يَقولونَ لا تَهلِكْ أَسىً وَتَجَمَّلِ
وَإِنَّ شِفائِي عَبرَةٌ مَهَراقَةٌ                  فَهَل عِندَ رَسمٍ دارِسٍ مِن مُعَوَّلِ
كَدَأبِكَ مِن أُمِّ الحُوَيرِثِ قَبلَهُ                وَجارَتِها أُمِّ الرَبابِ بِمَأسَلِ
فَفاضَت دُموعُ العَينِ مِنّي صَبابَةً          عَلى النَحرِ حَتّى بَلَّ دَمعِيَ مِحمَلي
أَلا رُبَّ يَومٍ لَكَ مِنهُنَّ صالِحٌ                 وَلا سِيَّما يَومٍ بِدارَةِ جُلجُلِ
وَيَومَ عَقَرتُ لِلعَذارى مَطِيَّتي              فَيا عَجَبًا مِن كورِها المُتَحَمَّلِ
فَظَلَّ العَذارى يَرتَمينَ بِلَحمِهِ               وَشَحمٍ كَهُدّابِ الدِمَقسِ المُفَتَّلِ
وَيَومَ دَخَلتُ الخِدرَ، خِدرَ عُنَيزَةٍ             فَقالَتْ لَكَ الوَيلاتُ إِنَّكَ مُرجِلي
تَقولُ وَقَد مالَ الغَبيطُ بِنا مَعًا              عَقَرتَ بَعيري يا اِمرَأَ القَيسِ فَاِنزُلِ

وأيضا قصيدته التي عبر خلالها عن تحية الطلل البالي فقال :

أَلا عِمْ صَباحًا أَيُّها الطَلَلُ البالِي            وَهَلْ يَعِمَن مَنْ كانَ فِي العُصُرِ الخَالي؟
وَهَل يَعِمَنْ إِلّا سَعيدٌ مُخَلَّدٌ                    قَليلُ الهُمومِ ما يَبيتُ بِأَوجالِ؟
وَهَل يَعِمَن مَنْ كانَ أَحدَثُ عَهدِهِ             ثَلاثينَ شَهرًا في ثَلاثَةِ أَحوالِ؟
دِيارٌ لِسَلمَى عافِياتٌ بِذي خالِ               أَلَحَّ عَلَيها كُلُّ أَسحَمَ هَطّالِ
وَتَحسِبُ سَلمى لا نَزالُ كَعَهدِنا             بِوادي الخُزامى أَو عَلى رَسِ أَوعالِ
لَيالِيَ سَلمى إِذ تُريكَ مُنَصَّبًا                وَجِيدًا كَجيدِ الرِئمِ لَيسَ بِمِعطالِ
أَلا زَعَمَتْ بَسباسَةُ اليَومَ أَنَّني              كَبِرتُ وَأَنْ لا يُحسِنَ اللَهوَ أَمثالي
كَذَبتِ لَقَد أَصبى عَلى المَرءِ عِرسُهُ        وَأَمنَعُ عِرسي أَن يُزَنَّ بِها الخالي
وَيا رُبَّ يَومٍ قَد لَهَوتُ وَلَيلَةٍ                     بِآنِسَةٍ كَأَنَّها خَطُّ تِمثالِ
يُضيءُ الفِراشُ وَجهَها لِضَجيعِهِ               كَمِصباحِ زَيتٍ في قَناديلِ ذَبّالِ

ومن ضمن أبياته الجميلة أيضا :

قِفا نَبكِ مِن ذِكرى حَبيبٍ وَعِرفانِ              وَرَسمٍ عَفَت آياتُهُ مُنذُ أَزمانِ
أَتَتْ حُجَجٌ بَعدي عَلَيها فَأَصبَحَت               كَخَطِّ زَبورٍ في مَصاحِفِ رُهبانِ
ذَكَرتُ بِها الحَيَّ الجَميعَ فَهَيَّجَتْ               عَقابيلَ سُقمٍ مِن ضَميرٍ وَأَشجانِ
فَسَحَّت دُموعِي في الرِداءِ كَأَنَّهُ               كُلًى مِن شُعَيبٍ ذاتُ سَحٍّ وَتَهتانِ
إِذا المَرءُ لَم يَخزُنْ عَلَيهِ لِسانَهُ                 فَلَيسَ عَلى شَيءٍ سِواهُ بِخَزّانِ
فَإِمّا تَرَيني في رِحالَةِ جابِرٍ                      عَلى حَرَجٍ كَالقَرِّ تَخفُقُ أَكفاني
فَيا رُبَّ مَكروبٍ كَرَرتُ وَراءَهُ                       وَعانٍ فَكَكْتُ الغُلَّ عَنهُ فَفَدّاني
وَفِتيانِ صِدقٍ قَد بَعَثتُ بِسُحرَةٍ                  فَقاموا جَميعًا بَينَ عاثٍ وَنَشوانِ
وَخَرقٍ بَعيدٍ قَد قَطَعتُ نِياطَهُ                     عَلى ذاتِ لَوثٍ سَهوَةِ المَشيِ مِذعانِ
وَغَيثٍ كَأَلوانِ الفَنا قَد هَبَطتُهُ                   تَعاوَرُ فيهِ كُلُّ أَوطَفَ حَنّانِ
عَلى هَيكَلٍ يُعطيكَ قَبلَ سُؤالِهِ                 أَفانينَ جَريٍ غَيرَ كَزٍّ وَلا وانِ

شعر امرؤ القيس

اتصف شعر امرؤ القيس بوصف حياته وتاريخ قومه، فقد كان مبدعاً في خلق المعاني والتعابير الشعرية الجديدة، وكان من أوائل من فتحوا باب الشعر الغزلي، وأكثر من استخدام التشبيهات وخاصة في شعر غزل النساء، وكان لترحاله الكثير الأثر الواضح في سعة خياله في أشعاره، وله العديد من القصائد التي لاقت صدى واسع في وقته، ومازالت إلى الآن، ومن بينها معلقته الشهيرة التي نظمها في غزل ابنة عمه عنيزة، وقال في مطلعها ” قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل بسقط اللوى بين الدخول”.