محتويات

معلقة امرؤ القيس، أحد قصائد الشعر العربي القديم ، وهي من أشهر المعلقات الأدبية ، وكتبت في القرن السادس الميلادي ، ويصل عدد أبياتها إلى 91 بيتًا ، وتضم القصيدة غزل ووقوف على الأطلال ، ووصف للفرس ووصف لليل ووصف لرحلة صيد .

توضيح وشرح معلقة امرؤ القيس بالتفصيل

شرح قَفَاَ نَبْكِ مِنْ ذِكُرَى حَبِيبٍ وَمَنْزِلِ

قَفَاَ نَبْكِ مِنْ ذِكُرَى حَبِيبٍ وَمَنْزِلِ
بِسِقْطِ اللِّوَى بَيْنَ الدَّخُولِ فَحَوْ مَلِ

فَتُوِضحَ فَاْلِمقْرَاةِ لَمْ يَعْفُ رَسْمُهَا
لِمَا نَسَجَتْهَا مِنْ جَنُوبٍ وَشَمْأَلِ

تَرى بَعَرَ الآرْآمِ فِي عَرَضَاتِها
وقِيعانِها كَأَنَّهُ حَبُّ فُلْفُلِ

يقول : أيها الرفيقان قفا وأعيناني على البكاء ، فإنني أرى منزل الحبيب ، حيث يقع بين الدخول وحومل ، ومن حقه علينا أن نقف ونذرف الدموع وفاء لذكراه.

شرح كَأَنِّي غَدَاةَ الْبَيْنِ يَوْمَ تَحَمَّلُوا

كَأَنِّي غَدَاةَ الْبَيْنِ يَوْمَ تَحَمَّلُوا
لَدَى سَمُراتِ الَحْيِّ نَاقِف حَنْظَلِ

و قفت ساعة رحيلهم أبكي كأني أنقف حنظلة بظفري لأستخرج منها حبها ، حيث شبه نفسه بناقف الحنظل ، حيث يتميز الحنظل بمرارته ، فيجد أثر ذلك في حلقه و أنفه و عينيه فيكون في أسوأ حال .

 

شرح وُقُوفاً بِهَا صَحْبي عَلَيَّ مَطِيَّهُمْ

وُقُوفاً بِهَا صَحْبي عَلَيَّ مَطِيَّهُمْ
يقُولُونَ: لا تَهلِكْ أَسىً وَتَجَمَّلِ

ونصحه أصدقائه  قائلين له لا تهلك من فرط الحزن و شدة الجزع ، و تجمل بالصبر و أظهر للناس خلاف ما في قلبك من الحزن و الجزع .

شرح وإِنَّ شِفَائِي عَبْرَةٌ مُهْراقَةٌ

وإِنَّ شِفَائِي عَبْرَةٌ مُهْراقَةٌ
فَهَلْ عِنْدَ رَسْمٍ دَارِسٍ مِنْ مُعَوَّلِ

كَدَأْبِكَ مِنْ أُمِّ الْحَوْ يرِثِ قَبْلَها
وَجَارَتِها أُمِّ الرِّبابِ بِمَأْسَلِ

إِذَا قَامَتا تَضَوَّعَ المِسْكُ مِنْهُمَا
نَسِيمَ الْصِّبَا جَاءَتْ بِرَيَّا الْقَرَنْفُلِ

شبه طيب رائحتهما بطيب نسيم هبّ على قرنفل وزاح رائحته العطرة .

شرح فَفَاضَتْ دُمُوعُ الْعَيْنِ مِنِّي صَبَابَةً

فَفَاضَتْ دُمُوعُ الْعَيْنِ مِنِّي صَبَابَةً
عَلى الْنَّحْرِ حَتَّى بَلَّ دَمْعِي محْمَليِ

يقول: فسالت دموع عيني من فرط وجدي بهما ، وشدة حنيني إليهما حتى بلّ دمعي حمالة سيفي.

شرح أَلا رُبَّ يَوْمٍ لَكَ مِنْهُنَّ صَالِحٍ

أَلا رُبَّ يَوْمٍ لَكَ مِنْهُنَّ صَالِحٍ
وَلا سِيمَّا يَوْمٍ بِدَارَةِ جُلْجُلِ

وَيَوْمَ عَقَرْتُ لِلْعَذَارَى مَطِيِّتي
فَيَا عَجَباً مِنْ كُورِهَا الُمتَحَمَّلِ

فَظَلَّ الْعَذَارَى يَرْتِمَينَ بِلَحْمِهَا
وَشَحْمٍ كهُدَّابِ الدِّمَقْسِ الُمَفَّتلِ

وَيَوْمَ دَخَلْتُ الْخِدْرِ خَدْرَ عُنَيْزَةٍ
فَقَالَتْ لَكَ الْوَيْلاتُ إِنَّكَ مُرْجِلي

تَقُولُ وَقَدْ مَالَ الْغَبِيط بِنَامَعاً
عَقَرْتَ بَعيري يَا امْرأَ القَيْسِ فَانْزِلِ

يقول: ويوم دخلت هودج عنيزة فدعت عليّ ، وكانت هذه المرأة تقول لي في حال إمالة : قد أملت ظهر بعيري فانزل عن البعير .

شرح فَقُلْتُ لَهَا سِيري وأرْخِي زِمَامَهُ

فَقُلْتُ لَهَا سِيري وأرْخِي زِمَامَهُ
وَلا تُبْعِدِيني مِنْ جَنَاكِ اُلْمعَلَّلِ

فَمِثْلِكِ حُبْلَى قَدْ طَرَقْتُ وَمُرْضِعٍ
فَأَلهيْتُهَا عَنْ ذِي تَمائِمَ مُحْوِلِ

إِذا ما بَكى مَنْ خَلْفِها انْصَرَفَتْ لهُ
بِشِقٍّ وَتحْتي شِقّها لم يُحَوَّلِ

وَيَوْماً على ظَهْرِ الْكَثيبِ تَعَذَّرَتْ
عَليَّ وَآلَتْ حَلْفَةً لم تَحَلَّلِ

يقول: وقد تشددت العشيقة والْتَوت، وساءت عشرتها يومًا على ظهر الكثيب المعروف ، وحلفت حلفًا لم تستثن فيه أنها تصارمني وتهاجرني .

شرح وَما ذَرَفَتْ عَيْناكِ إِلا لِتضرِبي

وَما ذَرَفَتْ عَيْناكِ إِلا لِتضرِبي
بِسَهْمَيْكِ في أَعْشارِ قلْبٍ مُقَتَّلِ

وكَشْحٍ لطيفٍ كالجديل مُخَصَّرٍ
وَسآَقٍ كاْنبوبِ السَّقيّ الُمذَلَّلِ

وتضحي فتيتُ المِسكِ فوقَ فراشها
نؤُومَ الضُّحى لم تَنْتُطِقْ عن تفضُّل

أَلا رُبَّ خصْمٍ فيكِ أَلْوَى رَدَدْتُه
نصيحٍ على تَعذا لهِ غيرِ مُؤتَلِ

وَليلٍ كمَوْجِ الْبَحْرِ أَرْخَى سُدو لَهُ
عليَّ بأَنْواعِ الُهمُومِ ليبْتَلي

في كثير من الليالي أكون منفرداً لا أنيس معي ، عندما يظلم الليل و يرخي ظلامه الحالك علي و على الكون ، ليرى ما عندي من الشجاعة و الجرأة و عدم الخوف .

شرح فَقلْتُ لَهُ لَّما تَمَطَّى بصُلْبِهِ

فَقلْتُ لَهُ لَّما تَمَطَّى بصُلْبِهِ
وَأَرْدَفَ أَعْجَازاً وَناءَ بكَلْكَلِ

قلت لليل لما أفرط طوله و أمتد آخره و نهض بجهد و مشقة ، و هذا كله كناية عن مقاساة الأحزان و الشدائد و السهر المتولد منها لأن المغموم يستطيل ليله .

شرح أَلا أَيُّها الَّليْلُ الطَّويلُ أَلا انْجَلي

أَلا أَيُّها الَّليْلُ الطَّويلُ أَلا انْجَلي
بصُبْحٍ وما الإِصْباحُ مِنكَ بأَمْثَل

قلت لليل لما تطاول علي و لم ينقشع ظلامه الحالك عني ، أرحل ليأتي الصباح بنوره ، مع أن الصباح ليس بأفضل منك لأنني أقاسي الهموم نهارًا وليلًا

شرح فيا لكَ مِن لَيْلٍ كأَنَّ نُجومَهُ

فيا لكَ مِن لَيْلٍ كأَنَّ نُجومَهُ
بأَمْراسِ كتَّانٍ إِلى صُمِّ جندَلِ

وَقِرْبَةِ أَقْوامٍ جَعَلْتُ عِصَامَها
على كاهِلٍ منِّي ذَلُولٍ مُرَحَّل

كِلانا إِذا ما نالَ شَيْئاً أَفاتَهُ
وَمَنْ يْحترِث حَرْثي وحَرْثَك يهزِل

وَقَدْ أَغْتَدي والطَّيُر في وُكُناتِها
بُمنْجَرِدٍ قَيْدِ الاوابِدِ هيْكلِ

كثيراً ما أذهب مبكرًا وقت كون الطير في أعشاشها ، راكب على فرس ، قصير شعره ، وسريع ركضه ، لا يفلت منه صيد ، بل يمسك بالوحوش الشاردة .

مِكَر مِفَرِّ مُقْبِلٍ مُدْبِرٍ مَعاً
كجُلْمُودِ صَخْرٍ حطَّهُ السَّيْل من عَلِ

إن هذا الفرس معتاد للحرب و صالح لجميع أحوالها من الكر و الفر و الإقبال و الإدبار ، ثم شبه سرعته و صلابة خلقه بحجر عظيم ألقاه السيل من مكان عال إلى مكان حضيض .

شرح كُمَيْتٍ يَزِل الّلبْدُ عن حالِ مَتْنِهِ

كُمَيْتٍ يَزِل الّلبْدُ عن حالِ مَتْنِهِ
كما زَلَّتِ الصَّفْواءُ بالُمَتَنِّزلِ

دَريرٍ كَخُذْروفِ الْوَليدِ أمَرَّهُ
تَتابُعُ كفّيْهِ بخيْطٍ مُوَصَّلِ

لَهُ أَيْطَلا ظَبْي وسَاقا نَعامةٍ
وَإِرْخاءُ سِرحانٍ وَتَقْرِيبُ تَتْفُلِ

وذلك الفرس له خاصرتين كخاصرتي الظبي ، و ساقين كساقي النعامة ، و سيراً كسير الذئب ، و عدواً كعدو ولد الثعلب .

شرح ضليعٍ إِذا استَدْبَرْتَهُ سَدَّ فَرْجَهُ

ضليعٍ إِذا استَدْبَرْتَهُ سَدَّ فَرْجَهُ
بضاف فُوَيْقَ الأَرْض ليس بأَعزَلِ

كأنَّ على الَمتْنَينِ منهُ إِذا انْتَحَى
مَدَاكَ عَروسٍ أَوْ صَلايَةَ حنظلِ

كأنَّ دِماءَ الهادِياتِ بِنَحْرِهِ
عُصارَةُ حِنَّاءٍ بشَيْبٍ مُرَجَّلِ

فَعَنَّ لنا سِرْبٌ كأنَّ نِعاجَهُ
عَذارَى دَوارٍ في مُلاءٍ مُذَيّلِ

وقد عرض لنا قطيع من بقر الوحش كأن إناثه نساء عذارى يطفن حول حجر منصوب ، و شبه بقر الوحش في بياضها بالعذارى لأنهن مصونات في الخدور لا يغير ألوانهن حر الشمس و غيره ، و شبه طول أذيالها و سبوغ شعرها بالملاء الطويل الذيل ، و شبه حسن مشيها بحسن تبختر العذارى في مشيهن .

شرح فأَدْبَرْنَ كالجِزْعِ المَفصَّل بَيْنَهُ

فأَدْبَرْنَ كالجِزْعِ المَفصَّل بَيْنَهُ
بِجِيدِ مُعَمِّ في الْعَشيرةِ مُخْوَلِ

فأَلحَقَنا بالهادِياتِ ودُونَهُ
جَواحِرُها في صَرَّةٍ لم تُزَيَّلِ

فَعادى عِداءً بَيْنَ ثوْرٍ وَنَعْجَةٍ
درَاكاً وَلَمْ يَنْضَحْ بِماءٍ فَيُغْسَلِ

فظَلَّ طُهاةُ اللّحْم من بَيْنِ مُنْضجِ
صَفِيفَ شِواءٍ أَوْ قَدِيرٍ مُعَجَّلِ

طباخو اللحم ، و هم الخدم أصبحوا قسمين بعضهم أحكم شواء شرائح اللحم على حجارة محماة ، و بعضهم أحكم طبخه و أجاده في قدر قد أسرع في طبخه و نضجه

شرح وَرُحْنَا يَكادُ الطّرْفُ يَقْصُر دُونَهُ

وَرُحْنَا يَكادُ الطّرْفُ يَقْصُر دُونَهُ
مَتَى مَا تَرَقَّ الْعَيْنُ فيهِ تَسَفّلِ

فَبَاتَ عَلَيْهِ سَرْجُهُ وَلِجامُهُ
وباتَ بِعَيْني قائِماً غَيْرَ مُرْسَلِ

أَصَاحِ تَرَى بَرْقاً أُرِيكَ وَمِيضَهُ
كَلمْعِ الْيَدَيْنِ فِي حَبيِّ مُكلّلِ

يضِيءُ سَنَاهُ أَوْ مَصَابِيحُ راهِبٍ
أَمَالَ السَّلِيطَ بالذُّبَالِ الُمُفَتَّلِ

لقد أمال السليط مع الذبال المفتل ، أي يريد أن يميل المصباح إلى جانبه فيكون أشد إضاءة لتلك الناحية من غيرها ، مما يشبه مصابيح الرهبان المتلألأة .

شرح قَعَدْتُ لَهُ وَصُحْبَتي بَيْنَ ضَارِجٍ

قَعَدْتُ لَهُ وَصُحْبَتي بَيْنَ ضَارِجٍ
وَبَيْنَ الْعُذَيْبِ بَعْدَ مَا مُتَأَمَّلي

على قَطَن بالشَّيْم أيْمنُ صَوْتهِ
وَأَيْسَرُهُ على الْسِّتَارِ فَيُذْبُلِ

فَأَضْحَى يَسُحُّ الْماءَ حوْلَ كُتَفْيَهٍ
يَكُبُّ على الأذْقانِ دَوْجَ الكَنَهْبَلِ

وَمَرَّ على الْقَنّانِ مِنْ نَفَيَانِهِ
فَأَنْزَلَ منْه العُصْمَ من كلّ منزِلِ

وَتَيْماءَ لَمْ يَتْرُكْ بها جِذْعَ نَخْلَةٍ
وَلا أُطُماً إِلا مَشِيداً بِجَنْدَلِ

يقول: لم يترك هذا الغيث شيئًا من جذوع النخل بقرية تيماء ، ولا شيئًا من القصور والأبنية إلا ما كان منها مرفوعًا بالصخور أو مجصصًا .

الشرح كَأَنَّ ثَبيراً فِي عَرانِينِ وَبْلهِ

كَأَنَّ ثَبيراً فِي عَرانِينِ وَبْلهِ
كَبيرُ أْنَاسٍ فِي بِجَاد مُزَمَّلِ

كَأَنَّ ذُرَى رَأْسِ الُمجَيْمِرِ غُدْوَةً
من السَّيْلِ وَالأَغْثَاءِ فَلْكَهُ مِغْزلِ

شبه استدارة هذه الأكمة بما حاط بها من الأغثاء ، باستدارة فلكة المغزل وإحاطتها بها بإحاطة المغزل.

شرح وَألْقَى بصَحراءِ الْغَبيطِ بَعاعَهُ

وَألْقَى بصَحراءِ الْغَبيطِ بَعاعَهُ
نزُولَ اليماني ذي العِيابِ المحمَّلِ

كَأَنَّ مَكاكّي الجِواءِ غُدَيَّةً
صُبِحْنَ سُلافاً من رَحيقٍ مُفَلْفَلِ

كانَّ الْسِّباعَ فِيهِ غَرْقَى عَشِيَّةً
بِأَرْجَائِهِ الْقُصْوَى أَنَابِيشُ عُنْصُلِ

كأن السباع حين غرقت في سيول هذا المطر عشيًّا أشبه بالبصل البري ، وقد شبه تلطخها بالطين والماء الكدر بأصول البصل البري ، لأنها متلطخة بالطين والتراب .